أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء العدد الثالث من مجلته الدورية " آفاق صناعية"، والذي جاء بعنوان "الانتقال إلى الثورة الصناعية الخامسة"، وتضمن العديد من مقالات الرأي لعدد من الخبراء والمتخصصين الذين أوضحوا أهمية تلك الثورة، مع التركيز على آليات تعزيز الانتقال إليها، وتوضيح مفهومها وايجابياتها، وسلبياتها، ومجالات تطبيقها، والفرق بينها وبين الثورة الصناعية الرابعة، كما استعرض العدد بعض الخبرات الدولية في مجال التحول إلى الثورة الصناعية الخامسة على رأسها تجارب الاتحاد الأوروبي واليابان، بالإضافة إلى رصد أبرز المقالات في الصحف والمجلات الأجنبية عن الثورة الصناعية الخامسة.
تناولت مقالات الرأى الواردة بالعدد الثالث من المجلة العديد من الموضوعات، تناول أحدها التحديات والفرص بأفريقيا للانتقال للثورة الصناعية الخامسة، مشيراً إلى أن القارة الأفريقية تعد من القارات المرشحة وبقوة للدخول إلى عصر هذه الثورة - رغم ما تعانيه من مشكلات متعددة وفي مقدمتها مشكلات الفقر والأمية والبطالة والإرهاب وانتشار الأمراض ورغم قلة مساهمتها في الثورة الصناعية الرابعة التي اعتمدت بالأساس على الآلة؛ وذلك لأن أفريقيا قارة فتية واعدة كما يطلق عليها الخبراء والمتخصصون وكما يراها العالم المتقدم، فهي القارة المسؤولة عن انتعاش العالم اقتصاديًا، ومن أبرز الفرص التي يمكن استغلالها للدخول لتلك الثورة في أفريقيا "الثروة البشرية الهائلة التي تحظى بها القارة الأفريقية وهو ما يعد بمثابة فرصة كبيرة وسانحة يفضي استغلالها وتوظيفها الأمثل إلى تحقيق التطلعات الأفريقية المنشودة من خلال الاستثمار في المورد البشري"، "والثروات الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها القارة والتي تعد بمثابة مستودع استراتيجي للعالم بأسره"، "وتكالب العالم على أفريقيا بوصفها الآن قبلة للاستثمارات الأجنبية مما يتيح للقارة فرصة نقل التكنولوجيا المتقدمة بل وتطويرها وإعادة تقديمها للعالم"، "ووجود تجارب لدول إفريقية نجحت في تحقيق طفرة وتبوأ مكانة لا بأس بها على خريطة الدول المتقدمة مما يشير إلى إمكانية دخول دول أفريقية أخرى إلى هذه القائمة"، "ورغبة الأفارقة أنفسهم في تحقيق مستقبل أفضل لهم ولقارتهم ذلك المستقبل الذي رسمته ووضعت خطوطه العريضة أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 في شكل طموحات سبعة كبرى وأهداف تنفيذية تنفذ على خمس مراحل مدة كل مرحلة عشر سنوات".
كما تناول العدد من خلال أحد المقالات مستقبل الثورة الصناعية الخامسة في مصر من خلال استعراض مجموعة من الفرص الممكنة لعدد من التطبيقات في المجالات الرئيسة منها "التعليم والتعلم" حيث يمكن لمنصات التعليم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي التوسع في سد فجوة المهارات على جميع المستويات والمراحل التعليمية وبالسرعة المتوافقة مع حركة وسرعة الانتقال إلى تقنيات الثورة الصناعية الخامسة مشيراً إلى أن مصر شهدت التوجه نحو إنشاء عدد من الجامعات الجديدة المتخصصة والتي تواكب الدخول في الثورة الصناعية الخامسة مثل جامعة (الملك سلمان الدولية، والجلالة، والعلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة)، أما "في مجالات الصناعة" فثمة فرص ممكنة يمكن أن تقدمها تقنيات الثورة الصناعية الخامسة عبر استخدام الأتمتة المتقدمة والروبوتات المتفاعلة مع البشر في تحسين الكفاءة والانتاجية ومن ثم تقليل التكاليف وبالتالي زيادة تنافسية القطاع الصناعي المصري داخليًا وخارجيًا"، وفيما يخص "مجالات الزراعة" فيمكن أن تؤثر التقنيات الجديدة في تحسين غلة الفدان وزيادة إنتاجية الأرض الزراعية وتقليل الفاقد ومن ثم المساهمة في مواجهة أزمات الأمن الغذائي، وفي "مجالات الصحة" يذكر هنا استخدام تقنيات الثورة الصناعية الخامسة في تفعيل وسائل التشخيص ووصف العلاجات عن بعد وتحسين الرعاية الصحية في المناطق النائية وفي توظيف تقنيات هذه الثورة في صنع الأعضاء والأطراف الصناعية بشكل أكثر دقة.
وفي "مجالات النقل" يمكن الإشارة إلى إمكانية استخدام تقنيات هذه الثورة في تفعيل أنظمة النقل الذكية والمساعدة في اقتصاد الوقت والحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية والازدحامات وغيرها من سلبيات التقنيات التقليدية، وفيما يتعلق بـ "مجالات المدن الذكية" ثمة تطبيقات ممكنة في استخدام الذكاء الاصطناعي واستخدام إنترنت الأشياء في مجالات التخطيط الحضري ومتطلبات جودة الحياة ورفع كفاءة السلامة البيئية ووسائل الاتصال والانتقال وفي إدارة المخلفات والنفايات بالطرق المتناسبة ونوعية الحياة بالمدن الذكية، أما في "مجالات التكنولوجيا المالية" فمصر تحقق خطوات حثيثة في اتجاه تفعيل التقنيات الحديثة في مجال العمليات المصرية من خلال تقديم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وخدمات الدفع عن طريق محفظة الهاتف الإليكترونية أو البطاقات المصرفية والعملات الافتراضية، هذا إلى جانب استخدام التكنولوجيا المالية في عمليات أتمتة التأمين وفي التجارة والتداول ومنع الغش وغيرها واستحداث التطبيقات التي يمكن أن تقدم الخدمات المالية بشكل أسرع وأسهل وأرخص.
كما سلَّط أحد المقالات الضوء على أهم آثار الثورة الصناعية الخامسة على الاقتصاد المصري، مشيراً إلى أن مصر تتخذ خطوات تجاه إطلاق الجيل الخامس من شبكات الاتصالات ومن المتوقع أن تسهم في تحقيق ازدهار الثورة الصناعية الرابعة والخامسة في البلاد مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وغيرهما، وفي هذا السياق أشار المقال إلى تعاون مصر مع شركتي (إريكسون ونوكيا) العالميتين من أجل ترقية الخدمات السحابية وإبراز شبكات الجيل الخامس، فضلًا عن انطلاق القمر الصناعي المصري "طيبة1" لتزويد البلاد بخدمة الاتصالات والإنترنت، إذ تطمح مصر لتحسين البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باعتباره من أهم القطاعات الحيوية، كما ساهمت جائحة كورونا في الاتجاه نحو تلك الخطوات سواء على صعيد الاقتصاد الرقمي وما إلى ذلك وفي التعليم عن بعد، كما يمثل الانتقال للعاصمة الادارية الجديدة نقلة حضارية وتكنولوجية في ذلك الإطار، ويعزز ذلك تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وهو ما تحرص عليه مصر بشكل كبير وتم استحداث كلية الذكاء الاصطناعي من أجل تعزيز وتقوية البنية التحتية وتسريع خدمات الإنترنت والتحول الرقمي العام لا سيما في الهيئات والمصالح الحكومية.
وقد تضمنت المقالات أبرز الرؤي حول تعريفات الثورة الصناعية الخامسة مشيرة إلى أن العديد من الممارسين في الصناعة قدم تعريفات مختلفة يتضح منها أنها لا تقوم على التكنولوجيا ولكن على مبادئ مثل "الإنسان هو محورها"، "والإشراف البيئي" "والمنفعة الاجتماعية" "والمرونة"، وتعد الثورة الصناعية الخامسة هي لغة العصر الحالي ومستقبل جميع الأنشطة وبالتالي لابد من الانخراط فيها وإقرار أنشطتها في مجال التعليم قبل الجامعي وزيادة كليات الذكاء الاصطناعي في جميع الجامعات المصرية وإنشاء مصانع للروبوتات وإقرار تدريس مواد خاصة بالثورة الصناعية الخامسة في كليات الطب لكي تكون مصر مقرًا للسياحة العلاجية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
كما تم التطرق إلى توضيح إنترنت الأشياء الذي يعد أهم المحاور الرئيسة في الثورة الصناعية الخامسة والتي تهدف إلى دمج الآلة مع الذكاء البشري وتفاعلهما مع بعضهما البعض، ويمكن تلخيص أهمية انترنت الأشياء في الاقتصاد القومي في: "تحسين الانتاجية وتقليل التكاليف في الصناعة والزراعة والخدمات، وتحسين جودة الحياة والخدمات العامة مثل النقل والصحة والتعليم، وتوفير فرص العمل الجديدة وتعزيز النمو الاقتصادي وتعزيز التنافسية الدولية، وزيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وتحسين البيئة وتوفير الطاقة، وتعزيز الأمن والسلامة وتوفير حلول أمنية متقدمة".
كما أبرز العدد انعكاسات الذكاء الاصطناعي على مستقبل الوظائف في ضوء الثورة الصناعية الخامسة، ويعد تعلم كيفية التعرف على الفجوات في مهارات القوى العاملة البشرية لدى المؤسسات من أكثر المشكلات إلحاحًا والتي يتعين التغلب عليها، خاصًة في ظل التطورات الهائلة للذكاء الاصطناعي، وما تشهده من تهديدات سيبرانية تفرض كل لحظة تحديات، تستوجب وضع تقديرات استباقية لمواجهتها، مما يقتضي على الجهات المعنية مراجعة استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي بصورة مستمرة، للدفع قدمًا بتحسين جمع البيانات الحكومية وتنسيقها وزيادة الوصول الرقمي من أجل السماح للقطاع الخاص للتخطيط بشكل أفضل ووضع ضريبة تساعد الشركات التكنولوجية الناشئة على البحث والتطوير ودفع الأفراد على التفكير في المهارات المطلوبة من المهارات التقنية الصلبة كهندسة التعليم الآلي وربط نظام الإعانات الخاص بالبطالة التي تقدمها الدول في إطار الحماية الاجتماعية بشرط صقل المهارات المهنية.
وتناول الخبراء والمحللين في العدد انعكاسات الثورة الصناعية الخامسة على "اقتصاد المناخ" حيث تتشكل الملامح التكنولوجية والرقمية للثورة الصناعية الخامسة من تقنية "البلوك تشين" والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات الداعمة للتصنيع والتوظيف وتحسين الخدمات والذكاء الاصطناعي المستند إلى تحليل البيانات في إطار من التعاون بين الإنسان والآلة وغير ذلك، ووفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات يمكن لتلك التقنيات الرقمية أن تسهم في تقليل انبعاثات الكربون في العالم بنحو 17% حيث يساعد الذكاء الاصطناعي في جعل شبكات النقل الكهربائية أكثر كفاءة كما يمكن أن تسهل تقنية "البلوك تشين" تتبع انبعاثات الكربون للشركات، ويتسنى تعزيز استخدام الأقمار الصناعية مراقبة التغيرات البيئية الناجمة عن بعض الأنشطة غير المستدامة مثل قطع الأشجار وإلقاء النفايات في غير الأماكن المخصصة لها وغيرها.
واستعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار من خلال باحثيه مجموعة من أهم العروض البحثية لبعض القضايا والموضوعات ذات الصلة بالثورة الصناعية الخامسة منها عرض بعنوان "هل يستفيد المجتمع المدني العالمي من الثورة الصناعية الخامسة؟" والذي أوضح أن التعليم العالي له دور حاسم في عملية تعزيز رأس المال الاجتماعي البشري ونتيجة لذلك يجب اعتباره القناة لتكوين المجتمع العالمي وإشراك المجتمع المدني وقد قدمت الثورة الصناعية الخامسة عددًا من الفرص المرتبطة بتطوير العلاقة بين البشر والتكنولوجيا لتحقيق المنفعة المشتركة وتجنب المخاطر التي تطرحها التطورات التكنولوجية المتسارعة، بالإضافة إلى استعراض مجموعة أخرى من العروض والتي تمثلت في ""الثورة الصناعية الخامسة والتعاون بين الإنسان والآلة في تجارة التجزئة والخدمات"، "الثورة الصناعية الخامسة: تقارب الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري"، "هل دفعت جائحة فيروس كورونا العالم إلى الثورة الصناعية الخامسة في قطاع الصحة العالمي؟"، "نحو الثورة الصناعية الخامسة.. مراجعة الأدبيات وإطار لتحسين العمليات استنادًا إلى تحليلات البيانات الضخمة والمعطيات"، "المحركات الرئيسة للثورة الصناعية الخامسة"، "هل تستكمل الثورة الصناعية الخامسة إنجازات الثورة الصناعية الرابعة".