"مكنش عندى حل تانى عشان أجيب 90 ألف جنيه، وأنا صنايعي، أقصى ما أستطيع الحصول عليه 60 جنيهًا يوميًا".. هكذا برر محمد بدوى البالغ من العمر 57 سنة، تسوله فى الطرقات ليلًا، حاملًا على يديه ابنه الذى لا يتحرك، ولافتة كتب عليها، ابنى محتاج عملية ساعدوه.
بداية الحكاية، منذ عشر سنوات، حين تزوج بدوى فى سن متأخرة من سيدة لديها ولدان، وأنجب منها ابنه يوسف الذى أصيب بعد عدة أسابيع من ولادته بمرض "الصفراء" الذى نال منه، وتسبب له فى ضمور بالمخ، وعدم القدرة على الحركة أو التحدث، أو حتى الجلوس.
ويقول بدوى: "عانينا كثيرًا، مع يوسف، ومرينا على معظم الأطباء، وكان آخرهم الدكتور طارق عمر، وهو أشهر طبيب متخصص فى جراحة المخ والأعصاب، وأوضح لنا أن هناك أملا فى عملية جراحية، تسمى استطالة أربطة، ستجعل يوسف يجلس بدلًا من النوم طيلة الوقت، ويسهل ذلك ارتداء ملابسه، ولكن العملية ستتكلف على الأقل 90 ألف جنيه، وصدمت لعدم قدرتى على توفير هذا المبلغ من يومية عملى وأنا ستروجى أثاث وصنايعى كبير، ولكن ما أحصل عليه يكفى إحضار طعام وشراب وملابس لباقى أسرتى، ولا يتبقى شيئًا بعد إنفاق ذلك، وبالتالى لا نستطيع ادخار مليم لعملية يوسف.
ويتابع: أرسلت إلى كل الجمعيات الخيرية والمؤسسات التى تقوم بعمل إعلانات على شاشات التليفزيون، دون فائدة، حتى جاءت إحدى الجمعيات وقامت بعمل بحث حالة على حالتى أنا وأسرتى، وفى النهاية أوصت بأن يخرج لنا طعام وملابس، فرفضت لأن ما نرجوه هو علاج ابنى.
ويضيف بدوى: أحد شيوخ المنطقة لدينا، نصحنى بالتوجه إلى مسجد على بن أبى طالب، بسموحة، وعرض المشكلة على شيخ المسجد، لأن هناك بعض رجال الأعمال الذين قد يساهمون فى حل المشكلة والتبرع للطفل، لإجرائه العملية، وبالفعل توجهت إلى هناك، ولكن شيخ المسجد رفض مساعدتى وخرجت حزين أجلس أمام باب المسجد، فتفاجأت بعدد من المصلين يعطونى النقود منهم من يدفع لى 100 جنيه ومنهم من يعطينى 500 جنيه".
ويقول بدوى: بدأت منذ 3 أشهر، أبدأ يومى فى التاسعة صباحًا، فى عملى الأساسى "ستورجى"، ثم أنهيه فى الخامسة، أعود إلى منزلى أتناول الطعام وأرتاح قليلًا، وأخرج فى السابعة مساءً أحمل على كتفى يوسف واللافتة، لأنى لا أتكلم، ولا أجبر أحدًا على إعطائى النقود، وأجلس فى انتظار نصيب ابنى من عطاء الله للناس.
ويضيف بدوى: منذ 3 أشهر لم أستطع أن أجمع أكثر من 6 آلآف جنيه، والعملية قيمتها 90 الف جنيه، قائلًاً: لا أرغب فى شىء سوى علاج ابنى ورؤيته يجلس أمامى، من حقى مثل كل الآباء ذلك، من حقى أن أسمعه وهو ينادينى "بابا" من حقى أن أراه يتعلم ويأكل بيديه، ويجرى أمامى كباقى الأطفال".