اختارت مديرية التضامن الاجتماعى بالسويس مديحة عبد الله حسن، صاحبة 54 سنة، أمًا مثالية لهذا العام، فهى نموذج لقصة كفاح أم تستحق الإشادة والتقدير.. "مديحة" تعيش فى منزل قد نكون مبالغين إذا اعتبرناه بسيطًا وبفناء لا يتجاوز مرتين فى قرية جنيفة بحى السويس .
ربت الأم "مديحة" أبناءها على الطبلية الصغيرة وأتموا تعليمهم حتى صارت وردة، ابنتها الكبرى مدرسة، وياسمين أمًا متعملة، وربيع 27 سنة أصغرهم قادرًا على أن ينفق عليها، وفكانوا فخرًا لها ووتدًا تتوكأ عليه بعد أن ترك الزمن آثارها عليها.
قامت الأم المثالية بين كفاح وجهدًا بالصبر والرضا نست نفسها وتناست صحتها، من أجل أبنائها الثلاثة، حتى كبروا وأتموا تعليمهم، وصاروا يعتمدون على أنفسهم، ويحملونها فوق رؤوسهم يدينون لها بعد الله بالفضل والولاء.
لم يكمل ربيع آخر أبنائها عامه الأول، حتى توفى والده عن 32 عامًا، بعدما أصيب بالفشل الكلوى، رفضت الزواج من بعده، واختارت طريقًا هو الأطول والأصعب، لتربى وحدها أبناءها، وتواجه أطماع أعمام أبنائها، لكنه كان الخيار الوحيد بالنسبة إليها، وفضلت أن تعسى على رزقها وأولادها بالحلال .
كانت "أم ربيع" كما يناديها جيرانها، تجمع الخضراوات التى يزرعونها وتفيض عن حاجتهم، ثم تذهب بها إلى السوق تبيعها، حتى إذا ما أنفض السوق وعادت ردت إليهم ثمن البضاعة واحتفظت بما تبقى مكسبًا لها .
بدأت أم ربيع حديثها لـ"انفراد" بالقول "الحمد لله ربيت أبنائى الثلاثة.. وكل ما أتمناه أن يمن الله علىَّ بالحج أو العمرة".. وابتسمت وهى تتحدث عن زوجها قائلة "أبو ربيع الله يرحمه كان عامل نظافة فى مدرسة، وبعد وفاته عام 89 كان معاشه 30 جنيهًا فقط"، رحلة الكفاح على أبنائها لا تتوقف على البيع والشراء، لكنها كانت تقبل أى عمل تتكسب منه مالاً وإن كان قليلاً، فكان شرطها الوحيد أن يكون حلالاً.
لم تجد أم ربيع، معاملة حسنة من أهل زوجها، فالبيت البسيط الذى تقيم فيه قد أنشأته مع زوجها، واستطاع أن يدخر جزءًا من المال ثم قدمت مصاغها لزوجها، لبيعه واشترى قطعة أرض صغيرة، بنا عليها بيتًا من الطين والخوص، لكن البيت لم يحميهم من حرارة الشمس صيفًا ولا منعهم ماء المطر شتاءً، فحصلت على مال من والدها نصيبها فى أرضه، وبنت لأولادها منزلاً يصلح للإقامة فيه .
" ظلمونى يا ولدى والله.. ربنا يسامحهم" هكذا ردت والدموع تملأ عينيها حين سألناها عن أهل زوجها، وقالت إن والد ربيع أراد أن يكتب أرض البيت باسمها لكنها رفضت، وبعد وفاته أراد أشقاؤه أن يطردوها من البيت ويأخدوا منها أطفالها، مما دفع والدها أن يحضر من الشرقية، ليقيم معها ليمنع عنها أذاهم .
أتمت الابنة الكبرى وردة تعليمها بالأزهر، والتحقت بكلية أصول دين بالزقازيق، كما أتمت ابنتها الوسطى تعليمها وحصلت على دبلوم التجارة، وتقول الأم أنه رغم المجموع الذى كان يؤهل ابنتها لتكمل تعليمها بالكلية، لكنها فضلت أن تتزوج لتخفف العبء عن أمها، وتجهزها بما قد تنفقه على التعليم.