في مشهد يسوده الأصالة والرضا، بطله رجل ستيني يعمل بخفة ونشاط، يجلس في رحاب محله الصغير مع ابنه بمدينة نبروه بمحافظة الدقهلية، يغزل بأنامله الساحرة المراتب القطنية، هكذا اعتاد غازي عبد النبي على الكفاح والعمل في تنجيد المراتب والوسائد منذ طفولته في مهنة ورثها عن والده؛ بحثا عن الرزق الحلال والحفاظ على موروث تاريخي أصيل.
وقال غازي عبد النبي صاحب الـ65 عاما لـ"انفراد"، إنه عمل بمهنة تنجيد المراتب منذ أكثر من 45 عاما، فعشق المهنة وقرر تعلمها منذ أن كان في 12 من عمره، مشيرا إلى أنه مكث لساعات طويلة يراقب والده وهو ينجد بيداه المراتب، حتى أحب المهنة وتعلم أصولها واكتسب خبرة كبيرة فيها ونجح في احترافها في الـ20 من عمره، وظل يعمل فيها لسنوات طويلة وعلمها لأبنائه ليوفر حياة كريمة لأسرته، ويحافظ على مهنة يدوية أصيلة تواجه الاندثار بعد ارتفاع أسعار القطن وعزوف الزبائن لشراء المراتب الجاهزة.
وأشار إلى أن تنجيد المراتب يدويا بالشكل التقليدي يعد مهنة شاقة، حيث تستغرق المرتبة الواحدة منه أكثر من ساعتين حتى ينتهي من تجهيزها، كونها حرفة يدوية تحتاج لقوة عضلية كبيرة ودقة وتركيز شديد ومهارة عالية، مؤكدا على أنه يفتخر ويعتز بمهنته التي مكنته من تربية أبنائه وتعليمهم بعزم وكرامة، ومواصلته الكفاح والعمل وسعيه في الحياة بكل طاقة وعزم بعد تخطيه الستين من عمره.