وافق مجلس جامعة المنصورة بالإجماع على الاقتراح المقدم من الدكتور محمد القناوى، رئيس الجامعة، بتسمية مركز جراحة الكلى والمسالك البولية، ليصبح مركز غنيم لعلاج أمراض الكلى والمسالك البولية تكريما لجهود العالم الجليل ودوره العظيم واستمراره للعطاء على مدار أكثر من أربعين عاما.
وأكد الدكتور محمد القناوى أن تسمية المركز باسم الدكتور محمد غنيم هى رسالة شكر لما قدمه لجامعة المنصورة ولمحافظة الدقهلية ولمصر من جهد لخدمة المريض المصرى وما قدمه للبشرية، حيث يعد صاحب الفضل الأول فى نهضة الطب فى مجال جراحة الكلى بجامعة المنصورة.
وأشار خلال الاجتماع إلى أن الدكتور غنيم يعد من العلماء البارزين وعالما جليلا ورائد زراعة الكلى فى مصر، وضع اسم جامعة المنصورة فى الكثير من المحافل الطبية والعلمية الدولية، وحتى الآن يشارك بالبحث العلمى، لذا يجب علينا تكريمه خلال حياته لكى نعطى الأمل لكل من يقدم حياته وجهده وعلمه فى سبيل خدمة البشرية وتسليط الأضواء على العلماء المتميزين لتكريمهم وتعظيم دورهم لخلق جيل من الرواد والقدوة لدى الشباب.
جدير بالذكر أن العالم المصرى الكبير محمد أحمد غنيم يعد أمهر جراح فى العالم فى مجال الكلى والمسالك البولية، وأحد رواد زراعة الكلى والمسالك البولية فى مصر والعالم، أسس مركزا عالميا فى مجال الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة حصل على عدة جوائز منها جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الطبية فى عام 1977م، وجائزة الملك فيصل العالمية عام 1999م، وجائزة مبارك فى مجال الطب عام 2001م.
ولد الدكتور محمد غنيم فى 17مارس عام 1939 بالقاهرة، درس بكلية طب جامعة القاهرة وبعد تخرجه منها عام 1960 حصل على درجة الدبلوم فى تخصص الجراحة عام 1963 ودبلوم فى المسالك البولية عام 1964، ثم على درجة الماجستير فى المسالك البولية من جامعة القاهرة عام 1967 .
بعدها سافر إلى انجلترا للتدريب لمدة عامين ليحصل على درجة الزمالة، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومنها إلى كندا لمدة عام، وبعد عودته تم تعيينه مدرسا فى كلية الطب جامعة المنصورة عام 1975 التى كانت ناشئة جديدة فى ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين استقر العالم المصرى الكبير فى المنصورة ليسطر أمجادا علمية وتحديات طبية وإنجازات عديدة تدخله التاريخ كواحد من رواد النهضة العلمية والطبية فى مصر .
أصبح الدكتور محمد غنيم، أبرز وأشهر جراحى الكلى فى مصر والعالم، وصاحب الفضل الأول فى نهضة الطب فى جامعة المنصورة، بعد أن نبه العالم إلى كفاءة الطبيب المصرى بنجاحه فى إجراء أول جراحة نقل كلية فى مصر سنة 1976 بأقل الإمكانيات، وبمساعدة فريق من أطباء «قسم 4» المختص بأمراض الكلى والمسالك بجامعة المنصورة الذى كان غنيم مشرفا عليه.
والفضل فى تميز تجربة الطب فى المنصورة يعود بالأساس لتميز الدكتور غنيم، بحسب تأكيدات كبار أساتذة الطب الحاليين بجامعة المنصورة، وهو ما اتضح منذ جراحة نقل الكلية الأشهر التى قام بها غنيم لأول مرة فى مصر، فبدلا من أن يتصدر غنيم المشهد، ويستأثر وحده بالأضواء كما هى العادة، فوجئ الجميع بالرجل ينسحب بهدوء، بعد أن أناب عنه من يقوم بتعريف هذا الإنجاز، وهو يؤكد أنه ليس وحده صاحبه، وأن التجربة نتاج جهد جماعى لقسم الكلى والمسالك، وفريق «قسم 4»، الذى نشرت الصحف عن إنجازهم الطبي، وتناقلت تصريحاتهم وصورهم، دون أن تنشر صورة واحدة للدكتور غنيم، قائد الفريق وصاحب الفضل الأول.
كانت الفكرة المسيطرة على الدكتور محمد غنيم حينها هو إنشاء مركز متخصص فى جراحات الكلى والمسالك البولية تحت مظلة الجامعة، وهو ما استطاع تحقيقه بالفعل بعد مشوار طويل من الكفاح، حتى خرج المركز الأشهر والأول فى مصر والشرق الأوسط إلى النور ليعالج أكثر من 2 مليون و800 ألف مريض خلال 36 عاما.
وفى عام 1978 زار الرئيس السادات مدينة المنصورة ولما قام بزيارة قسم الكلى بالمستشفى الجامعى شاهد طفرة ملحوظة فى عمليات الكلى وقام الدكتور غنيم بشرح أهمية إقامة مركز خاص للكلى منفصل عن مستشفى الجامعى وبالفعل تحمس الرئيس الراحل محمد أنور السادات لفكرة غنيم، لإنشاء مركز متكامل ومتخصص فى جراحات الكلى والمسالك البولية، هو الأول من نوعه فى مصر والشرق الأوسط.
وعينه الرئيس السادات مستشارا طبيا له، ليسهل عليه التحرك خلال الروتين الحكومى العتيد، وليتمكن من إنجاز مشروعه بالمرونة اللازمة، وهو ما حدث بالفعل، فقد وافقت جامعة المنصورة على مشروع غنيم، وخصصت له جناحا صغيرا ملحقا بمستشفى الجامعة إلى أن تم تخصيص قطعة أرض للمركز وتم تمويل المشروع بمنحة سخية من هولندا التى دعمت المركز بجزء من التمويل، وهنا برز دور المجتمع المحلى وأهالى المنصورة الذين دعموا المركز بتبرعاتهم، حتى اكتمل البناء، وأصبح حلم الدكتور غنيم واقعا فى عام 1983، وأصبح الدكتور غنيم مدير أول مركز متخصص بزراعة الكلى فى الشرق الأوسط بمدينة المنصورة.
ولم يكتف الدكتور غنيم بالانتهاء من المركز، لقناعته بأن المعادلة لا تقتصر فقط على مبان وتجهيزات، دون الاهتمام بالجانب البشري، ودون نظام صارم يدور الكل فى فلكه، لا العكس، وهو ما كان، وكان على رأس ما اهتم به، تفرغ أطباء المركز للعمل فيه فقط، لأنه مقتنع بأن الطبيب الذى يعمل فى مؤسسة ناجحة، لابد أن يكون متفرغا، وفى سبيل ذلك استند غنيم إلى القانون ليصبح التفرغ إجباريا للعمل فى المركز، حتى حصول الطبيب على درجة الدكتوراه ومرور 3 سنوات على ذلك، ولأنه مقتنع بذلك أشد الاقتناع فقد بدأ بنفسه، وتفرغ نهائيا للمركز طوال حياته المهنية، ولم يفتتح عيادة خاصة به حتى اليوم.
وكما كان غنيم نموذجا وقدوة لتلامذته فى تطبيق القواعد على نفسه، والتفرغ للمركز الذى اعتبره مشروع عمره، كان أيضا نموذجا لتلامذته ولأهالى محافظة الدقهلية فى العطاء، فرغم أن تخصصه وشهرته كانا يمكناه من جمع ثروة طائلة تقدر بالملايين، إلا أنه تفرغ لمركزه، واعتاد إيداع مقابل الجراحات التى يجريها خارج البلاد فى تبرعات المركز، وهى تبرعات بالملايين بحسب مصادر قريبة من «غنيم» و«المركز»، وما زال غنيم وحتى بعد خروجه على المعاش متفرغا لمشروع عمره، مؤكدا أن الطب عمل إنسانى ورسالة بالمقام الأول، واستمر فى دوره العظيم واستمراره فى العطاء والذى لم يتوقف على المستوى العلمى والأكاديمى فقط بل امتد إلى دوره فى الإصلاح السياسى والاجتماعى وآرائه المؤثرة فى إصلاح التعليم والبحث العلمى فى مصر من خلال تقديم ملامح لمشروع إصلاحى متكامل للتعليم على كل المستويات.
يذكر أن بعض الإسهامات العلمية لغنيم إجراء أول جراحة نقل كلية فى مصر سنة 1976، وإنشاء مركز عالمى متخصص فى جراحات الكلى والمسالك البولية بالمنصورة الأول من نوعه فى مصر والشرق الأوسط، وقام بنشر عدد كبير من الأبحاث العلمية القيمة فى المجلات والدوريات العالمية، وتدريب عدد كبير من الأطباء العرب والأجانب (خصوصا الأوروبيون)، أصدر العالم الكبير حوالى (47) كتابا تنوعت ما بين كتب كاملة و فصول من كتب لدور نشر عربية وعالمية باللغتين العربية الإنجليزية، وقام العالم الكبير بكتابة ما يقرب من (130 ورقة بحثية) فى كبرى المجالات العلمية العالمية.