افتتح الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، و نيكولاس ادمز؛ ممثلا عن جامعة برمنجهام بالمملكة المتحدة بالأمس ورشة عمل تحت عنوان "نماذج من التطرف".
وقد بدأ نيكولاس بالترحيب الحضور للورشة وأكد على أهمية إقامة مثل هذا النوع من ورش العمل لتقريب المسافات بين الشرق والغرب ولمعرفة أسباب ودوافع ظاهرة التطرف وكيفية التغلب عليها.
وأشار في كلمته أن جامعة برمنجهام لديها تحدى كبير في تنمية العقول البشرية لأكثر من قرن حيث أنها شخصت على أنها أحد أهم الجامعات في التجديد والابتكار والبحث حيث أن الجامعة تعمل على دفع حواجز المعرفة والعمل على التأثير في حياة البشر.
وفى نهاية كلمته تمنى أن تثمر الورشة عن المرجو منها وتحقيق الهدف الذى أقيمت من أجله في معرفة أسباب ودوافع ظاهرة التطرف وكيفية التغلب عليها.
وتحدث الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الاسكندرية، والذي بدأ حديثه بالتأكيد على أن التحديات التي نواجهها زادت وقسمها على ثلاثة محاور أساسية هي العنف، التطرف والتغيير الاجتماعي، وأبدى أسفه لما نتابعه يوميا من جرحى وقتلى ومصابين جراء التفجيرات والعمليات الإرهابية المسلحة.
وأشار إلى اننا جميعا نواجه ظاهرة الإرهاب والتطرف ولابد من أن نعي وندرك التعقيدات بالغة الصعوبة في عملية التطرف
كما أشار في كلمته إلى قضية اللاجئين وما يتعرضون له من مخاطر واذلال وقام بعرض نماذج متعارضة داخل المجتمع الواحد بشعب له نفس العادات والتقاليد مع اختلاف المستوى التعليمي والاجتماعي للأفراد.
وأشار سراج الدين إلى أهمية حرية الرأي والتعبير لأنها قضية هامة ومحورية فلا تتقدم الشعوب إلا بالتعبير عن الذات وإبداء الرأي وتقبل ثقافة الآخر وعرض نماذج كثيرة ومتعددة للحرية في التعبير وإبداء الرأي لعل من أبرزها طه حسين وموقفه من الشعر الجاهلي والإعلامي باسم يوسف الذى قدم اعلاما ساخرا ونماذج أخرى عديدة.
وأضاف سراج الدين أن مشاكلنا ليست مع الخارج بل هي داخلية وقد تكون داخل المجتمع الواحد. وقد أدان التطرف لأنه يولد الكثير من أعمال العنف والشغب والتخريب. وأشار سراج الدين إلى دور مكتبة الإسكندرية وضرب مثال قوى بعرض مجموعة من الصور الرائعة التي تعبر عن حفاظ أهل الإسكندرية خلال ثورة يناير 2011 على المكتبة وتشابك الأيدي حتى لا يتم إتلاف هذا الصرح الثقافي الكبير.
وقال إن المكتبة حققت نجاحا كبيرا منذ افتتاحها في 2002 حتى الآن وعرض ما تحتويه المكتبة من متاحف ومعارض ومكتبات متخصصة وقاعة اطلاع كبرى ومركز المؤتمرات ومركز القبة السماوية العلمي بالإضافة إلى الحفلات الفنية ومعرض الكتاب وتقديم الفنون والعلوم المختلفة لكافة زوارها وباحثيها. وفى نهاية كلمته أكد على تفاؤله بالغد وبضرورة الاعتماد على الشباب في صناعة المستقبل والمحاولة على لفظ العنف والتطرف وكافة أشكال التخريب والفساد.
واشارت الدكتورة كاثرين برون من قسم اللاهوت والدين ومحاضر بالدراسات الإسلامية والتي بدأت كلمتها بالتأكيد على اهتمامها بمشاركة المرأة المسلمة في الحياة السياسية الدينية العنيفة وأشارت أن عملها يركز على الروايات الجهادية وتوفير فرص التصويت والاقتراع وكيفية امتزاج هذه الفرص مع التجارب الحياتية اليومية. وأكدت أنها درست أسس محاربة الإرهاب والتطرف والتأثير على حقوق المرأة في المجتمعات الإسلامية وأعربت عن سعيها الآن لوضع التدابير اللازمة لمكافحة ظاهرة التطرف في جميع أنحاء العالم والعمل على معرفة الخصائص والصفات الاجتماعية لأعضاء تنظيم الدولة "داعش" وأعربت عن ضرورة الحوار مع هذه الجماعات لمعرفة الأسباب والدوافع للانزلاق وراء هذا التطرف وكيفية التخلص منه والقضاء عليه.
وتحدث الدكتور مصطفى الفقي مساعد وزير الخارجية سابقا والكاتب والمفكر المصري عن مفهوم التطرف بين الشرق والغرب والذى أشار في بداية كلمته على متابعته للفكر والمنظور الإسلامي ونظرة الغرب له وتحدث عن مصر باعتبارها مدينة الازهر الشريف وأكد على أن الإسلام هو دين للحياة ونهج للتفكير والتأمل ولابد من احترامه والحفاظ على قدسيته.
وأشار الفقي إلى أن هناك اختلاف بين التاريخ الإسلامي والدين الإسلامي وعبر عن أسفه على اتباع الناس ممزوجا بالتاريخ. كما أشار إلى أن الإرهاب ليس ظاهرة اسلامية بل إن الإسلام بريء منه لأنه دين يدعو للمحبة والسماحة والمساواة مثل باقي الأديان السماوية الأخرى.
وعبر عن رفضه للجماعات الإسلامية مهما اختلفت مسمياتها سواء النصرة الجهادية أو أنصار بيت المقدس لأنهم في نهاية الأمر تحت مظلة جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست على يد حسن البنا عام 1928.
كما أكد على أن الإخوان المسلمين وحدهم المسؤولون عن ما يحدث الآن من قتل وتفجير وانتهاك لحقوق الإنسان وان الأفكار الظلامية ورؤى الحركات الإسلامية أصبحت مكشوفة للجميع. وأكد أن الإسلام لا يمكن أن يتمدد وينتشر بالسلاح وان العالم العربي والإسلامي قد علق آمالا كبيرة على زيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما حينما زار القاهرة في يونيو 2009 ليحل أزمة الإسلام والغرب لكنه فاجئ الجميع بضعفة بل زاد من حده وصعوبة وتعقيد المشكلة. وأشار الفقي أن جماعة داعش صنعت لنفسها كيانا مستقلا فأصبح لهم كعملتهم الخاصة وجواز السفر الخاص بهم. وأعرب عن حزنه على ارسال اليابان مدعومة بإحدى الدول العربية بما يقرب من 2500 سيارة دفع رباعي لدعم حركة داعش الإرهابية.
ونفى أن تكون داعش منظمة اسلامية أو تتبع الإسلام بل هي جماعة تؤدى إلى طريق النهاية وخلق الموت. وأشار الفقي إلى خطورة الفقر وارتفاع معدلاته لأن معظم الفقراء الغير عاملين يقعون فريسة لمثل هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة. فحل كل هذه الأزمات لن يأتي إلا بمحاربة الفقر والبطالة وإيجاد فرص عمل ملاءمة للشباب؛ وأشار إلى أن الفن كقوة ناعمة قوية التأثير لابد أن يلعب دورا مهما في تشكيل الوعى والفكر لدى الأفراد كذلك الشعر والأدب والأيديولوجيات العصرية الحديثة. واختتم الفقي حديثه متمنيا أن يعلن الرئيس الأمريكي الجديد ترامب أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
كما تحدث السيد نواف الياسا من مركز الملك فيصل بالسعودية عن مفهوم التطرف كذلك بين الشرق والغرب. وأشار إلى أن الإرهاب والتطرف والهجرة وكراهية الأجانب والجنسيات المختلفة والشعبوية تبدو مرتبطة في شكل واحد، وأكد أن كل هذه الأمور لها آثار هيكلية ذات الاتصال الوثيق من التفاعل بين بين التطرف والاتجاه المستقبلي للأنظمة السياسية الغربية التي تحتاج إلى النظر فيها تحسبا من كونها قضية.
كما تحدث الدكتور سعيد شحاته الخبير والمتخصص في الحركات الإسلامية عن التطرف والإعلام وأشار إلى أن تداول الأخبار والمعلومات بصورة سريعة وكبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وان الاعتماد على وسائل الاتصال التقليدية أصبح محدود للغاية.
وأشار إلى أن مزايا استخدام الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي تتمثل في أربعة نقاط محورية هي الدعاية للحدث أو المنتج بصورة سريعة وفعالة؛ التعيين من خلال الإعلان عن وظائف عبر الإنترنت؛ والتمويل المادي الداعم لهذه الوسائل.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم كأداة للتخلص من الأعداء. كل هذه المحاور تعتبر رخيصة الثمن وسهل تداولها واستخدامها وتصل لأكبر عدد من الناس وتتسم بالتفاعلية بين مستخدميها. على جانب آخر أشار أن مساوئ شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت حاجز بين الأفراد كما أنه لا يوجد تأمين كاف على هذه الشبكات وضرب في نهاية كلمته مثالا رائعا للتميز بين 3 أنواع من الإعلام : المحايد، والمبالغ فيه ، والمقلل من أهمية الحدث.
وفى نهاية اليوم الأول للحلقة النقاشية تحدثت السيدة جوسلين سيزارى زميل أبحاث في مركز الدراسات الأوروبية وزميل باحث أول في مركز بيركلى للسلام والدين والشؤون العالمية في جامعة جورج تاون والمهتمة في منشوراتها بخوف الغرب من الإسلام حيث بدأت كلمتها بالإشارة إلى أنه تبين أن الحالات الأكثر تطرفا من العنف باسم الدين هي في الواقع ربط الأشكال وأنماط محددة من تسيس الدين التي بدأتها الجهات الفاعلة "علمانية الدولة ".
وأشارت إلى أن الهيمنة الممنوحة للدين من قبل الدولة هو غالبا ما يرتبط بزيادة العنف السياسي؛ وعليه فإنه لا يمكن ان يقال بعد الآن أن الدين هو الثقب الأسود في حياة البشر