للعام الثانى على التوالى يتأخر توريد محصول القصب إلى مصانع السكر الحكومية بصعيد مصر، نتيجة عدم تحديد سعر التوريد قبل موعد التوريد فى 20 ديسمبر من كل عام، ورغم عدم توافق الحكومة على تحديد سعر حتى الآن، إلا أن المزارعين بدأوا عمليات التوريد بالفعل قبل أسبوع على أمل تحديد سعر مناسب.
وتدور حاليا مناقشات بين الوزارات المختلفة للوصول إلى سعر توريد عادل يحقق المكسب المناسب للفلاح فى ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج بعد التعويم وزيادة أسعار الأسمدة والمواد البترولية، وبحيث يصل السكر إلى المستهلكين بسعر مناسب تتحقق معه ربحية مناسبة لشركات السكر الحكومية.
وكانت جمعيات مزارعو القصب طالبت الحكومة قبل أشهر بزيادة سعر التوريد لمحصول القصب إلى حوالى 1000 جنيه للطن، مقابل 620 جنيه حاليا، وهو ما رفضته الحكومة تماما لأنه يعنى ارتفاع سعر كيلو السكر المخصص للتموين لأكثر من 10 جنيهات فى وقت تنخفض فيه أسعار السكر المستورد الذى يباع فى السوق الحر، وتوسط عدد من نواب البرلمان وعلى رأسهم الدكتور على عبد العال رئيس المجلس بين المزارعين والحكومة لرفع سعر التوريد إلى حوالى 800 جنيه، وهو ما وعد به النواب بحسب ما قال همام حسن رئيس جمعية منتجي القصب بالأقصر.
وتسبب زيادة سعر التوريد من 620 جنيها حاليا إلى 800 جنيه ارتفاعا فى الدعم الحكومى لمزارعى القصب بحوالى مليار جنيه، ترفض وزارة المالية تحملها فى ظل ارتفاع عجز الموازنة، وهو ما يؤخر إعلان السعر حتى الآن.
وترصد موازنة السنة المالية الحالية 2017/2018 دعم للمزارعين بقيمة 1.1 ملير جنيه تشمل كافة المحاصيل، وهو ما يعادل تقريبا المبلغ الذى يمكن أن تتحمله الموازنة العامة والناتج عن زيادة فرق سعر التوريد من 620 جنيها للطن العام الماضى إلى 800 جنيه يطالب بها مجلس النواب الموسم الحالى.
ويقول رئيس جمعية منتجى القصب بالأقصر، "ضحكوا على الفلاحين مرة يقولوا هنرفع السعر لـ700 جنيه ومجلس النواب يقول 800 جنيه.. وفى الآخر مجبرون على توريد المحصول للمصانع بدون سعر لعدم جود بدائل".
وأكد همام حسن فى تصريحات لـ "انفراد"، أن عددا كبيرا من المزارعين كسروا المحصول بالفعل ووردوه للمصانع ثم قاموا "بحرث" الأرض، لتحويلها إلى بساتين موز، موضحا أن سعر إيجار فدان الموز ارتفع إلى 22 ألف جنيه سنويا، وبالتالى سيقوم الكثير من المزارعين بتأجير أراضيهم إلى شركات وتجار تبحث عن أراضى لزراعتها بهذا المحصول وهم كثيرون، ويحصلون على عائد الإيجار دون تحمل تكاليف زراعة القصب التى أصبحت غير مجدية على الإطلاق.
وأشار حسن إلى أن مطالب المزارعين ليست الحصول على أرباح كبيرة، ولكن عائد يكفل لهم العيش بكرامة ويوازى الحد الأدنى للأجور وهو 1200 جنيه شهريا يوازى أجر عامل النظافة، لأنه فى ظل ارتفاع تكلفة الزراعة وتدنى العائد من بيع المحصول لا يحصل الفلاح على أجر يوازى 700 جنيها شهريا، وهو يستحيل معه الإنفاق على أسرة.
ونتيجة تدنى سعر المحصول انخفضت كميات محصول قصب السكر المنتجة العام الماضى بحوالى مليون طن، متوقع أن ترتفع العام الحالى نتيجة الارتباك فى تسعير المحصول بحسب حسن، والذى طالب من الحكومة سرعة إيجاد حل لإنقاذ هذه الزراعة الاستراتيجية التى بدأ مزارعوها يهجرونها بالفعل، وقد تصل فى مرحلة ما إلى الدمار الذى تعرض له محصول القطن.
يوسف عبد الراضى رئيس اتحاد جمعيات منتجى قصب السكر فى مصر، أكد حصول المزارعين على وعد من رئيس مجلس النواب برفع سعر توريد المحصول إلى 850 جنيها، ولكن حتى الآن لم نر شيئا – بحسب عبد الراضى – ويتم توريد المحصول إلى مصانع السكر بالفعل دون تحديد سعر.
ولأن بعض محافظات زراعة القصب وعلى رأسها المنيا، لديها مصانع العسل الأسود، فهناك بديل أمام المزارعين لبيع المحصول بخلاف محافظات جنوب الصعيد، كما أن مزارعو محافظتى سوهاج وبنى سويف هم الأقرب إلى القاهرة فيتم بيع المحصول إلى عصارات العاصمة، بحسب عبد الراضى.
وأوضح رئيس اتحاد منتجى القصب إلى أن مصانع العسل الأسود تشترى طن القصب بسعر 1400 جنيها وهو يعادل ضعف ثمن التوريد الحالى لمصانع السكر، وبالتالى يلجأ كثير من المزارعين لهذا البديل خاصة فى محافظة المنيا، وهو ما يفسر قيام المزارعين بتوريد 12 ألف طن قصب فقط من المحصول إلى مصنع السكر بالمنيا، من إجمالى إنتاج قدره 35 ألف طن سنويا، ويتم بيع باقى المحصول لمصانع العسل.
والوضع لا يختلف كثيرا فى أسوان، حيث يورد الفلاحون القصب إلى مصنع السكر انتظارا لتحديد سعر عادل يحقق هامش يربح يكفل كرامة المزارع، وهو ما أكده أحمد عبد العظيم سكرتير عام اتحاد جمعيات منتجى القصب، مؤكدا أن أسوان تخلو من مصانع العسل الأسود لذا فالبدائل غير متاحة أمام الفلاح.
وأشار عبد العظيم إلى تراجع إنتاجية الفدان نتيجة عدم وجود سلالات أو أنواع جديدة من القصب، حيث يصل متوسط إنتاجية الفدان حاليا إلى 35 – 36 طن وترتفع إلى 40 طن للفدان فى الأراضى الجيدة، مقابل 50 – 60 طن للفدان فى السابق، وهو ما يتطلب تجديد السلالات كما تفعل دول حديثة العهد بالزراعة مثل الهند لكنها حققت تطورا كبيرا فى هذا المجال.
وأشار عبد العظيم إلى أن الاجتماع المقبل للجمعية الشهر القادم سيتضمن مقترحات لبحث بدائل لتوريد القصب إلى مصانع السكر المحلية للحفاظ على ربحية الفلاح من الزراعة، تتمثل فى إيجاد طرق لتصدير محصول القصب لمصانع خارج مصر مثل السعودية، لأن مهمة الجمعية بالأساس تسويقية، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال تأسيس شركة مساهمة أو التعاقد مع شركة للقيام بهذا الغرض، ولكن يصعب أن يظل الفلاح فريسة بهذا الشكل – على حد قوله.
فيما كلف الدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة، مجلس المحاصيل السكرية بتشكيل لجنة تكون مهمتها اقتراح السعر الأمثل لتوريد محصولى القصب وبنجر السكر، فى ظل المتغيرات الحالية والسياسة الزراعية للمحصولين، وو تتضمن مهام اللجنة بدراسة كل تكاليف الانتاج التى يتحملها المزارعون وعملية التصنيع أيضا لعرضها عليه .