انتتهت جمعية رجال الأعمال المصريين من صياغة رؤيتها المستقبلية لتلافى آثار الإصلاح الاقتصادى وما يتبعه من قرارات مستقبلية، فضلاً عن قيام اللجان النوعية بالجمعية بإصدار دراسات قطاعية للقطاعات الأكثر أولوية ومتطلبات المرحلة الراهنة.
وترتكز الرؤية بحسب المدير التنفيذى لجمعية رجال الأعمال المصريين محمد يوسف، على عدة محاور فى مقدمتها قرارات عاجلة ومتوسطة وطويلة الأجل تخدم أهداف الدولة فى مواصلة مسيرة الإصلاح والتنمية، مؤكدا أن إنجازات الرئيس عبد الفتاح السيسى والجهود التى بذلتها وزارة التضامن الاجتماعى ووزارة التموين فى التوسع فى برامج التكافل الاجتماعى مثل برامج "تكافل وكرامة" و"مسطور" وبرامج المرأة المعيلة وغيرها، بالإضافة إلى جهود وزارة التموين فى دعم المقررات التمونية وتوفير الخبز المدعم وغيرها من البرامج كان لها أثر إيجابى فى تخفيف سلبيات قرارات إلغاء الدعم خلال السنوات الماضية.
وطالب يوسف بالتوسع فى برامج الحماية الاجتماعية واتخاذ التدابير اللازمة لوصول الدعم لمستحقيه، واستمرار جهود الدولة فى مواصلة خطوات الإصلاح الاقتصادى الجرىء ومكافحة الفساد ومراقبة المحليات، وتحسين المرافق والخدمات والطرق والعمل على رفع أجور العاملين بالقطاع الخاص والعام وبرامج المساندة التصديرية.
وأكد يوسف أن ملف إلغاء الدعم هو من أكثر الملفات التى لاقت اهتماما كبيرا من الجمعية خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن قرار إلغاء الدعم خطوة مهمة جداً نحو تهيئة مناخ الاستثمار فى مصر، ومن المتطلبات الرئيسية للإصلاح الاقتصادى.
وأضاف يوسف أن جمعية رجال الأعمال دائما ما كانت تطالب الحكومات المتعاقبة بضرورة ترشيد الدعم ووضع آليات لضمان وصول الدعم لمستحقيه من خلال التوسع فى برامج الحماية والتكافل الاجتماعى، واتخاذ قرارات جادة وجرئية للتعامل مع ملف ترشيد الدعم بشكل تدريجى لأنه يمثل عبئا كبيرا جداً على الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى أنه يقلص من المخصصات المالية الموجهة للبنية التحتية والمرافق وتحسين الخدمات للمواطنين.
وأشار إلى أن قرار الحكومة بترشيد الدعم جاء فى توقيت مناسب جداً، نظراً للظروف الاستثنائية والصعبة التى يمر بها الاقتصاد العالمى بشكل عام والاقتصاد الإقليمى للمنطقة العربية، مضيفاً أن تلك الإجراءات تؤكد حرص القيادة السياسية على مواصلة الدولة لمسيرة الإصلاح الاقتصادى بقرارات جريئة وحاسمة تتم بشفافية كاملة لتعريف المصريين بالوضع الاقتصادى وبضرورة اتخاذ تلك الإجراءات من أجل استمرار مسيرة التنمية والبناء.
وأكد أن مجتمع الأعمال يرى تماماً أن هناك حتمية لمثل هذه القرارات، وأن كنا نمر بظروف اقتصادية صعبة للغاية، ولكن من المهم جداً البدء فى هذا التوقيت والتحرك لعمل إصلاح اقتصادى قوى يحقق تطلعات الشعب المصرى ويحقق آماله، لذا نرى أن هناك حتمية لإصدار قرارات إصلاحية.
وأضاف يوسف، أن هناك تنسيقا كبيرا بين جمعية رجال الأعمال وكل الأجهزة الحكومية بالدولة، لوضع تدابير تخفف من الآثار السلبية لترشيد الدعم من خلال وضع رؤية موحدة لمجتمع الأعمال تحدد أولويات وقرارات عاجلة لا بد من اتخاذها بشكل جيد وسريع لتخفيف الاثار السلبيه لرفع الدعم.
وأشار يوسف إلى أن مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال انتهى من صياغة رؤية الجمعية لتخفيف آثار القرارات الإصلاحية الأخيرة على أسعار السلع والخدمات للمواطنين، وذلك بعد مناقشات عديدة شاركت فيها كل اللجان القطاعية بالجمعية ووضعها بين أيدى كل الأجهزة المعنية بالدولة للعمل بها فى أسرع وقت.
وأضاف يوسف أن رؤية الجمعية تنقسم إلى إجراءات يتم اتخاذها على المدى القصير والمتوسط لضبط الأسواق وإحداث توازن فى الأسعار بما يناسب مع الوضع الاقتصادى الراهن، مشيراً إلى أن رؤية الجمعية تضمنت أيضا بجانب التدابير اللازمة والحلول العاجلة النتائج الإيجابية لترشيد الدعم على المدى المتوسط وطويل الأجل.
وكشف المدير التنفيذى لجمعية رجال الأعمال أن مجلس إدارة الجمعية قرر إضافة دراسات قطاعية على كل نشاط اقتصادى على حدة لتحديد أهم الأولويات والقطاعات الأكثر تأثراً بقرارات الإصلاح على حياة المواطنين، بالإضافة إلى النتائج الإيجابية المتوقعة على المدى المتوسط لتحسين آداء كل نشاط اقتصادى وإنتاجى.
وأكد أن وضع دراسات لكل نشاط منفصل يعطى مرونة كبيرة لمتخذى القرار فى تحديد أولوياته ومعرفة أكثر القطاعات ذات الأولوية والحساسة والأكثر تأثراً بترشيد الدعم وبما ينعكس على تحسين المناخ الاقتصادى العام، ورفع معدلات النمو وخفض البطالة وتحسين ميزان المدفوعات والحفاظ على الموازنة العامة للدولة واستغلالها الأمثل فى تحسين الخدمات والمرافق وتنفيذ المشروعات القومية للدولة.
وشددت رؤية الجمعية على المدى القصير بأهمية دور القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام فى المرحلة الراهنة فى التوسع فى برامج الحماية الاجتماعية ورفع الأجور بما يضمن حياة كريمة للعاملين فى الشركات، ومستوى دخول يتناسب مع الزيادة المتوقعه لرفع الدعم فى أسرع وقت لتخفيف من آثار ترشيد دعم المحروقات والكهرباء، وأن تقوم الدولة بدورها أيضا فى تخفيف تلك الآثار من خلال رفع أجور العاملين بالقطاع الحكومى واستثناء العلاوات وإعفائها من أى أعباء تأمينية وضريبية أو أى أعباء إضافية من الحكومة بشكل عاجل.
وتابع أن رؤية الجمعية شددت أيضا على ضرورة تحمل القطاع الخاص جزء من فاتورة ترشيد الدعم من خلال ترشيد النفقات وخفض تكاليف الانتاج وزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع لتوفير المنتجات والخدمات بأسعار مناسبة، وأن تستمر الدولة فى محاربة الفساد ومراقبة الأسواق وأداء المحليات فى مواجهة سرقة الكهرباء والماء وتدنى مستوى الخدمات والمرافق، وغيرها من الأمور التى تؤثر سلبياً وتضع أعباء إضافية للقرارات الإصلاحية، مطالبا الحكومة بالضرب بيد من حديد والتصدى للممارسات الخاطئة من قبل البعض وإحداث توازن فى الأسواق.
وأشار إلى أهمية قيام الحكومة باتخاذ قرارات سريعة وعاجلة على المدى القصير فيما يخص "المقاصة الضريبية" التى ما زالت معلقة وأيضا الأمور الخاصة بالمساندة التصديرية والتى تعد من أهم المزايا التى تخلق منافسة عادلة للمنتجات المصرية مع نظيرتها الأجنبية فى الأسواق الدولية الكبرى.
وأضاف يوسف: أما بالنسبة للقرارات التى يجب اتخاذها على المدى المتوسط وفقاً لرؤية جمعية رجال الأعمال فإنه يجب على الحكومة وضع رؤية مستقبلية لتخفيف الطلب على المواد البترولية وتغيير نمط المستهلكين للاتجاه نحو الأجهزة التى تعمل بالطاقات البديلة، وتفعيل الاستخدام الأمثل للنقل النهرى والسكك الحديديه بديلاً عن استخدام النقل البرى وترشيد استهلاك السولار، لافتا إلى أن تلك القرار سيكون لها مردود اقتصادى كبير على المدى المتوسط وطويل الأجل.
وتابع: على الدولة تبنى فكرة تحويل سيارات الأجرة بالمحافظات لاستخدام الغاز الطبيعى لما له آثار بيئية، وكذلك الحد من استهلاك البنزين والسولار وقيام الحكومة باتخاذ قرارات محفزة للمصانع فى زيادة الطاقات الإنتاجية، وحل مشاكل المصانع المتعثرة وإعادة تشغيل الطاقات المعطلة سواء على المستوى الإنتاج الزراعى أو الصناعى واستخدام أصناف جديدة لزيادة الإنتاجية وترشيد استخدام المياه والطاقة.
وأكد أن رؤية الجمعية متوسطة الأجل ترتكز أيضا على تعظيم القيمة المضافة للمنتجات المصرية وتعزيز منافستها فى الأسواق الدولية والرقابة على السلع والخدمات وخضوعها لآليات العرض والطلب، ومنع المنافسات الاحتكارية وتحقيق المنافسة العادلة للحد من ارتفاع الأسعار.
وأوضح أنه تمت صياغة ورقة عمل تتضمن ما أسفرت عنه اجتماعات اللجان القطاعية بالجمعية، وفى مقدمتها لجنة السياحة والطاقة وعدد من اللجان الأخرى والتى ناقشت بموضوعية قرار رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والآليات التى يجب اتباعها، لتخفيف آثار رفع الدعم على بعض القطاعات المؤثرة والحيوية، لافتا إلى أن مجلس إدارة الجمعية ورؤساء اللجان فى انعقاد دورى للنظر فى التوصيات التى صدرت عن الجمعية بما يتماشى مع المتغيرات اليومية وتحديثها طبقا للمعطيات الجديدة.
وقال يوسف إن المناقشات الخاصة بلجنة السياحة بالجمعية أكدت على ضرورة تكاتف القطاع الخاص مع الحكومة لاستعادة وضع مصر على الخريطة السياحية بالشكل الذى يليق بمكانتها الدولية والاستغلال الأمثل للموارد السياحية المختلفة، والتى سيكون لها مردود ايجابى فى تحسين مؤشرات أداء القطاع السياحى.
وأضاف أن لجنة الصناعة بالجمعية أكدت ضرورة تنوع الخريطة الصناعية لتغطى كل أنحاء الجمهورية والقرى والمحافظات الأكثر احتياجاً للتنمية، بالإضافة إلى تحديث القاعده الإنتاجية بشكل دورى وتنوع الصناعات والاهتمام بمشروعات الشباب والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإدخالها ضمن منظومة إنتاج الخامات الصناعية والسلع الوسيطة لترشيد الاستيراد بما يتناسب مع توجه دول العالم والدول الصناعية الكبرى التى يعتمد اقتصادها بشكل رئيسى على المشروعات الصغيرة والمتوسطة إذ انها قادره على تحقيق نمو مستدام وهو ما نحتاج إليه الآن.
وأكد يوسف أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة هى العمود الفقرى لأى اقتصاد على مستوى العالم، ويعتمد نجاحها فى أى بلد على وجود أب روحى لها يعمل على تضافر جهود الدولة والقطاع الخاص والتنسيق الكامل مع كل الوزارات والهيئات الحكومية وإزالة كل المعوقات التى تعيق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى تحقيق أهداف الدولة والاستفادة منها فى كل القطاعات الإنتاجية والخدمية.
أما بالنسبة للقطاع المصرفى فأكد المدير التنفيذى لجمعية رجال الأعمال أن تأثير قرار ترشيد الدعم على المؤسسات المالية والبنوك إيجابى للغاية، حيث إنه يخفف العبء على الموازنة العامة للدولة ويحميها من التآكل، وبالتالى يحد من اقتراض الحكومة لتحسين الموازنة، بالإضافة إلى أنه سيوفر سيوله أكبر لدى البنوك يتم استغلالها فى الانشطة الصناعية والتجارية والخدمية والسياحة والزراعة وتوجيهها للمشروعات التى لها أثر كبير على التنميه الإقتصادية فى الفتره القادمه، مؤكداً أيضا على ضرورة التقليل من استخدام اصول الخزانه من خلال ترشيد الدعم وتخفيض العجز لتوفير تمويل أكبر لدى الدولة فى الصناعة والزراعة وغيرها.
وشدد يوسف على أهمية إصدار حوافز لضم المشروعات الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد الرسمى، بما يزيد من الحصيلة الضريبية للدولة، وتعمل على زيادة القيمه المضافة وتؤثر إيجابياً على الموزانه العامه للدولة.
وأكد أن مجتمع الأعمال المصرى حريص على التواصل الدائم مع الحكومة للاستجابة لمطالب الصناع والمستثمرين، وأن يكون هناك رد فعل وتحرك واستجابة سريعة لمطالب مجتمع الأعمال، وجميعها مطالب تصب فى مصلحة المواطن وتخفف من حدة وآثار الإصلاح الاقتصادى، مضيفاً أن مجتمع الأعمال يؤمن تماماً بأن هناك تبعيات سلبية لقرارات الإصلاح الاقتصادى وقد تصيب السوق بالارتباك لفترة قصيرة، ولكنها ستؤدى فى النهاية إلى الاستقرار وخلق سوق حر يعتمد على المنافسة العادلة وفقاً لآليات العرض والطلب.
وأكد أن القطاع الخاص شريك مع الحكومة فى تحمل تبعات قرارات الاصلاح الجريئة خاصة الشركات التى تعمل فى مجالات التجارة والتصدير والتى يرتبط نشاطها بعقود طويلة الأجل وجميع الشركات ستلتزم بالأسعار القديمة مع زيادة تكلفة الانتاج وأسعار النقل، وبالتالى سوف تتعرض لبعض الاضرار والخسائر فى الوقت الراهن، مطالباً بالتزام الدولة أيضا بحماية المصدرين والصناع وتخفيف العبء عنهم من خلال التوسع فى برامج المسانده التصديرية، وصرف مستحقات الشركات والمساندة التصديريه بشكل سريع، بالإضافة إلى ابتكار أساليب جديدة لمساندة الصادرات المصرية بما يتماشى مع الحوافز التى تقرها الدول الاجنبية للحفاظ على تنافسية منتجاتها والعمل على تخفيف الآثار السلبية المتوقعة جراء العقود التى تم توقيعها قبل قرار تحرير أسعار المحروقات والكهرباء، بالإضافة إلى مراعاة العقود الخاصة بالشركات السياحية وتوفير القروض الخاصة بتطوير الفنادق والمنشآت السياحية، خاصة المتعلقة باستخدام الطاقة النظيفة بالفنادق والمنتجعات السياحية.
وطالب يوسف بقيام الدولة بوضع خطة مستقبلية خاصة برفع الدعم وكيفة تلافى الآثار الناجمة عنه وعرضها على منظمات الأعمال والقطاع الخاص حتى لا تتفاجأ الشركات بأى زيادات مستقبلة فى أسعار المحروقات مع الوضع فى الاعتبار العقود التجارية، ووضع أسعار تحقق تنافسية للمنتج المصرى فى الأسواق التصديرية.
وشدد على أهمية ودور الإعلام فى تسليط الضوء على برامج الحماية الاجتماعية وتعريف المواطنين بالجهود المبذولة لتخفيف أثار الاصلاح الاقتصاد، مؤكداً حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى فى التوسع نحو برامج الحماية الاجتماعية فى ظل التحول إلى الاقتصاد الحر، مشيراً إلى أن الحكومة قامت خلال السنوات الماضية بجهود حثيثة لضمان وصول الدعم لمستحقيه من خلال برامج التكافل الاجتماعى، بالإضافة إلى إنجازات وزارة التضمان الاجتماعى بتدشين عدد كبير من برامج تكافل وكرامة وبرنامج "مستورة" ودعم مشاريع الشباب والمرأة المعيلة، وكذلك مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى الخاصة بسداد مديونيات الغارمات من أموال صندوق تحيا مصر وغيرها من البرامج والأنشطة الاجتماعية، مشيداً بأداء وزارة التموين وجهودها فى توفير الخبز المدعم ودعم المقررات التموينية وتوفير السلع الاستراتيجية فى الأسواق وجميعها إنجازات ضخمة على مستوى ملف العدالة الاجتماعية، فضلاً عن تحسين المرافق والخدمات مثل الانجازات الضخمة فى تطوير ورفع آداء محطات الصرف الصحى فى القرى الفقيرة ومحطات الكهرباء ومياه الشرب والقضاء على العشوائيات ومكافحة "فيرس سى"، بالإضافة إلى إنجازات ضخمة حققتها الحكومة فى مختلف الوزارات، لافتاً أن المواطن قد لا يشعر بحجم الإنجازات التى حققتها الدولة على مختلف الأصعدة إلا بعد التعامل المباشر مع مثل هذه الإنجازات، وأن نتائج الإصلاح الاقتصاد قد لا تظهر إلا على المدى البعيد.