يبدو أن هناك خلافات بين تونس وصندوق النقد الدولى بشأن موعد صرف الشريحة التالية لقرض من الصندوق بعد أن عطل نزاع داخل الحكومة الائتلافية الإصلاحات الاقتصادية فى البلاد.
وستحدد نتيجة المحادثات مصير شريحة تبلغ 250 مليون دولار من قرض حجمه 2.8 مليار دولار، والأهم من ذلك، ما إذا كانت تونس ستبيع سندات دولية بمليار دولار العام القادم أم لا.
ويضغط صندوق النقد على تونس لتقليص عجز الميزانية وزيادة أسعار الوقود للمرة الرابعة، بخلاف الكهرباء لموازنة أثر ارتفاع أسعار النفط الذى يضغط على المالية العامة المتضررة بالفعل.
ويشهد اقتصاد تونس اضطرابات منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن على فى 2011. وقفزت معدلات التضخم والبطالة مقتربة من مستويات قياسية.
وهناك بعثة لصندوق النقد فى تونس منذ نحو أسبوعين لمناقشة كيفية توفير مليار دينار (364.51 مليون دولار) هذا العام نظرا لارتفاع أسعار النفط أكثر مما كان متوقعا.
وكان الصندوق الذى مقره واشنطن غير متشدد فى تقديم شرائح القروض إلى تونس، إقرارا منه بالتحول الديمقراطى الذى شهدته البلاد منذ 2011. وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على مراجعة قرض فى وقت سابق هذا العام، ويباشر الصندوق حاليا مراجعة التقدم الاقتصادى المحقق كل ثلاثة أشهر.
وقال عز الدين سعيدان المحلل الاقتصادى المحلى "أصبح صندوق النقد الدولى أكثر تشددا فى هذه المفاوضات، وقد أوضح أنه لن يصرف الشريحة التالية ما لم تُنفذ شروطه".
وأوقف الاتحاد العام التونسى للشغل ذو النفوذ خططا لبيع شركات حكومية مثل الخطوط التونسية التى يعمل بها ثمانية آلاف موظف لكنها أوقفت تشغيل طائرات لعدم قدرتها على شراء قطع الغيار.
ويعانى رئيس الوزراء التونسى الشاب يوسف الشاهد من ضغوط حزبه الحاكم نداء تونس ومحاولات ازاحته، لكن حزب النهضة الإسلامى المشارك فى الحكومة الائتلافية رفض ذلك.
وبحسب خبراء، يظل الخيار الوحيد أمام الحكومة فى زيادة الضرائب وخفض الدعم على الوقود ومنتجات أخرى. ورفعت الحكومة أسعار الوقود ثلاث مرات هذا العام، لكن مصدرا قريبا من المحادثات قال إن صندوق النقد يريد تسريع الوتيرة إلى زيادات شبه شهرية ورفع أسعار الكهرباء.
وتابع المصدر "إذا أقدمت الحكومة على ذلك، فستواجه احتجاجات فى الشوارع".
ومن المنتظر أن تغادر بعثة صندوق النقد البلاد غدا الجمعة. وقال مصدر مطلع إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فى الأسابيع القليلة القادمة، فسيكون من الصعب على الصندوق إعداد مقترح لقرض جديد حتى الاجتماع القادم لمجلسه فى نهاية سبتمبر أيلول.
وفى غياب تقرير من صندوق النقد يُظهر إحراز تقدم، فربما تضطر تونس لبيع سندات دولية بمليار دولار للمساهمة فى تغطية العجز.
وقال سعيدان "يبدو أن الحكومة فى موقف أشد تعقيدا عن ذى قبل، وبصفة خاصة بعد أن دخلت فى مفاوضات مع الاتحاد العام للشغل فى ضوء انخفاض القوة الشرائية. ربما ترفع الحكومة أسعار البنزين... لكن قد لا يكون ذلك كافيا للحصول على الشريحة التالية من القرض".