احتفلت الأوساط الاقتصادية، بقرار البنك المركزى المصرى خفض أسعار الفائدة بمعدل 1.5%، إذ اعتبروه خطوة نحو تحسين مستويات الأداء الاقتصادى، إذ كبح ارتفاع أسعار الفائدة كثير من الجهود الاقتصادية الفعالة سواء من خلال اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو غير المباشرة من خلال سوق المال، ولكن هل تلك النسبة تكفى لتحقيق ما يطمح فيه الاقتصاديون أم هناك مطالبات بمزيد من التخفيض واتخاذ إجراءات أخرى.
يقول الخبير الاقتصادي محسن عادل، إنه رغم تراجع أسعار الفائدة بنسبة 1.5% مرة واحدة إلا أن التوقعات تشير حتى الآن إلى ضرورة المزيد من التخفيض الفترة القادمة خاصة وأن ارتفاع متوسط تكلفة التمويل وعدم وجود بدائل تمويلية جذابة الفترة الحالية لمستثمرى القطاع الخاص سيؤدى إلى نوع من التباطؤ فى ضخ الاستثمارات فى الاقتصاد المصرى، وهو الأمر الذى قد يسبب مزيد من التحولات خلال الفترة القادمة فى ظل الحرب التجارية العالمية الحالية.
ويرى عادل، أنه يتعين على البنك المركزى مزيد من تخفيض أسعار الفائدة خلال الفترة لتصل إلى أقل من 13% خاصة بالنسبة للتكلفة التمويلية، وهو محور رئيسى للدولة لاستهداف انعاش استثمارات القطاع الخاص لدفع معدلات النمو وزيادة معدلات الاستثمار الداخلى التى تتجاوز 300 مليار جنية خلال العامين الماضيين وهو مستوى قياسى خلال هذه الفترة بفضل الجهود التشجيعية التى شهدها الاقتصاد.
ويضيف عادل، أنه بخلاف تخفيض الفائدة، فأن الاقتصاد المصرى يتطلب عدة إجراءات لتحسين أداء المستوى الاقتصادى وزيادة جذب الاستثمارات، مع الأخذ فى الاعتبار 3 عوامل أساسية؛ أولا وجود أزمة اقتصادية عالمية ومخاوف من ركود عالمى، ثانيا التحويلات التى تشهدها الآليات الاقتصادية العالمية خاصة القطاع المصرفى، ثالثا وجود متغيرات عالميا تدفع بدولة مثل مصر إلى اقتناص بعض الاستمارات الهاربة من توترات الحرب التجارية العالمية، ومخاوف الركود العالمى وهو ما يستلزم من مصر إجراءات لجذب تلك الاستثمارات.
ويشير عادل إلى أنه فى ضوء مؤشرات الأداء الاقتصادى المصرى المعلنة مؤخراً، تؤكد على أن التدفقات الاستثمارية طويلة الأجل بجانب الموارد الذاتية للدولة هى التى يمكن التعويل عليها فى تحقيق الاستقرار المنشود، وبالتالى تحتاج الحكومة للعمل بشكل أسرع على تهيئة المناخ للاستثمارات الأجنبية.
وشدد عادل، على ضرورة قيام البنك المركزى المصرى بتدشين حملة مكثفة لبرنامج لتقديم تمويل منخفض التكلفة بالنسبة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية مع توسيع قاعدة البرنامج ليشمل تطوير وتحديث الطاقات الانتاجية الحالية وتطويرها، مع إعادة النظر فى القيود المفروضة على مساهمة البنوك فى رؤوس الشركات الجديدة وهو ما يحد من تنويع العملية التمويلية بالسوق المحلية.
وتوقع الخبير الاقتصادى، أن يساهم الوضع الحالى فى إعادة هيكلة خريطة سلاسل الإمداد العالمية والتى كانت ترتكز بشكل أساسى فى الصين معتمدة فى ذلك على التكنولوجيا الأمريكية، وبالتالى من الممكن أن تستغل مصر موقعها الاستراتيجى وخاصة منطقة محور قناة السويس لجذب العديد من الشركات الصينية وكذا العالمية التى تبحث عن موقع جديد لتوطين استثماراتها وخطوط إنتاجها، مع الترويج لجذب الشركات العالمية المتضررة من التحولات الاقتصادية وتشجيعها على الاستثمار فى مصر مما يتسق مع اتجاه الحكومة المصرية نحو تشجيع الإنتاج لزيادة الصادرات وإحلال الواردات لتعويض الفجوة فى الميزان التجارى بين مصر والصين.
وتابع رغم صعوبات الأوضاع الاقتصادية العالمية إلا أن برنامج الاصلاح الاقتصادى المصرى الذى تم تنفيذه واستراتيجية تهيئة البنية الاستثمارية على مدار السنوات الأربع الأخيرة، قد وضع مصر فى موقف أكثر قوة ضمن هذه الحزمة من المتغيرات الاقتصادية العالمية.