أكد الدكتور محمود أبو العيون، محافظ البنك المركزى الأسبق ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص فى مواجهة المشكلات الاقتصادية التى تواجه مصر، بالتعاون مع الحكومة، مع تسريع اتخاذ حزمة من الإجراءات على المستوى التشريعى والتنظيمى إلى جانب استحداث منصب نائب رئيس مجلس الوزراء لقيادة عمليات التنسيق فى السياسات الحكومية للوزارات المختلفة.
وقال إن مصر تعانى من مشكلات اقتصادية مرتبطة بقطاعات إنتاجية أساسية، مثل القطاع الصناعى الذى يواجه موجة من التعثر المالى، طالت نحو ألف مصنع بمدينة العاشر من رمضان، مشيرا إلى أهمية تحليل أسباب تعطل جهود الحكومة فى ظل إطلاق العديد من المبادرات لضخ تمويل إضافى للمتعثرين دون أن تنفذ أى منها.
ورأى أن الصناعة تعانى من بيروقراطية أدت إلى تأجيل قرارات ضخ استثمارات جديدة من قبل القطاع الخاص إلى حين استكمال جهود الإصلاح وهو ما يمثل حافزا إضافيا للحكومة للعمل على حل تلك المشكلات.
وحول القطاعات الأخرى التى تعانى من مشكلات خارجة عن الإرداة، قال أبو العيون إنها تشمل القطاع السياحى الذى تضرر من مواقف روسيا وبريطانيا بحظر السفر للمقاصد السياحية المصرية إلى جانب توقف السياحة الإيطالية، ما أدى إلى تراجع عوائد السياحة بصورة كبيرة، داعيا لتبنى مجموعة من الإجراءات لمواجهة هذه الآثار، تتمثل فى الإسراع باستكمال إجراءات تأمين المطارات المصرية من خلال اسناد مهمة إدارتها لشركات متخصصة مع الاستفادة من الخبرات العالمية فى هذا المجال.
وأوضح أن القطاع الثانى الذى يعانى من مشكلة خارجة عن الإرادة هو قناة السويس التى تأثرت بتراجع حركة التجارة العالمية بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد الصينى، واستمرار ضعف نمو الاقتصاد الأوروبى، مؤكدا أن مشروع تنمية محور القناة يعد مشروعا مهما وضروريا، وسيسهم فى تنمية إقليم القناة بالكامل، ويكفى للتدليل على آثاره الإيجابية الاهتمام المتزايد من دول كوريا الجنوبية واليابان والصين والهند وأيضا أوروبا الغربية بالمشاركة فى المشروع.
وقال إن هناك تدفقا كبيرا للاستثمارات على منطقة القناة التى ستستفيد من الانتهاء من مشروع ميناء بورسعيد الجديد الذى سينتهى العمل به العام الحالى، مما سيعمل على سرعة شحن الصادرات المصرية من منتجات المصانع القائمة بالمنطقة، إلى جانب استفادتها من مشروعات الطاقة وتجميع الإلكترونيات.
وأكد أهمية اتجاه الدولة لتعزيز استثماراتها فى قطاع البنية التحتية بإقليم القناة من أجل مواكبة تلك الاستثمارات الاجنبية والمحلية المنتظر ضخها فى الفترة المقبلة.
وطالب محافظ البنك المركزى الأسبق بالعمل على حل معوقات الاستثمار، داعيا لسرعة عرض اللائحة التنفيذية للقانون على الجهات المعنية لإصدارها وبدء الاستفادة من تيسيراتها.
وأكد أبو العيون أن معدل أداء الرئيس عبد الفتاح السيسى أسرع كثيرا جدا من معدل أداء الحكومة، ولديه عشق للوطن، ورغبة قوية فى الإنجاز، ولكن الحكومة ما زال ينقصها سرعة اتخاذ القرارات ولدينا مشاكل تشريعية وتنظيمية تحتاج إلى وجود نائب لرئيس مجلس الوزراء فى كل قطاع من الوزارات سواء المجموعة الاقتصادية أو الخدمية لتنسيق العمل فيما بين الوزارات كونه متخصصا ومحترفا، ويجيد تنسيق السياسات وينفذها على الأرض، وأن يتم اختياره وفق مفهوم الخبرة والمهنية وهذا ما نحتاجه فى هذه المرحلة الهامة والفارقة التى نعيشها.
وحول التعاون مع صندوق النقد الدولى، رأى أبو العيون أهمية تقدم الحكومة لصندوق النقد الدولى للحصول على قرض لتمويل الإصلاحات الهيكلية التى تخطط لها الدولة حيث لا توجد وزارة فى مصر ستتحمل عبء إصلاح اقتصادى مرتقب، لافتا إلى أن المشاكل التى يعانيها الاقتصاد المصرى تحتاج إلى حلول غير تقليدية لا يمكن لحكومة أن تتحمل عواقبها، مطالبا بأن نلجأ إلى صندوق النقد الدولى ليقوم بعمل برنامج إصلاحى يتم تنفيذه بالاشتراك مع الحكومة وبما يتناسب مع قدرات الشعب المصرى على التحمل، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولى يقدم خلال مراحل الإصلاح شبكات أمان اجتماعى يتم من خلالها تقليص الآثار الاجتماعية التى تترتب على قراراته مثل التوسع فى إصدار بطاقات التموين وبطاقات دعم تقدم إلى الفئات المستحقة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه بشكل مباشر.
وأضاف أبو العيون أن التعاون مع صندوق النقد الدولى فى برنامج إصلاحى سيتيح لمصر الحصول على شهادة دولية بالثقة فى إصلاحاتها ومستقبل اقتصادها وسوف نستطيع من خلالها إصدار سندات مصرية فى الأسواق الدولية، بالإضافة إلى أن انخفاض تكلفة الاقتراض من الخارج، ويدخل ضمن ذلك تنظيم سوق النقد الأجنبى لأنه لا يعمل هذا السوق بمنعزل عن الاقتصاد المصرى كله.