نشرت المجلة الاقتصادية Knowledge@Wharton التابعة لجامعة بنسلفانيا الأمريكية، حوارًا لها مع عضو المجلس الرئاسى للتنمية الاقتصادية دينا شريف، وهى رئيسة ومؤسسة شركة Ahead of the Curve والتى تقدم خدمات فى الإدارة المستدامة والتدريب الخاص بالسوق وريادة الأعمال.
كما اختارتها الغرفة التجارية الأمريكية بمصر كرائدة الأعمال لعام 2016، وهى أيضًا عضو مجلس إدارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وإليكم نص الحوار:
- ما مستوى ريادة الأعمال والاستدامة فى مصر والعالم العربى فى الوقت الراهن؟
سأتحدث قليلًا عن مصر، ولكنى سوف أتحدث كذلك على نطاق المنطقة العربية، إن الشباب ممن هم دون 34 عامًا يبلغون 65% من المصريين، ولدينا أعلى معدل بطالة فى الشرق الأوسط، ربما الأعلى فى العالم اليوم.
إن خلق فرص العمل هو أكبر تحدى نواجهه فى المنطقة العربية بأسرها، والقطاع الخاص يعد صغيرًا نسبيًا مقارنة بأسواق أخرى ناشئة. توارث الشباب فى مصر فكرة الاعتماد على الحكومة لتوظيفهم بعد التخرج من الكلية، ولكن هذا حقًا لم يعد متاحًا الآن، خاصة مع عدد الشباب الضخم الذى لدينا اليوم، لذا فنحن نتطلع إلى القطاع الخاص لخلق تلك الوظائف.
ولكن غالبية الوظائف لا تخلقها الشركات المتعددة الجنسيات والشركات الضخمة القائمة بالفعل، فنحن بحاجة إلى وظائف يخلقها فيضان من المشاريع الصغيرة والمتوسطة. على مدى العقد الماضى، أعتقد أنه كان هناك الكثير من التركيز على كيفية خلق ثقافة العمل الحر داخل مصر ومن ثمَّ المنطقة العربية من أجل حل مشكلة خلق فرص العمل وكيفية خلق السياسات اللازمة فى بيئة مواتية لكى نرى نموًا سريعًا للأعمال التجارية.
- هل بدأت فكرة ريادة الأعمال فى الانتشار؟
إن واحدة من أكبر التحديات التى تواجه شبابنا هى أنهم يرغبون بشدة فى الانتقال لمرحلة النضج، فإن لم تستطع العثور على وظيفة فى شركة أو الحكومة والمجتمع المدنى لن يقدم لك نوع الوظيفة المطلوب، فعليك الخروج وخلق وظيفتك بنفسك.
أرى أن ثقافة الشركات الناشئة مزدهرة فى مصر بالتأكيد، كما هناك ذات الثقافة فى الأردن، وهى كذلك آخذة فى النمو فى دبى، أما السعودية فقد بدأت فى التركيز على ريادة الأعمال والأعمال التجارية الجديدة.
- احكى لنا عن Ahead of the Curve
قمنا بتأسيس Ahead of the Curve بعد الثورة فى مصر. أنا والمؤسس الآخر أردنا أن نعمل على الاقتصاد النامى من خلال القطاع الخاص، لأنه كانت لدى خلفية عنه وأن نركز كذلك على العمل الخيرى، وهكذا كنا نتطلع إلى المجتمع المدنى لنرى مزيدًا من التنمية. كنت قد عملت كثيرًا مع بنك التنمية الأفريقى ومع الجهات المانحة الكبرى قبل ذلك، ولكننى أدركت أن التنمية من هذه الزاوية بطيئة للغاية.
للقطاع الخاص قدرة كبيرة على حل المشاكل الاجتماعية بوتيرة أسرع بكثير وبطرق مبتكرة، فقمت بتأسيس Ahead of the Curve لمساعدة القطاع الخاص لخلق نماذج تجارية شاملة ومربحة ومستدامة ولبناء مجتمعاتنا بشكل تحركه القيم وفيه مشاركة أكبر.
ولقد قمنا بالكثير من الأعمال مع الشركات الكبيرة ومتعددة الجنسيات، ولكن سرعان ما أدركنا أن هذا أسلوب الأعلى إلى الأسفل، فما فعلناه لأتباع أسلوب الأسفل إلى الأعلى هو إنشاء شركة فرعية اسمها Entrepreneurship with Impact Ventures وهى أول صندوق استثمارى مؤثر فى الشرق الأوسط يعمل على المراحل المبكرة للشركات الناشئة ذات التأثير الاجتماعىimpact investing) أى الاستثمار ذو الهدف الاجتماعى). وقد كانت رحلة جيدة جدًا حتى الآن واستثمرنا فى عدد المشاريع التى تتعامل مع قضايا الرعاية الصحية والتجارة والنقل، وأنا أرى الكثير من الفرص فى هذا المجال للشركات الناشئة.
- هل الأمر ما زال فى مرحلة النهوض ولم يطهر تأثيره بشكل كامل حتى الآن؟
لدينا بضعة أمثلة جيدة لشركات انتقلت من مرحلة النهوض إلى النمو، وأعتقد أن المستثمرين بدؤوا فى إدراك أن مجال ريادة الأعمال الاجتماعى مربح قد يكون مربحًا للغاية ويحل مشاكل كبيرة فى الوقت نفسه، فنحن ليس لدينا رفاهية الوقت فى الشرق الأوسط، حقًا ليس لدينا هذا المتسع لأن عندنا العديد من المشاكل.
إن لم نخلق فرص عمل بسرعة، أتعلم ما يحدث؟ يصاب الشباب بخيبة الأمل ويتم تجنيدهم من قبل أشخاص كداعش والإخوان المسلمين، ونحن حقًا لا نريد أن نرى ذلك، فنحن نريد إعطاء الشباب القدرة على الانتقال إلى مرحلة النضج ويكون لديهم مصدر رزق جيد. نحن الآن نشجع الشباب لبدء أعمال تجارية سريعة النمو ومربحة، وفى الوقت نفسه تحل مشكلة رئيسية فى المجتمع.
إذا عدنا إلى أصول الرأسمالية، فسنجدها تدعو إلى خلق قيمة مضافة للأعمال والمجتمع، ولكننا بطريقة ما جنحنا عن هذا خلال القرن العشرين والثورات الصناعية، وأصبحنا نركز على التكنولوجيا وعمل تطبيق وراء آخر ونسينا أن الأعمال التجارية يجب أن تهدف إلى حل المشاكل، إلا أن فكرة الأعمال الاجتماعية بدأت فى النمو فى الشرق الأوسط، وهذا مثير للاهتمام حقًا بالمقارنة مع بقية العالم، وها نحن نرى ظهور الكثير من هذه الأعمال.
- نتحدث فى الولايات المتحدة كثيرًا عن تغيير أسلوب العمل فى الرعاية الصحية، فهل ترون ذلك فى المنطقة العربية؟
لقد استثمرنا فى هذا المجال مع رائد أعمال صمم نموذج جديد ورائع لتوفير التأمين الصحى بأسعار مقبولة للطبقة الوسطى وما دونها، مستهدفًا الشركات الصغيرة والمتوسطة والتى لا تستطيع تحمل تكاليف شركات التأمين الصحى، فقام بعمل كارت ذكى يستطيع شراءه أى شخص ليدخل فى النظام والحصول على الخدمات الصحية بأسعار مخفضة. وقد كبر عمله بسرعة شديدة وعلى أحسن حال حتى إنه هناك لاعبون أجانب يريدون شراء عمله، وهذه قصة نجاح عظيمة ومثال على الإبداع الحقيقى داخل نظام الرعاية الصحية لدينا.
- إلى جانب الرعاية الصحية، ما القطاعات الأخرى التى ينبغى التركيز عليها؟
الطاقة والتعليم والمياه والبيئة والبنية التحتية والنقل.. لدينا قضايا كبيرة مرتبطة بالمرور والنقل، خاصة فى مصر. إن مشاكلنا بلا نهاية، فيمكنك أن تعمل على أى شىء وتحظى بتأثير مجتمعى حقيقى إن كنت تقوم بالتركيز بما فيه الكفاية.
ما نحاول جميعًا القيام به سريعًا هو توجيه طاقة الشباب لشىء يؤدى إلى مسار نمو إيجابى لمصر، وهذا يحتاج الكثير من الموارد والالتزام، ونحن نعمل بجد ونحاول أن نفعل ذلك لأننى أعتقد أن مصر لديها إمكانات هائلة، فهى بلد عظيم وبلد جميل ولديها تراث وعدد من أفضل أماكن الغوص فى العالم. أعتقد أنه هناك الكثير من الإمكانات لبناء اقتصادنا بشكل مستدام لكى يكون رائدًا فى هذا المجال. ونستطيع أن نكون روادًا فى مجال ريادة الأعمال ذو الأثر الاجتماعى وأمام العالم كله عبر الدول ذات الاقتصاد النامى، وأعتقد أن ما يحدث فى مصر مدهش.
- هل تأملين أن نقوم بنقاش مختلف كثيرًا عن هذا بعد 10 سنوات من الآن؟
بعد 10 سنوات من الآن، أعدك أنه سيكون هناك العديد من قصص النجاح والابتكار والإبهار من مصر، ولن أتمكن من اختيار واحدة منها!