استعرضت هالة السعيدوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصاديةاليوم، التجربة التنموية لمصر خلال الجلسة المنعقدة بعنوان "السياسات المطلوبة لتعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة الأزمات" وذلك ضمن فعاليات المؤتمر الاقتصادى الذى نظمته الحكومة المصرية بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، والدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء والمسؤولين والخبراء ورجال الأعمال، والذى تمتد فعالياته على مدار 3 أيام من الفترة 23 أكتوبر إلى 25 أكتوبر الجارى بعنوان "خارطة طريق لاقتصاد أكثر تنافسية".
وخلال كلمتها بالجلسة، قالت الدكتورة هالة السعيد أن تقييم التجربة التنموية فى مصر والنظرة المستقبلية ينبغى ألا يتم بمعزل عن المتغيرات الدولية المحيطة بها، لأنه عند تقييم أى تجربة تنموية يجب النظر إلى الظروف المحلية والدولية أيضا، مشيرة إلى تعاقب الأزمات وانعكاساتها على الوضع العالمى، فعند البدء فى التعافى من تداعيات كوفيد 19 الذى أدى إلى الضغط على السياسات المالية عند معظم الدول الناشئة، وكانت مصر نفذت برنامجها للاصلاح الاقتصادى وكانت لديها المساحة المالية التى ساعدتها على مواجهة تداعيات الأزمة وبدأت فى التعافى، بدأت الأزمة الجيوسياسية وانعكاساتها المستمرة، والتى أدت إلى نقص شديد فى جانب العرض، واضطراب شديد فى سلاسل الإمداد، إلى جانب أزمة الطاقة، ارتفاع معدلات التضخم، لذلك سارعت البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة لتقليل ضغط هذا التضخم على المواطنين.
وأوضحت أن الأزمة العالمية تسببت فى العديد من الخسائر على مستوى العالم منها زيادة حجم البطالة العالمية والتى تصل إلى 228 مليون مواطن بنهاية هذا العام، إلى جانب ارتفاع شديد فى نسب الدين العالمى إلى الناتج المحلى الإجمالى بحوالى 350%.
وفيما يتعلق بمعدل النمو الاقتصادى فى مصر، أوضحت السعيد أنه على الرغم من وصول معدلات النمو الحقيقى للاقتصاد المصرى إلى معدلات موجبة ومرتفعة إلا انه يتسم بعدم الاستدامة، لأنه كان نمو مدفوع بالاستهلاك الخاص حتى منتصف العقد الماضى، كما كان هناك تواضع فى مساهمة قطاعات الاقتصاد الحقيقى فى نسبة النمو، ومع زيادة نسبة مساهمة الاستثمار فى النمو خلال الأعوام الاخيرة تم حد اتساع الفجوة بين الصادرات والواردات والتى استمرت على مدار العشرين سنة الماضية، مما أدى إلى وجود عجز فى الميزان التجارى، وذلك بسبب تدنى مساهمة القطاعات الانتاجية فى النمو.
وأكدت السعيد أن الهدف الاساسى للنمو هو توفير فرص عمل لائقة، وقد وصلت مستويات البطالة إلى أدنى مستوى لها على مدار العشرين سنة الماضية بنسبة 7,2% بعد أن كانت 13% وذلك على الرغم من تداعيات الأزمة العالمية، ولكن هناك تحدى هو ارتفاع معدل بطالة الحاصلين على مؤهلات عليا وتصل إلى 15%، وتصل بطالة الاناث إلى 3 أضعاف بطالة الشباب.
وأشارت السعيد إلى برامج الاصلاح الاقتصادى المتعاقبة فى مصر بدءًا من عام 1991 حتى برنامج الاصلاح الاقتصادى عام 2016 والذى قامت الدولة من خلاله بإصلاح مالى ونقدى، وإصلاح تشريعى من خلال إصدار حزمة من القوانين، وإصلاح هيكلى فى قطاع الطاقة وتوجيه فائض الترشيد إلى الفئات الأكثر احتياجًا من خلال برامج الحماية الاجتماعية، وسلطت السعيد الضوء على إطلاق الحكومة المصرية لأول مرة برنامج للاصلاح الهيكلى، والذى يستهدف القطاعات الانتاجية الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، ويؤدى إلى زيادة مرونة الاقتصاد المصرى ويجعله قابل لامتصاص الصدمات، لأنه سيكون اقتصاد حقيقى، قائم على المعرفة وقادر على المنافسة، ويهدف البرنامج إلى زيادة نسبة مساهمة القطاعات الانتاجية فى النمو حيث كانت نسبتها عام 2019/2020 تصل إلى 26%، ومن المستهدف أن تصل النسبة إلى 35% عام 23/2024، وهى وصلت بالفعل إلى 30%.
وتطرقت السعيد إلى زيادة نسبة الصادرات الصناعية المصرية ذات المكون التكنولوجى المرتفع، والتى تستطيع المنافسة فى الاسواق الدولية، إلى جانب تحسن ترتيب مصر فى مؤشر الأمن الغذائى العالمى وزيادة الزراعة التعاقدية، موضحة أنه تم اختيار قطاعات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات فى برنامج الاصلاحات الهيكلية لأنها قطاعات واعدة قادرة على النمو السريع، ووزنها النسبى فى الناتج المحلى كبير، ولديها قدرة على التشابك مع باقى القطاعات.
وأشارت السعيد محور رفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنى بالشراكة مع القطاع الخاص، موضحة أن هناك فجوة بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات سوق العمل، ويهدف البرنامج إلى زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الفنى، واعتماد مدارس التعليم الفنى دوليا لتغيير الصورة الذهنية لهذا التعليم، إلى جانب اطلاق منصة لمجالس المهارات القطاعية.
وفيما يتعلق بمحور تحسين بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص أوضحت السعيد تطور استثمارات القطاعين العام والخاص من اجمالى الاستثمارات الكلية حيث وصلت نسبة الاستثمارات العامة عام 19/2020 إلى 62%، والخاصة إلى 38%، لافتة إلى أن نسبة المشتغلون بالقطاع الخاص تصل إلى 78,4%.
وتناولت السعيد بالحديث الاجراءات المتخذة لتمكين القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى والمتمثلة فى وثيقة تنظيم ملكية الدولة، سياسة الحياد التنافسى، انشاء صندوق مصر السيادى، تعديل قانون الشراكة مع القطاع الخاص رقم 67 لسنة 2010، إلى جانب تفعيل بعض مواد قانون الاستثمار الخاصة بالحوافز الخضراء، إلى جانب تحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لمركز صناعى لوجيستى عالمى.
وفيما يتعلق بمحور تنمية رأس المال البشرى، أشارت السعيد إلى مبادرة "حياة كريمة" والتى تعتبر تطبيق عملى لمؤشر الفقر متعدد الابعاد وتشمل جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر وعمل على توطين أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أنها أكبر مشروع تنموى فى العالم وتهدف إلى تحسين مستوى خدمات البنية الاساسية والعمرانية، تحسين جودة خدمات التنمية البشرية، إلى جانب تحقيق التنمية الاقتصادية والتشغيل.
وأشارت السعيد إلى المشروع القومى لتنمية الاسرة المصرية، والذى يتم من خلاله لأول مرة التعامل مع القضية السكانية من منظور تنموى شامل، ويهدف إلى الارتقاء بجودة حياة المواطن من خلال ضبط النمو السكانى والارتقاء بالخصائص السكانية، لافتة إلى تطور نصيب الفرد من الاستثمارات العامة والذى وصل إلى 90 ضعف خلال الاربعين سنة الماضية وانعكس بشكل أساسى على نوعية الخدمات المختلفة التى قدمتها الدولة للمواطنين، إلى جانب زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء والتى كانت 15% ثم وصلت العام الماضى إلى 30%، ونستهدف إلى 50% العام المقبل، وكل هذه الاستثمارات ساهمت فى تحسن وضع مصر فى تقرير التنمية البشرية العالمى 2021/2022 حيث قفزت مصر 19 مركز فى مؤشر التنمية البشرية العالمى ووصلت إلى المرتبة 97 فى التقرير.
وأشارت السعيد إلى عملية تحديث رؤية مصر 2030 وذلك لمواكبة التغيرات والمستحدثات المحلية والدولية باعتبارها وثيقة حية، والتأكيد على الاتساق والترابط بين الاهداف الاستراتيجية للرؤية واهداف التنمية المستدامة الأممية، واجندة افريقيا 2063، مواكبة التغيرات التى طرأت على مؤشرات الاقتصاد المصرى بعد تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادى، والتأكيد على ترابط الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، مؤكدة أن رؤية مصر 2030 تعتبر وثيقة تشاركية تم إعدادها من الحكومة، المجتمع المصرى، القطاع الخاص، المجتمع المدنى، مراكز الفكر والابحاث والبرلمانيين والاعلاميين.