بدأت شركات التأمين العالمية تحوم حول إيران بحثا عن فرص إبرام تعاملات وذلك فى أعقاب رفع العقوبات المفروضة عليها وقد يجىء أول اختبار لمدى إقبالها على إيران فى مارس عندما تسعى الشركات الإيرانية لتجديد غطائها التأمينى.
وتعمل شركات التأمين وشركات إعادة التأمين التى تشترك معها فى تحمل المخاطر وكذلك الوسطاء الذين يبرمون صفقات على استكشاف سبل الاستفادة من سوق تبلغ قيمة الأقساط التأمينية فيه 7.4 مليار دولار بعد إبرام الاتفاق النووى بين القوى العالمية وإيران الأمر الذى أدى لرفع القيود المفروضة على التعاملات المالية مع إيران هذا الشهر.
وفى الأيام الأخيرة قالت شركات أليانز وزوريخ للتأمين وهانوفر رى لإعادة التأمين على سبيل المثال إنها ستجرى تقييما للفرص المحتملة فى إيران.
ويعتبر خبراء التأمين وإعادة التأمين قطاعى النشاط البحرى والطاقة من بين القطاعات التى تتيح أفضل الفرص فى إيران المنتجة للنفط، وإلى جانب التغطية التجارية يمثل التأمين على الحياة مجال نمو محتملا لأنه يمثل أقل من عشر القيمة الإجمالية للأقساط التأمينية فى إيران بالمقارنة مع أكثر من النصف على المستوى العالمى.
ويقول خبراء فى صناعة التأمين إن من المرجح أن تعمل الشركات العالمية فى البداية على الارتباط بشركات إيرانية للاستفادة من خبراتها المحلية ولإعادة التأمين على بعض النشاط التأمينى المحلى فى السوق العالمية على أن يساعد وسطاء دوليون الشركات الأجنبية فى إبرام صفقات.
ومازالت شركات التأمين الأمريكية ممنوعة من العمل فى إيران بسبب عقوبات أمريكية منفصلة لا تزال سارية على إيران.
وينتهى أجل عقود التأمين لبعض الشركات الايرانية عندما تنتهى السنة الفارسية فى أواخر مارس وستتطلع هذه الشركات لإبرام اتفاقات جديدة. وهذا قد يشمل شركات التأمين نفسها الساعية إلى غطاء جديد من اتفاقات إعادة التأمين.
وقال محمد السودة نائب الرئيس العضو المنتدب للشركة الايرانية لإعادة التأمين لرويترز إن أطرافا أجنبية فى صناعة التأمين اتصلت به بالفعل تطلعا لإبرام اتفاقات تعاون مع شركته ودخول السوق.
وقال السودة الذى يعمل فى صناعة التأمين منذ 30 عاما إن الشركات "تنتظر يوم التنفيذ" مشيرا إلى اليوم الذى أكدت فيه هذا الشهر الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن طهران وفت بالتزاماتها بمقتضى الاتفاق النووى.
وأضاف قائلا: "استقبلنا ما يكفى من الزيارات (من شركات أجنبية).. ومن المحتمل أن يتم استئناف النشاط بسرعة لكن ذلك سيتوقف على البنود والشروط التى تعرضها علينا."
وتابع: "ستحل بعض مواعيد التجديد فى السوق فى غضون شهرين. وستكون تلك نقطة طيبة يمكننا الانطلاق منها."
وقال ساسان سلطانى مدير تطوير الأعمال الاقليمية فى شركة ايران للتأمين التى تتخذ من دبى مقرا لها ولكن غالبية ملاكها ايرانيون إن الشركة تلقت اتصالات من وسطاء وشركات تأمين بريطانية ويابانية تستفسر عن فرص التعاون.
وكانت الشركات الأجنبية تنتظر رفع العقوبات منذ شهور حسبما أوضحت ردود ثمانى شركات من بين 11 شركة للتأمين وإعادة التأمين من الغرب والشرق الأوسط على أسئلة وجهتها لها رويترز العام الماضى.
وقالت الشركات الثمانى إن ايران تمثل سوقا مغرية لاسيما فى قطاعى النشاط البحرى والطاقة.
ومع ذلك ورغم رفع العقوبات مازالت هناك عقبات قائمة الأمر الذى يجعل الشركات تتوخى الحذر فى التعجيل بدخول السوق.
فالقيود الأمريكية التى لاتزال سارية تستبعد الرعايا الأمريكيين والبنوك الأمريكية وأطراف صناعة التأمين فى الولايات المتحدة من التعامل مع ايران بما فى ذلك التعاملات الدولارية ولذلك تبقى المخاوف قائمة فيما إذا كان بوسع شركات التأمين الأجنبية الأخرى إبرام تعاملات دون المجازفة بالتعرض لعقوبات.
وقال باسم كبان رئيس مجلس إدارة شركة الوسطاء المتحدون للتأمين (يونايتد انشورانس بروكرز) التى تتخذ من لندن مقرا لها إن الشركة كانت نشطة فى مجال إعادة التأمين فى ايران قبل فرض العقوبات الدولية وإنها تنوى إعادة فتح مكتبها فى طهران "بأسرع ما يمكن".
وقال كبان: "فى ظل العقوبات توقفنا عن العمل. لكننا حافظنا على مرتبات موظفينا هناك خلال السنوات الخمس ونصف السنة الماضية."
وأضاف أن من المحتمل أن تشعر الشركات بالقلق بسبب المخاوف من وجود مساهمين أمريكيين أو شركات تابعة أمريكية.
وتابع "سيكون الناس فى غاية الحذر إزاء ما يقدمون عليه. وإذا كانوا غير واثقين فلن يقبلوا."
لكنه أضاف أن من المرجح أن تكون أطراف فرنسية ويابانية أسرع من غيرها فى توفير خدمات إعادة التأمين وذلك نظرا لوجودها الكبير فى ايران فى السابق. وأضاف أن قطاعات مثل الطيران وتوليد الكهرباء والطاقة ستتطلب غطاء تأمينيا كبيرا.
وتعمل شركات إعادة التأمين على مساعدة شركات التأمين فى تحمل عبء الخسائر الضخمة مقابل نسبة من الأقساط.
وقال وسيط آخر فى لندن إن شركته قررت عدم فتح مكتب لها فى طهران الآن وفضلت عدم المجازفة بالسعى لتصدر السباق.
وفى حين أن ايران يوجد فيها 27 شركة للتأمين المباشر وشركتان لإعادة التأمين فإن أغلبها تأسس فى السنوات العشر الأخيرة وتفتقر إلى التصنيفات الائتمانية الدولية نظرا لحرمانها من التعامل مع الأسواق الخارجية.
وهذا بدوره قد يردع شركات أجنبية وإدارات الالتزام باللوائح والقوانين والتى تخشى من العقوبات عن إبرام صفقات معها.
وتعمل الشركة الإيرانية لإعادة التأمين على الحصول على تصنيف ائتمانى وقال السودة إنها أجرت مباحثات مع وكالتين من وكالات التصنيف لهذا الغرض. لكنه امتنع عن ذكر الشركتين بالاسم.
وقال السودة "بسبب العقوبات لم تستطع (شركات التصنيف) تسعيرها ولذلك فهذه أولوية فى برنامجنا. كذلك تترقب عدة شركات للتأمين فى إيران تصنيفها."
وأضاف أن حوالى أربعة فى المئة من أقساط التأمين الإيرانية توجه لشركات إعادة التأمين وهو ما يعنى أن نشاط إعادة التأمين يقدر بنحو 300 مليون دولار.
وتابع أن من المتوقع أن يرتفع حجم عمليات إعادة التأمين مع توسيع نطاق النشاط أمام الشركات الأجنبية.