نعترف جميعا بوجود أزمة اقتصادية حقيقة فى بلدنا بشكل عام، تحديدا مشكلة عدم توافر الدولار التى لم تطال قطاع السيارات فقط سواء على مستوى الاستيراد أو التصنيع المحلى وإنما شملت جميع القطاعات مثل الحديد أو الأدوية وغيرها.
ولا أحد يعلم متى تنتهى هذه الأزمة، خاصة أن عائد قناة السويس والسياحة لن يستطيعا أن توفيا كل التزمات البنك المركزى تجاه كل هذه القطاعات، فى المقابل استمرارهذه الأزمة يجعل الرؤية ضبابية لكل شركات السيارات والقائمين عليها، سواء لوضع الخطط والاستراتيجيات سواء على المدى القريب أو المدى البعيد، وتكون النتيجة هى التوقف التام عن العمل والإنتاج والتجميع والاستيراد وانتشار ظاهرة قوائم الانتظار، التى باتت ملتصقة مع غالبية وكلاء السيارات فى مصر والمستهلك المصرى هو الطرف الأكثر غلبا فى هذه الدائرة المغلقة.
سلسلة توقف لمصانع السيارات بمصر
بدأت مرسيدس عملية التوقف من إنتاج سيارات جديدة للسوق المصرى، حيث إن الشركة الأم قررت ذلك لرؤيتها أن هذا القرار الأفضل خاصة فى ظل تطبيق اتفاقية مثل الشراكة الأوروبية والتى تقضى بوجود تخفيضات جمركية تصل إلى صفر فى 2019.
وفاجأتنا الأسبوع الماضى شركة جنرال موتورز مصر بتصريحات صادمة حول وجود توقف كامل لمصنعها بالسادس من أكتوبر لمدة أسبوع، نظرا لعدم توافر الدولار، فسرها البعض أن الشركة تضغط على الحكومة لتوفر لها العملة الصعبة وهى الدولار من أجل استكمال الإنتاج مرة أخرى، فى حين فسر خبراء آخرون أن هذا التوقف عادى والشركة تبالغ فى تصريحاتها، خاصة أن كلا من مصنع غبور وشركة الأمل قد توقفتا أيضا لمدة شهر ولم تدليا بأية تصريحات، لتصر حجنرال موتورز مرة أخرى على عودة الإنتاج قبل انتهاء الأسبوع بعد تصريحات محافظ البنك المركزى، الذى أكد أن الشركة تكسب أرباحا سنوية ضعف رأس مالها المطروح، ونظرا لأن الدائرة مغلقة والأمور أكثر تعقيدا لأنه لا نستطيع تحميل المسئولين ببلدنا أكثر من طاقتهم والضغط عليهم لتوفير الدولار، إلا أن الأزمة حاليا أصبحت عامة على جميع الشركات، فبعض منهم يقوم بتسليم سيارته بالدولار قبل الإفراج عنها أى "منطقة حرة" والبعض الآخر يلجأ إلى السوق السوداء ليوفى احتياجاته أى ساعد نفسك بنفسك.
محصلة كل هذه الآراء أن سوق السيارات فى مصر هالك لا محالة إذا استمر الوضع هكذا، ومن يستطيع أن يصمد خلال 2016 تحديدا فى ظل هذه التحديدات سيكون بطلا بمعنى الكلمة.
أخطاء القرارات الحكومية وتأثيرها على سوق السيارات المصرى
تتخذ الحكومة قرارات تعجز بعض شركات السيارات تنفيذها، وأبرز هذه القرارات هى "الأسعار الاسترشادية"، فكيف يكون هناك حياة لبعض الشركات وهى محاصرة بمجموعة من القرارات المشوهة، إذا كانت هذه الشركات تعانى من عدم توافر الدولار فكيف نقحمهم فى مشاكل أخرى تصل بهم إلى مرحلة التوقف هل هذا هو التوجه العام؟ كيف يفكر القائمون على القرارات فى مصر إذا استطاعت الشركات حل أزمة الدولار ولو بشكل مؤقت، لماذا لا يوجد اهتمام بهذا القطاع الذى هو من أهم أعمدة الاقتصاد المصرى والذى يدر نصف دخل قناة السويس، متى سيتم الإعلان عن استراتيجية السيارات الجديدة، إلى متى ستنتظر شركات السيارات دعوة من المسئولين لسماع شكواهم وحل تعسراتهم سواء من ناحية الاستيراد أو من ناحية التجميع المحلى أو تعديل قوانين الاستثمار التى تعجز بعض الشركات، وأبرز هذه القرارات الاستيراد الرمادى أو الخليجى، وهو من غير بلد المنشأ هل يتساوى التاجر الذى يحضر سيارات وتكون مهمته فقط هى "البيع" مع العلم أن هناك كيانات وتوكيلات قائمة وملتزمة "بالبيع"، "توفير قطاع الغيار"، "الصيانة"، وتقوم بدفع الضرائب وتوفر عددا كبيرا من الوظائف للحد من البطالة، هل يتساوى التاجر والوكيل لمجرد قرار خاطئ هدفه الوحيد هو "منع الاحتكار؟
فى تقديرى الشخصى لابد أن تكون هناك وقفة سواء للشركات أو للحكومة على حد سواء، للخروج بأفضل النتائج للطرفين، ويصب ذلك فى صالح الجميع الدولة ثم الشركات ثم المستهلك المصرى البسيط.