توقع اقتصاديون أن تجنى مصر خلال الأعوام القليلة المقبلة ثمار الإجراءات الاقتصادية الصعبة التى اتخذتها فى السنوات الماضية، مع استمرار العمل على استكمال الإصلاحات فى شتى القطاعات، لا سيما الصناعة، لزيادة الصادرات وتقليل عجز الميزان التجارى.
وقالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث فى بنك الاستثمار فاروس، إن مصر وذعت قدميها على الطريق الصحيح اقتصاديا خلال السنوات الأربع الماضية، خاصة منذ الإعلان عن الدخول فى مفاوضات مع صندوق النقد الدولى فى النصف الثانى من 2016، وموافقة الصندوق فى نوفمبر 2016 على قرض لمصر قيمته 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، وتبنى برنامج الإصلاح الاقتصادى من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى أعلن أمس الجمعة ترشيح نفسه لفترة رئاسة ثانية مدتها أربع سنوات، فى الانتخابات التى تجرى مارس المقبل.
وقالت "السويفى" فى تصريحات صحفية لوكالة رويترز: "مهدنا الطريق واتخذنا خطوات قوية وسنجنى الثمار ونرى طفرة اقتصادية، خلال فترة من ثلاث إلى خمس سنوات.. كل الإصلاحات التى جرت الفترة الماضية كانت مالية، نحتاج الآن لإصلاحات على المستوى الصناعى والزراعى، لنتحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة، ونوفر احتياجاتنا من الصناعة المحلية".
وتنفذ الحكومة المصرية منذ 2016 برنامج إصلاح اقتصادى، شمل فرض ضريبة على القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية، سعيا لإنعاش الاقتصاد ودفعه على مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية، كما تضمن البرنامج قانونا جديدا للاستثمار وإصلاحات فى قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون للإفلاس.
وفى سياق متصل، قالت ريهام الدسوقى، محللة الاقتصاد المصرى فى بنك الاستثمار أرقام كابيتال: "مصر غيرت هيكلها الاقتصادى تماما خلال الفترة الماضية، النمو قد يكسر حاجز 6% سنويا خلال الفترة المقبلة، لو واصلنا العمل على إصلاحات أخرى والقضاء على البيروقراطية".
وبحسب المؤشرات الاقتصادية، فإن من المتوقع تحقيق نمو بين 5.3 و5.5% خلال السنة المالية الحالية، التى تنتهى فى يونيو 2018، على أن يصل إلى 6% فى العام 2018/ 2019.
الإجراءات التى اتخذتها مصر لم تكن قرارا سهلا فى بلد شديد الاعتماد على الاستيراد لتلبية احتياجات ما يقرب من 100 مليون نسمة، اعتادوا الدعم الحكومى لكثير من السلع والخدمات الأساسية، ويقول نعمان خالد، محلل الاقتصاد المصرى الكلى فى بنك الاستثمار "سى. آى كابيتال"، إن 2014 و2015 ومعظم 2016 كانت سنوات الفرص الضائعة على الاقتصاد المصرى، إذ كان يمكن خلالها اتخاذ إصلاحات عظيمة بتكلفة أقل كثيرا من الوقت الحالى.
ويتابع نعمان خالد: "كان سعر الصرف 7.15 جنيه للدولار فى البنوك فى يونيو 2014، فى حين كان السعر فى السوق السوداء نحو تسعة جنيهات، وعند تحرير سعر الصرف فى نوفمبر كان السعر الرسمى 8.88 جنيه وفى السوق الموازية ما يقارب 18 جنيها، ويبلغ سعر الدولار نحو 17.75 جنيه حاليا بينما اختفت السوق الموازية تماما بعد تحرير سعر الصرف".
وأضاف خالد: "شهدنا مزيجا غير مفهوم من السياسة المالية الانكماشية خلال الفترة الماضية، التى تمثلت فى خفض الدعم عن جميع السلع والخدمات التى كانت تدعمها الحكومة، مع سياسات مالية توسعية من خلال مشروعات عملاقة مثل قناة السويس والعاصمة الإدارية"، ومن المتوقع أن يقطف المواطن المصرى والمستثمرون ورجال الأعمال ثمار تلك المشروعات خلال السنوات القليلة المقبلة.
من جانبه، يرى على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، أن الفترة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي كانت صعبة "لأن الاقتصاد كان منهكا ومنهارا بعد اضطرابات 2011، لم يكن هناك كهرباء ولا غاز طبيعى للمصانع، وكانت الطرق والبنية التحتية متهالكة،انظر الآن ستجد لدينا فائضا فى الكهرباء وتوفير الغاز بانتظام للقطاع الصناعى، بجانب شبكة كبيرة من الطرق الجارى تنفيذها، مصر كانت مسرحا للانطلاق الاقتصادى الفترة الماضية وسيكون 2018 هو عام الانطلاق بإذن الله".