مشوار حافل سطره أسطورة الكرة المصرية والنادى الأهلى، حيث بدأ حياته من العدم حتى وصل إلى أعلى منزلة فى قلوب محبى الكرة، بعدما شب فى أسرة فقيرة الحال وقاده القدر ليكون أكثر الموهوبين ومن لعبوا الكرة، حيث قدم مستوى ممتعا ساهم بشكل كبير فى صناعة أسطورته الكروية.
يحكى تريكة عن حياته منذ أن كان طفلا صغير فى قرية ناهيا التابعة لمنطقة بولاق الدكرور وما يلى على لسانه:
"مثلى مثل المئات من أبناء الأسر الفقيرة متوسطة الحال..كنت أخرج فى الصيف بعد انتهاء العام الدراسى مثل غيرى من هم فى عمرى للبحث عن الرزق كى أدبر مصاريفى الخاصة وكذلك مصاريف السنة الدراسية القادمة وأنا فى سن الـ13 و14 عاما، وبدأت عملى بكنس الأرض من الحصى التى عليها، حيث أننى كنت أستيقظ لصلاة الفجر قبل تناول الإفطار والتوجه للعمل فى مصنع الطوب، وكنت أمكث به فترة طويلة حيث لا أعود للبيت إلا بعد صلاة المغرب وغالبا كنت أفضل أن أخلد إلى نومى بسبب إحساسى بالتعب والإرهاق الشديد، وفى العام التالى عملى فى المصنع تغير وأصبحت مسئولا عن عملية تقليب المونة وكانت عملية مرهقة جدا، لكن هذا العمل أفادنى لأنه ساهم فى تقوية عضلاتى لأنه أقوى من أى تدريب الآن.. وفى العام الثالث كنت مسئولا عن عربة حمل أدوات البناء "البرويطة" وهى عبارة عن مكان يدخل فيه خليط من المونة والرمل لتفريغه".
أمنيته التى لم تتحقق:
وعن أمنياته يسرد تريكة، "كان نفسى أبقى مهندس لكن نسبة نجاحى فى الثانوية العامة لم يساعدنى على تحقيق هذا الحلم، حيث إننى نجحت بنسبة 80% فقط لأننى لم أحصل على دروس خصوصية بسبب ظروف المادية الصعبة حينها.. وقادنى التنسيق إلى كلية علوم بجامعة الإسكندرية ولكننى حولت أوراقى إلى كلية الآداب قسم التاريخ.. ورغم أننى نشأت فى أسرة فقيرة إلا أننى أفخر بوالدى الذى يعمل "جناينى" ولم أشعر بالضيق تجاه طبيعة عمله.. وكان والدى دائما ما يردد مقولة، أحب أكل من عرقى والإيد البطالة نجسة وأنا أرى والدى فى صورة البطل الذى ظل يكافح بحثا عن رزقه ودائما ما كان يعتز بعمله.
من هنا بدأت علاقتى بالكرة:
وعن علاقته بالكرة هو وأسرته يقول: "كنت برفقة أشقائى الكبار الراحل أحمد وحسين وأسامة يلعبون الكرة ويتمتعون بالمهارة لو كانوا يلعبون إحدى المباريات بمركز شباب ناهيا وأصيب أحد زملائهم فاضطروا للدفع بى وكان عمرى 13 عاما".. والغريب أنه تفوق على أشقائه ونال إعجاب الجماهير خلال الوقت الذى شارك فيه.
مهارته الكبيرة قادت صديقه مجدى عابد وهو حارس مرمى فريق الداخلية السابق لاصطحابه إلى نادى الترسانة من أجل الخضوع للاختيار بعد موافقة والده الذى كان يعمل موظفا بهيئة تجميل ونظافة القاهرة وفى الترسانة طلب منه الحملاوى المدير الفنى لفريق تحت 14 سنة استعراض مهارته بالكرة "التنطيق" وتخطى محمد أبو تريكة عدد الـ 150 مرة حتى أوقفه الحملاوى وقرر ضمه لفريق الناشئين.
وذات مرة شاهده رأفت مكى المدير الفنى للفريق الأول بالترسانة وأعجب بمهاراته وقرر ضمه للفريق الأول وكان عمره 17 عاما وكان فريق الترسانة يلعب فى دورى الدرجة الثانية ونجح محمد أبو تريكة أن يحصل على شارة الكابتن بحكم أنه الأكبر سنا وحقق لقب هداف البطولة فى هذا الموسم برصيد 24 هدفا.
وخلال تلك الفترة تولى أنور سلامة تدريب المنتخب الوطنى وضمه لصفوف المنتخب بسبب قناعته بمستواه الفنى العالى ونفس الأمر بالنسبة لعبد العزيز عبد الشافى المدير الفنى للمنتخب الأولمبى وقتها الذى ضمه لصفوف المنتخب وكان مثار إعجاب كل المدربين وحين تولى محمود الجوهرى تدريب المنتخب اختاره أيضا ضمن صفوف الفريق واستمر تألق أبو تريكة وهو ما استدعى دخول الأهلى والزمالك فى مفاوضات للتعاقد معه".
موقف والديه من لعب الكرة:
يواصل تريكة حديثه، "والدى كثيرا ما كان يساعدنى على لعب الكرة لكنه لم يحضر لمؤازرتى من المدرجات إلا فى أيامى الأخيرة بعدما سمع بأننى تلقيت تهديدات من جماهير الترسانة بعد قرب انتقالى للأهلى، لكن والدتى بطبعها كانت تخاف على وتحملت الكثير معى أنا وأشقائى ورفضت متابعة مبارياتى على التلفزيون بسبب خوفها الشديد على.
أول جائزة حصلت عليها:
"بدأ صيتى ينتشر فى مركز شباب ناهيا والناس عرفت اننى أجيد اللعب وكانت فانلة الأهلى أول جائزة أحصل عليها بعد الفوز بلقب الدورة الرمضانية وكنت أعتبرها كنزا بسبب حبى للأهلى، لأننى كنت أهلاوى منذ صغرى وعائلتى كلها أهلاوية حيث إن والدى كان دائما ما يحضر مباريات الأهلى فى السبعينات لأنه كان يعشق هيديكوتى والخطيب وطاهر أبو زيد، وكان دائما ما يحكى لى عنهم".
انتقاله للأهلى:
تألق أبو تريكة دفع الأهلى للتفاوض معه وعلى الرغم من أن الصفقة واجهت بعض العقبات لولا تدخل محمود الخطيب الذى نجح فى القضاء عليها وإتمام الصفقة وانتقل للأهلى فى يناير عام 2004، وقال عنه الراحل ثابت البطل:" هذا اللاعب سيكون أهم رموز الكرة المصرية فى تاريخها وقد صدق".