لم ينل ما يستحقه وما يوازى عبقريته الفنية من نجومية وشهرة رغم مواهبه المتعددة، وربما لا يعرف أبناء الجيل الحالى رغم أنهم يرددون ألحانه وأغانيه الخفيفة التى مزجت بين الموسيقى العربية والغربية، إنه الفنان منير مراد الذى تحل ذكرى وفاته اليوم حيث رحل عن عالما فى 17 أكتوبر من عام 1981 ، والذى عاصر عمالقة الفن وكان نجما فى التمثيل والاستعراض والغناء والتلحين والتقليد ، كما لحن لأكبر نجوم الغناء ووصل عدد ألحانه إلى أكثر من 3 آلاف أغنية ودويتو.
ولد منير مراد في 13 يناير عام 1922 لعائلة فنية عريقة فهو ابن الموسيقار زكى مراد وشقيقته القيثارة ليلى مراد ونشأ فى بيت تردد عليه كبار الموسيقيين الذين تتلمذوا على يد والده، ودرس منذ الصغر في مدارس فرنسية، ثم التحق بالكلية الفرنسية، لكنه لم يكمل دراسته، وفضل أن يخوض مجال الفن إذ بدأ عمله كعامل "كلاكيت" في الأفلام، ثم مساعدا للمخرج كمال سليم في 24 فيلما فترة الأربعينات.
تعرف منير مراد في مرحلة مبكرة من حياته على محمد عبدالوهاب منذ أن ظهرت شقيقته ليلى مراد في فيلم يحيا الحب فكان يصحبه في رحلاته إلي أوروبا ليكون مترجما له عند الفرنسيين والانجليز ، فضلا عن سرعة منير مراد في حفظ النغمات فكان عبدالوهاب يلحن احيانا جملة او جملتين ثم ينساهما فيجد منير مراد يتذكرهما ولعل هذه الرحلات مفتاح التحول في الحياة الفنية لمنير مراد فقد قرر نهائيا ان يترك الاخراج ويجرب التلحين .
ويرى نقاد الموسيقى أن منير من المجددين، نظرًا لاعتماد موسيقاه على التنويعات الغربية، إذ نهل من موسيقى الجاز ومن السلّم الخماسي وموسيقى البلوز.
كانت شادية نقطة انطلاق منير مراد نحو التلحين، بعد أن لحن لها أغنية "واحد.. اتنين" وفتح أمامه هذا النجاح الطريق أمام المطربين ومنتجي الأفلام ليسندوا إليه تلحين العديد من الأغاني.
وكان التعاون مع شادية مفتاح نجومية منير مراد فلحن لها أجمل الأغانى الخفيفة التى حفظتها كل الأجيال ومنها: إن راح منك يا عين، ألو ألو، اوعى تسيبني، اسم الله عليك، الدنيا مالها، تعالي اقولك، حاجة غريبة، دور عليه، سوق على مهلك، شبك حبيبي، ما اقدرش احب إتنين، يا سارق من عيني النوم، يا دبلة الخطوبة، لسانك حصانك، يا دنيا زوقوكي، وعد ومكتوب، منايا اغني..ياحبيبي عد لي تاني،مش قلت لك ياقلبي".
كما لحن منير مراد العديد من المنولوجات، وقدم ديويتوهات مع أكثر من فنان شهير، ولحن لكبار المطربين، بداية من محمد عبدالمطلب وعبدالحليم حافظ ، وصولا إلى صباح وشقيقته ليلى مراد ووردة ومحمد رشدى ومحرم فؤاد وهانى شاكر وعفاف راضي، وكان مميزا فى فن التقليد، كما كان رائدا من رواد الموسيقى الراقصة والاستعراضية في مصر حيث وضع أشهر موسيقى الرقصات والاستعراضات التي كانت تؤديها تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف.
قام منير مراد بالتمثيل فى عدد من الأفلام ومثل دور البطولة في فيلمين هما "أنا وحبيبي" 1953 أمام شادية، و"نهارك سعيد" 1955 وفي العام نفسه قام بدور صغير في فيلم"موعد مع إبليس" أمام زكي رستم.
وبعد تسع سنوات عاد للتمثيل بعد طلب صديقه "حسن الصيفي" أن يقدم استعراضا في فيلمه الذي أخرجه عام 1964 وكان بعنوان بنت الحتة.
ومن الألحان التى قدمها منير مراد لعبدالحليم :"أول مرة تحب يا قلبى، استعراض الطلبة، وبكرة وبعده، بحلم بيك، حاجة غريبة، دقوا الشماسى، ضحك ولعب، مشغول وحياتك مشغول، وحياة قلبى وأفراحه، وقدم لوردة الجزائرية أغنية «من يوميها»، ولفايزة أحمد «شغلونى عيونك، وبغير عليه، ولشريفة فاضل، فلاح كان ماشى بيغنى، والشيخ مسعود، أنا قلبى بابه حنين، حارة السقايين، الليل، وقدم لمحمد قنديل «زعلوا الأحباب، ولمحرم فؤاد»شفت الحب»، ومحمد رشدى «كعب الغزال، وقدم لأخته ليلى مراد طبيب القلب، وراح الهوى، ياما وياما، وأنا زى ما أنا وأنت بتتغير.. وفى الديالوج قدم «الدنيا حلوة لشادية وكمال الشناوى، وسوق على مهلك سوق، لشادية وكمال الشناوى، و«أنا وحبيبى، لشادية وبمشاركته وآلو آلو لشادية وفاتن حمامة، و«تعال أقول لك لشادية وعبد الحليم حافظ، وقلبى ياغاوى، لفؤاد المهندس وشويكار».
تزوج منير مراد ثلاث مرات الأولى من فتاة يهودية إيطالية ، ثم تزوج الفنانة سهير البابلي عقب إشهار إسلامه و استمرت الزيجة 9 سنوات كاملة من عام 1958 وحتى 1967، وتعتبر "سهير" الحب الحقيقي في حياته، ولكن نتيجة تعدد الخلافات، وغيرة "منير" الشديدة، انتهت الزيجة بالطلاق، ليظل عدة سنوات بلا زواج، حتى تزوج للمرة الثالثة ، واستمرت تلك الزيجة حتى وفاته .
وحكت الفنانة سهير البابلي في أحد حوارتها التلفزيونية قصة زواجها من الفنان الراحل منير مراد بعد قصة حب، مؤكدة أنه أسلم عن اقتناع قبل زواجهما حيث كان يدين بالديانة اليهودية.
توفي منير مراد في 17 أكتوبر 1981 قبل أن يكمل عامه الستين، بأزمة قلبية ولم يحضر جنازته سوى شخصين فقط هم أبناء شقيقته ليلى مراد ، وأرجعت عدد من التقارير وقتها سبب ذلك بتزامن وفاته مع وفاة الرئيس أنور السادات ، حتى إن جريدة "الأهرام" نشرت خبر رحيله بعد دفنه بيومين فى إحدى الصفحات الداخلية.