تابعت بحزن شديد الحملة الشرسة التي نالت من الفنانة هند صبري بعد كشفها المشاركة في الحدث الأضخم عالميا وهو نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى مكان عرضها الدائم بالمتحف القومى للحضارة المصرية، فى موكب مهيب، يوم 3 أبريل المقبل، وهو موكب المومياوات الملكية الذي يضم 22 مومياء ملكية ترجع إلى عصر الأسر 17، 18، 19، 20، من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات وهم "الملك رمسيس الثانى، رمسيس الثالث، رمسيس الرابع، رمسيس الخامس، رمسيس السادس، رمسيس التاسع، تحتمس الثانى، تحتمس الأول، تحتمس الثالث، تحتمس الرابع، سقنن رع، حتشبسوت، أمنحتب الأول، أمنحتب الثانى، أمنحتب الثالث، أحمس نفرتارى، ميريت آمون، سبتاح، مرنبتاح، الملكة تى، سيتى الأول، سيتى الثانى".
ومنذ أن انطلقت تلك الحملة اللامنطقية ورغم تفهمي غيرة البعض وجهل البعض الأخر وضيق أفقه، إلا أن صورة نجوم زمن الفن الجميل التي جمعت ليلي مراد ومحمد عبد الوهاب ونجيب الريحاني وأنور وجدي، لا تغيب أبدا عن بالي تلك الصورة التي نجوم من ديانات مختلفة الإسلام والمسيحية واليهودية، وليس ذلك فقط بل جمعت جنسيات أيضا مختلفة فمن بينهم العراقي وصاحب الأصول السورية وغيره صاحب الأصول المغربية جنبا إلي جنب مع المصري.
تلك الصورة والتي يعتقد البعض أنها صورة حالمة من المدينة الفاضلة التي ليس لها وجود من الأساس، لكن حقيقة الأمر هي أن تلك الصورة صورة حقيقية وكان هؤلاء هم المصريين وهذه هي مصر، ديانات مختلفة وجنسيات مختلفة تعيش سويا في انسجام وحب وتعاون لا يبغض فيهم الأخر ولا يحقد عليه ولا "ينفسن " عليه، ولكن يكن لدي أي منهم الجرأة للقول بأن نجيب الريحاني عراقي لماذا يشارك في السينما المصرية ولماذا يجسد دور مصري ويأكل خير ابن بلدي وأبن بلدي أولي، ولم نسمع أبدا أن احتكر احد لنفسه لقب مصري أو حرم علي غيره لعب دور مصري علي عكس الجنسية التي يحملها أو الأصول التي ينحدر عنها.
متي ولماذا كانت تلك العنصرية تحكمنا؟ لا أري لها أي مبرر، وإلا بالقياس فيجب علينا أن نحرم علي مهرجان القاهرة السينمائي حضور نجوم عرب أم أفلام من جنسيات عربية وأجنبية، فكيف لهذا الحدث المصري العظيم الذي يحمل اسم القاهرة عاصمة مصر أن يسمح للأجانب بالمشاركة بل والحصول علي جوائز المهرجان بينما الممثلين المصريين هم أولي، وبالقياس أيضا كان يجب علي العالم لفظ عمر الشريف ومنعه من التمثيل لديهم فكيف لهذا المصري أن يأتي ويشارك في صناعة أفلام عالمية مجيدة بينما أهل البلد من الممثلين هم أولي بتلك الفرصة.. حجج واهية وضعيفة وهجوم لمجرد الهجوم، والهيصة.
بعيدا عن الأعمال المصرية التي شاركت فيها هند صبري وأصبحت علامات في السينما المصرية الحديثة وبعيدا عن كونها زوجة لمصري وتحمل أو لا تحمل الجنسية المصرية، المناضل في تلك الحملة يضرب بتراثنا الثقافي في مقتل، وإذا كنا مؤمنين بقول أن مصر هي أم الدنيا فبالتالي هند صبري هي بنتها كانت تونسية أو سورية ، جزائرية مغربية في مصر تذوب الحدود وفي الفن تختفي الجنسيات فالفن عابر لحدود، هكذا كنا نعيش في مصر وهكذا يجب أن نظل.