أقام سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر ومندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية عميد السلك الدبلوماسى العربى أحمد بن عبدالعزيز قطان أمسية ثقافية "رياض النيل"، حيث كان ضيف الشرف الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف السابق، وذلك على ضفاف نيل مصر الخالد فى منزل السفير السعودى بحى الزمالك، وبحضور لفيف من الشخصيات العامة والباحثين الإسلاميين والسياسيين والإعلاميين المصريين.
واستهل السفير قطان فى كلمة له أمام الحضور بذكر بعض من الجهود المتواصلة للمملكة العربية السعودية التى دعت وتدعو دائما إلى الحوار والتفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب والحضارات والتعايش والتواصل بين الشعوب وذلك وفق القواعد الإسلامية التى سجل التاريخ عظمتها فى التفاهم والتعاون بين الأمم.
وأكد قطان أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، يسعى للتأكيد على أهمية نشر ثقافة السلام والحوار بين مختلف الحضارات والثقافات، الأمر الذى بدا واضحا فى كلمته الافتتاحية بالقمة "العربية اللاتينية الرابعة" فى الرياض فى 9 نوفمبر 2015م، وكذلك مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- للحوار بين الأديان والتى جاءت لتقدم إلى العالم صورة عن الإسلام مغايرة لما يطرحه المغرضون والمفسدون، حيث أدركت المملكة أن عليها خوض معركة حضارية وفكرية للدفاع عن الإسلام الصحيح، وتغيير الصورة التى رسمها الإرهابيون للإسلام بأفعالهم الدموية المشينة فى العالم.
وقال قطان إن تدشين المركز العالمى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فى نوفمبر 2012م جاء بعد عدة مبادرات ومؤتمرات، منها "قمة مكة الاستثنائية فى (ديسمبر 2005م)"، حيث دعت المملكة العربية السعودية، فى افتتاحها مؤتمر العالم الإسلامى إلى "الوحدة" و"التسامح" فى مواجهة "التطرف والتخلف"، وأنه لابد لكى تنهض الأمة من كبوتها أن تطهر عقلها وروحها من فساد الفكر المنحرف الذى ينادى بالتكفير وسفك الدماء وتدمير المجتمعات.
ثم جاء لقاء خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله- وبابا الفاتيكان ليؤكد على الدعوة الى إرساء السلام فى الشرق الأوسط، وتعزيز التعاون بين المسلمين والمسيحيين.
ثم جاء المؤتمر العالمى الأول للحوار بين الأديان فى إسبانيا فى (يوليو 2008م) ، وبعده عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا بنيويورك فى (نوفمبر 2008م)، بناء على طلب وزير الخارجية السابق، الأمير سعود الفيصل - رحمه الله-، باسم المملكة العربية السعودية وقد أكد الاجتماع على الأهداف والمبادئ الواردة فى ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمى لحقوق الإنسان.
ثم ألقى الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف المصرى الأسبق، ندوة حول الحوار بين الأديان والحضارات، تحدث من خلالها فى عدة نقاط، أبرزها حقيقة أن التنوع سنة الحياة وضرورة الحوار وشروطه وموقف الإسلام من الحوار بين الأديان ومجالات الحوار مع الأديان الأخرى وخاصة حول العقائد والقيم الإنسانية فى الأديان والحوار مع المؤسسة الاستشراقية والحوار بين الحضارات.
وأكد الدكتور زقزوق، "إن الأصل هو التنوع الذى هو سُنة الحياة، لذا فإن كل أمة سوف تحتفظ فى كل عصر بخصوصيتها الحضارية التى تتمثل فى الدين واللغة والثقافة والتاريخ والتقاليد الأصيلة. ومن هنا تأتى أهمية الحوار بين الحضارات والأديان للاتفاق على القواسم المشتركة التى يمكن أن تشكل أساسا للإسهام فى صنع السلام والرخاء فى هذا العالم".
وأشار إلى أن "احترام الرأى الآخر يعنى احترام حق الأخر فى التعبير عما يجول بفكره. وإن اختلاف وجهات النظر وتنوع الاجتهادات ليس أمرا سلبيا، وإنما هو أمر إيجابى من شأنه أن يثرى الحياة ويضيف عليها".
وأضاف وزير الأوقاف الأسبق، أنه "إذا كان عالمنا يتجه إلى الحوار على المستويات الأخرى، فمن باب أولى أن يكون هناك حوار على المستوى الدينى بهدف القضاء على كثير من مظاهر الصراعات التى تلعب فيها العقيدة الدينية دورا خطيرا". مؤكدا أن "الحوار الدينى لابد أن يكون فيه طرفان وقضية وتحديد واضح لأهداف الحوار وأن يكون هناك مناخ مناسب للحوار ينأى عن الأحكام المسبقة والمفاهيم المغلوطة، ولا يجوز أن تكون غايته العمل على إلغاء الآخر أو استبعاده أو التقليل من شأنه أو الادعاء باحتكار الحق دون الآخر".
كما أكد الدكتور زقزوق، "أن الحوار الدينى لابد أن ينطلق بناء على الاحترام المتبادل والمساواة التامة بين الطرفين واحترام الكرامة الإنسانية ووحدة الجنس البشرى . وأن طريق التعاون والتفاهم والحوار حول ما يجمع الإنسانية يظل طريقا مفتوحا، فلنترك ما يستحيل الاتفاق عليه ولنتجه إلى ما يمكن الاجتماع عليه، بدءا من التعارف وتفهم كل فريق لوجهة نظر الفريق الآخر فى احترام متبادل".
وأردف الشيخ الجليل قائلاً، "أتت الأديان كلها من أجل خير الإنسان وسعادته فى العاجل والآجل، والقيم الدينية فى كل حضارة كانت هى الأساس للقيم الأخلاقية السامية والمبادئ الإنسانية الرفيعة. وإن الحوار حول ما يجمع أصحاب الأديان من قيم إنسانية مشتركة هو أفضل السبل لتفهم كل جانب للآخر، والتعاون البنّاء من أجل خير الإنسان وتقدمه، واستقرار الأمن والسلام فى العالم".
وشدد على "إن حوار الأديان – رغم أهميته القصوى – فى حاجة ماسة إلى سند من حوار الحضارات، وهناك ارتباط وثيق بينهما لدرجة أن أحدهما لا يُغنى عن الأخر. وإن الاستناد على معلومات صحيحة عن الأديان وعن العناصر المشتركة بينها من شأنه أن يساعد على اتخاذ المواقف الدينية الصحيحة التى تتسم بالتسامح والعدل".
وفى نهاية الأمسية الثقافية، شَكَرَ الحضور الدكتور محمود حمدى زقزوق على محاضرته القيّمة، وقدم السفير قطان، هدية تذكارية للضيف.