يعقد غدا /الاثنين/ الاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون العربي-الصيني عبر تقنية الفيديو، برئاسة مشتركة لعضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانج يى" ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وبمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية والأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط.
ويأتي توقيت الاجتماع وسط تحديات كبيرة تواجه الجانبين على عدة مستويات خاصة فيروس "كورونا الجديد" (كوفيد-19)، وتطلعات نحو مستقبل أكثر إشراقا يخدم مصالح الطرفين والشواغل الرئيسية لكل منهما، حيث يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "تشاو لي جيان" أن الصين تولي أهمية كبيرة لدفع الشراكة الاستراتيجية الصينية-العربية، سيما وأن الجانبين "شريكان جيدان يتمتعان بمنافع مشتركة وشقيقان يتشاركان أوقات السراء والضراء، وأنه في مواجهة تفشي مرض كوفيد-19، يحارب الجانبان جنبا إلى جنب بتضامن ومساعدة متبادلة".
واعتبر متحدث الخارجية الصينية أن الاجتماع يرسل رسالة بشأن تعزيز التوافق الخاص بالتضامن والتعاون والتمسك بالتعددية ودعم الجانبين بعضهما البعض في القضايا المتعلقة بالمصالح والشواغل الرئيسية، والتعاون الخاص ببناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي في العصر الجديد.
وحيث إن عالم اليوم يعيش تغيرات لم يشهدها منذ مائة عام، وخاصة وباء فيروس كورونا الجديد الذي أضر بسلامة حياة البشرية، وشكل صدمة لاستقرار السلاسل العالمية للصناعة والإمداد، وخلق ضغطا متزايدا على تراجع الاقتصاد العالمي، وسرع إحداث تغيرات عميقة للمنظومة العالمية والنظام الدولي، فإن العلاقات العربية الصينية ودعم الجانبين لبعضهما البعض وتعاونهما في مواجهة مختلف التحديات يعد محورا رئيسيا لهذا الاجتماع في نسخته التاسعة.
ففي المرحلة التي عاشت الصين فيها أصعب الظروف خلال مكافحة الوباء، عبرت حكومات الدول العربية وعلى رأسها مصر عن التضامن مع الجانب الصيني بصور مختلفة، وقدمت للصين المستلزمات الطبية لمكافحة الوباء، وأصدرت الدورة الـ53 لاجتماع مجلس وزراء الصحة للدول العربية بيانا يدعم الجهود الصينية في مكافحة الجائحة، كما تم إضاءة مجموعة من أبرز المعالم الأثرية المصرية بلون العلم الصيني، وإضاءة برج خليفة الإماراتي بكلمات مثل "شد حيلك يا ووهان" دعما للصين. وحينما ضرب الوباء الدول العربية، أرسلت الصين فرق خبراء طبيين إلى عدة دول عربية، وقدمت مختلف المستلزمات الطبية والوقائية إضافة إلى تجربتها في الوقاية والسيطرة على الوباء واستئناف العمل والإنتاج.
ويعد تعاون الجانبين في مكافحة الوباء ودعمهما لبعضهما البعض نموذجا يحتذى به في بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية عبر ممارسات فعلية، مدعومة بعلاقات شراكة استراتيجية أكثر قوة من ذي قبل، وصداقة أوثق بين الشعبين وآفاق أكثر إشراقا للتعاون.
وينعقد الاجتماع الوزاري تحت عنوان "تعزيز التعاون في مكافحة الجائحة وبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية"، حيث أكد عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" –في مقال ممهور بتوقيعه بمناسبة الاجتماع- أنه في مواجهة جائحة فيروس كورونا الجديد التي تركت تداعيات على العالم بما فيه الصين والدول العربية، خاض الجانبان الصيني والعربي معركة مشتركة بالتضامن والتساند، ما ساهم في تعميق العلاقات بين الجانبين والارتقاء بها إلى مستوى جديد.
وقال وانغ إن الصين ظلت تدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، ووضعت ترتيبات خاصة لمساعدة الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الجائحة. كما تفكر الصين وتتحرك مع الدول العربية كرجل واحد في مكافحة الجائحة. وتشترك الصين والدول العربية في نفس الرؤية حول سبل الوقاية والسيطرة على الجائحة في العالم، فيما رفض الجانبان تسييس الجائحة ما قدم مساهمات مهمة في حشد القوة العالمية لمكافحة الجائحة.
ومنذ انعقاد الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين عام 2018، شهد التعاون بين الجانبين –وفقا لوانغ- ازدهارا ورخاء في شتى المجالات وحقق نتائج مثمرة، تمثلت في ترسخ الثقة السياسية المتبادلة من خلال تبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر، حيث يدعم الجانب الصيني بكل ثبات جهود الدول العربية لصيانة الأمن والاستقرار والسير على الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الواقعية، ويدعم بكل ثبات مساعي الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة وتحقيق هدف إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. وفي المقابل، تقف الدول العربية بكل ثبات إلى جانب الصين في القضايا المتعلقة بتايوان وشينجيانغ، وتدعم الجهود الصينية في صيانة الأمن القومي وفقا للقانون في هونج كونج.
وتمثلت النتائج المثمرة أيضا في تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية من خلال ربطها ببعضها البعض، إذ وقعت 19 دولة عربية وجامعة الدول العربية مع الصين على وثائق التعاون في بناء "الحزام والطريق"، وأصبحت المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية للجانبين أكثر فعالية. وشارك أكثر من 2300 ممثل من مختلف الأوساط من الجانبين في الفعاليات التي أقيمت في إطار منتدى التعاون الصيني العربي في عام 2019. وقام الجانبان بتبادل الخبرات على نحو معمق بشأن الحكم والإدارة والاستفادة من بعضهما البعض.
كما تمثلت نتائج التعاون خلال العامين الماضيين في تعميق التعاون العملي حيث زاد حجم التبادل التجاري بين الجانبين الصيني والعربي بمعدل 9% على أساس سنوي، وظلت الدول العربية مجتمعة أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين، وتوسع الاستثمار المتبادل للجانبين بخطوات متزنة، وحقق التعاون العربي الصيني في مجال الطاقة منخفضة الكربون اختراقات كثيرة. ووصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين خلال العام الماضي إلى 266 مليار دولار بواقع 146 مليارا واردات صينية من الدول العربية بزيادة 8ر4% وصادرات صينية بلغت 120 مليارا بزيادة 14% على أساس سنوي.
وتم كذلك تعزيز التبادلات الشعبية خلال العامين الماضيين، وتم خلال السنوات القليلة الماضية إقامة علاقات شراكة استراتيجية شاملة أو شراكة استراتيجية بين الصين و12 دولة عربية .
وتشهد العلاقات أيضا توسعا في التجارة والاستثمار، حيث شاركت 15 دولة عربية في بنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوية، وشاركت 18 دولة عربية في النسخة الأخيرة من معرض الصين الدولي للواردات بشنجهاي. وبلغ عدد الصينيين المسافرين إلى دول عربية خلال العام الماضي 5ر4 مليون شخص مقابل حوالي 700 ألف عربي سافروا إلى الصين. وقام الجانبان بأنشطة متنوعة في إطار منتدى التعاون الصيني العربي منها: مهرجان الفنون العربية ومنتدى الإصلاح والتنمية والحوار بين الحضارتين العربية والصينية.
ويؤكد وزير الخارجية الصيني أنه "يجب على الجانبين الصيني والعربي دعم الدور القيادي والحاسم لمنظمة الصحة العالمية في معركة العالم ضد الجائحة، وتقديم مساهمة مشتركة في قضية الصحة العامة العالمية. وأن يكونا مساهمين في السلام الدائم والأمن السائد، والدفاع عن التعددية والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، وبذل جهود مشتركة لإيجاد حل سياسي للقضايا الساخنة في المنطقة واستعادة السلام والأمن إلى الشرق الأوسط في أقرب وقت، متعهدا بأن الجانب الصيني سيقف بكل ثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني وتقديم له الدعم والمساعدة كالمعتاد.
ودعا الوزير الصيني إلى مواصلة الجانبين بناء "الحزام والطريق" وتوسيع التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة والاتصالات والفضاء، خاصة توظيف الإمكانية الكامنة للتعاون في الأشكال الجديدة من الأعمال والمجالات الناشئة جراء الجائحة، ومواصلة إثراء واستكمال آليات منتدى التعاون الصيني العربي، مع الدعوة بكل ثبات إلى إزالة سوء الفهم عبر الحوار ورفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه.
وانطلاقا من أن الصداقة العربية الصينية راسخة وقائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، فإن مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية في العصر الجديد سيكون أكثر إشراقا في ظل الأسس القوية التي تقوم عليها العلاقات بين الجانبين.