حذر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في لبنان برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، من خطورة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية في لبنان على نحو يُنذر باندلاع "ثورة جياع"، مطالبًا من جميع الفرقاء السياسيين التجاوب مع المبادرة الفرنسية المتعلقة بلبنان، وتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة حتى يُمكن إنقاذ البلاد.
وقال المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، خلال اجتماعه المنعقد اليوم، إن صبر اللبنانيين على وشك النفاد، بعد أن تآكلت مدخراتهم وانهيار القوة الشرائية لعملتهم الوطنية والتي لم تعد توفر لهم الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية، الأمر الذي يرتب مسئولية على الجميع بتسهيل تشكيل الحكومة لإنقاذ ما تبقى من "هيكل الدولة".
واعتبر المجتمعون أن المبادرة الفرنسية الخاصة بلبنان، تمثل الفرصة الأخيرة للإنقاذ في مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتدهور الخطير الذي تشهده البلاد.
واستنكر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى تحويل الاختلافات السياسية والحزبية والشخصية، إلى صراعات طائفية وخلافات مذهبية. (في إشارة إلى تحول الخلاف على تمسك ثنائي حزب الله وحركة أمل بالاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة الجديدة إلى توتر مذهبي بين الطائفتين الشيعية والسنية،
وكذلك بين الطائفة الشيعية والطائفة المسيحية المارونية).
وشدد المجتمعون على أن الشعب اللبناني يئن من ثقل الأزمة التي بدأت تأخذ منحى طائفي تحت ذرائع أو مصالح فئوية سياسية وطائفية، كونها تستهدف لبنان وعيشه المشترك، وأن المجلس لا يرضى مطلقا بهذا الأمر، مناشدين جميع القيادات الدينية والسياسية التعاون والتضامن لإيجاد المخارج لتشكيل الحكومة والحرص على العيش المشترك الإسلامي – المسيحي.
ودعا المجلس إلى الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) وتطبيق بنودها كاملة، وعدم الخروج عنها أو تفسيرها بما يتعارض مع نصوصها الواضحة والصريحة أو البحث عن الحلول خارج الدستور، بما يؤدي إلى خلافات ونزاعات تضرب الاستقرار في البلاد.
وتواجه عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة عقبة كبيرة تتمثل في إصرار حركة أمل وحزب الله على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة التي كُلف مصطفى أديب بترؤسها وتشكيلها، وذلك عبر تسمية الثنائي الشيعي للوزير الذي سيشغل الحقيبة، إلى جانب المشاركة في تسمية ممثليهما في الحكومة من خلال تقديم لائحة أسماء لـ "أديب" ليختار منها وزراء الطائفة الشيعية.
وفي المقابل، يتمسك رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب بمبدأ "المداورة" في الحقائب السيادية والأساسية والخدمية بين مختلف الطوائف، إلى جانب تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية.
وكان القادة والزعماء السياسيون اللبنانيون قد تعهدوا أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت أول شهر سبتمبر الحالي، أن تتشكل الحكومة الجديدة للبلاد برئاسة "أديب" في غضون فترة وجيزة لا تتجاوز 15 يوما، وأن تتألف هذه الحكومة من وزراء يتسمون بالكفاءة، وأن تحظى بدعم كافة القوى السياسية اللبنانية، إلى جانب موافقتهم على "خريطة الطريق" الفرنسية المقترحة لإنقاذ لبنان والتي تتضمن المداورة في كافة الوزارات وعدم استئثار أي طائفة بأي حقيبة وزارية.