دعا الاتحاد العمالي العام في لبنان، إلى إضراب وطني على كافة الأراضي اللبنانية يوم الأربعاء المقبل رفضا لرفع دعم أسعار السلع الأساسية والاستراتيجية، في حين طالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعدم المساس بـ "الاحتياطي الإلزامي من النقد الأجنبي" وأن يُوجه الدعم بشكل نقدي مباشر إلى العائلات والشرائح المجتمعية الأكثر احتياجا وليس السلع، لتفادي التهريب وإهدار المال العام.
وقال رئيس الاتحاد العمالي العام بشاره الأسمر، إن الإضراب العام المرتقب سيكون مقدمة لـ "أوسع موجة إضرابات واعتصامات وتظاهرات" إلى حين وضع حد نهائي وحاسم للسياسات المدمرة التي يشهدها لبنان وتطال معظم شرائح المجتمع.
وأشار الأسمر ،في مؤتمر صحفي عقده ظهر اليوم، إلى رفض الاتحاد العمالي، وبصورة مطلقة، رفع الدعم عن المحروقات والدواء والقمح والسلع الغذائية الأساسية، مع التمسك بتشكيل حكومة جديدة تكون فاعلة وقادرة على البدء في تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان.
ولفت إلى أن الأنباء التي تتسرب وتفيد قرب رفع الدعم بنسب تتراوح ما بين 40 إلى 60% عن أسعار بيع المحروقات تمهيدا لرفعه بصورة كلية لاحقا، وكذلك مشتقات صناعات الدقيق وترشيد دعم الدواء من دون تصور واضح، سيؤدي إلى شلل كبير في الدورة الاقتصادية وانهيار المنظومة الطبية بالكامل.
من جانبه، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إن الاحتياطي الإلزامي من الدولارات (15% من إجمالي النقد الأجنبي في البنوك ويساوي حوالي 5ر17 مليار دولار) ليس ملكا للحكومة أو البنك المركزي ليتم التصرف فيه باتجاه دعم أسعار السلع، وإنما هو ما تبقى من أموال المودعين في القطاع المصرفي اللبناني، وأن المساس به تحت أي ذريعة بمثابة جريمة كبرى.
وشدد جعجع ، في تصريح له اليوم ، على أن الدعم يجب أن يوجه إلى العائلات بشكل مباشر وليس السلع، لتجنب التهريب والإهدار القائم حاليا ومنع حصول غير المستحقين على السلع والمواد المدعومة، مشيرا إلى أن الحكومة يتعين عليها التفاوض مع البنك الدولي وتسليمه برنامج دعم العائلات الأكثر احتياجا، لكي تقبل الدول المانحة بتمويل تكلفة دعم هذه العائلات المستحقة للدعم في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وأضاف: "يبقى الحل الأساس في الشروع فورا بالإصلاحات المطلوبة بعد تأخر دام سنين طويلة، وعقد اتفاق مع البنك الدولي ليبدأ تدفق بعض الأموال على الدولة اللبنانية، وذلك لإعادة إنعاش الاقتصاد اللبناني من جديد.. أقول هذا وليس لدي أي ثقة بالمجموعة الحاكمة، لذلك يبقى الحل الفعلي والجوهري في الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، واستبدال هذه الأكثرية النيابية الفاسدة وغير الكفؤة بأخرى لديها القدرة والقرار والمعرفة والاستقامة لكي تقوم بالإصلاحات الممكنة".
من جهته، أكد وزير الصحة اللبناني حمد حسن، عدم المساس بدعم الأدوية الأساسية للأمراض المستعصية والسرطانية والمزمنة وحليب الأطفال واللقاحات، مشيرا إلى أن ترشيد الدعم سيطال الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفات طبية وأدوية الصحة العامة غير المزمنة، والأدوية المستوردة التي لها بدائل محلية الصنع.
وأوضح وزير الصحة ، في تصريح له اليوم ، أن هذا الترشيد في دعم الدواء من شأنه تخفيض الاستهلاك العشوائي لعدد كبير من الأدوية، مشيرا إلى أنه سيتم في غضون أيام اعتماد إلزامية الوصفة الطبية وتطبيق أنظمة متطورة لمتابعة وتتبع الدواء بما يؤدي إلى ضبط حركة الدواء ومنع التهريب إلى خارج البلاد.
من ناحيته، شدد نقيب أطباء لبنان الدكتور شرف أبو شرف، على أن وقف الدعم عن الدواء بصورة مطلقة، أمر مرفوض لأنه سيؤدي إلى مشاكل صحية وأمنية بعدما يصبح المواطن اللبناني غير قادر على شراء الأدوية.
ودعا نقيب الأطباء ، في مؤتمر صحفي عقده اليوم ، إلى دعم صناعة الدواء الوطنية، والاستمرار في سياسة دعم أسعار أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، وترشيد دعم الدواء المستورد الذي لا بديل له يصنع محليا ، مضيفا أن الحل الأفضل لترشيد الدعم الدوائي يبقى بدعم الصناعة الوطنية لأنها بوليصة التأمين للأمن الدوائي في لبنان، وإعداد لائحة بالأدوية الأساسية اللازمة لدعمها.
وبدأت الحكومة اللبنانية قبل أيام في خطوات لبحث تقليص وترشيد دعم السلع الأساسية والاستراتيجية، في ضوء تآكل السيولة النقدية بالدولار الأمريكي وتراجع القدرة على الاستيراد بشكل كبير، على وقع أزمات وتدهور اقتصادي ومالي ونقدي غير مسبوق في تاريخ البلاد.