أكد سفير مصر بباريس علاء يوسف تطابق وجهات النظر بين مصر وفرنسا تجاه قضايا التنمية والتعافي الاقتصادي ودعم الاستقرار والأمن بالقارة الافريقية، وعلى رأسها الأزمة الليبية، مشيرا إلى أن قيادتي البلدين تحرصان على مواصلة التنسيق والتشاور تجاه مختلف القضايا الإقليمية، من بينها الإفريقية.
وقال السفير علاء يوسف - في تصريحات للصحفيين - إن السنوات الماضية شهدت مزيدا من التقارب والاتفاق في الرؤى في مواقف مصر وفرنسا تجاه مختلف القضايا والامات المختلفة، مشددا على أن البلدين لديهما رؤية مشتركة تجاه الأزمة الليبية تركز على ضرورة استعادة الأمن والاستقرار وخروج القوات الاجنبية وإجراء الانتخابات بتلك الدولة؛ بما يحافظ على سيادتها واستقلالها ووحدة اراضيها .
وأضاف أنه توجد مواقف متطابقة بين مصر وفرنسا تجاه الملف اللبناني، حيث أيدت مصر المبادرة الفرنسية لدعم الاستقرار والخروج من الأزمة السياسية وتشكيل الحكومة اللبنانية .
وأشار إلى أن التعاون المصري الفرنسي يركز - أيضا - على القارة الإفريقية، حيث تحرص البلدين على مواصلة التشاور والتنيسيق بشأن مختلف القضايا الإفريقية، من بينها قضية الساحل التى تشكل اهمية كبرى للبلدين .
وقال سفير مصر في باريس إن العلاقات المصرية الفرنسية شهدت تطورا ملحوظا - خلال السنوات القليلة الماضية - مدعومة بتبادل الزيارات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي دشنت مرحلة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وتابع: إن الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا تركز على عدة محاور، يتمثل أولها في العلاقات الثنائية ومدى التلاقي في الرؤى تجاه مختلف القضايا، ورغبة الجانبين في دفع العلاقات وتعزيزها، وتنفيذ مشروعات مختلفة في العديد من المجالات، كالبنية التحتية والنقل.
ولفت السفير المصري - في تصريحات صحفية - إلى أن شركات فرنسية تقوم - حاليا - بتنفيذ العديد من المشروعات في مصر، من بينها مشروع مترو القاهرة وخط المونوريل الجديد، وهناك أيضا مجالات ومشروعات أخرى في سبيلها للتنفيذ؛ كالتعاون في المجال السياحي وهو محور رئيسي في العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة أن هناك حالة ولع شديد من جانب الفرنسيين بالحضارة المصرية وزيارة مصر، لاسيما المزارات الثقافية في الأقصر وأسوان.
وأضاف أن البلدين يتعاونان - أيضا في مجالي التعليم والثقافة، حيث يجرى حاليا إنشاء عدد كبير من أقسام التعليم الفرنسي في مصر، مشيرا إلى أن الجانب الفرنسي حريص على الانتهاء من مشروع الجامعة الفرنسية في مصر، والتي ستجسد - إلى جانب جامعة سونجور، التي تعد جامعة فرانكوفونية - الاهتمام الكبير الذي توليه فرنسا لتعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية والتربوية مع مصر خلال الفترة القادمة.
وأشار إلى أن التعاون الصحي بين مصر وفرنسا - الذي بدأ منذ سنوات عديدة مع إنشاء مستشفى القصر العيني الفرنسي - شهد أيضا تطورا ملحوظا، لافتا إلى أن الجانب الفرنسي حريص على دعم جهود مصر في المجالات الصحية والطبية، خاصة التعاون في مجال جهود مواجهة جائحة فيروس كورونا والتلقيح والتصنيع، حيث يبحث الجانبان - حاليا - إمكانية التعاون لتصنيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وغيرها من اللقاحات الأخرى، خاصة أن مصر تمتلك البنية التحتية والمصانع والخبرة اللازمة لذلك المجال .
وفيما يتعلق بالتعاون بين مصر وفرنسا في منطقة الساحل والصحراء، قال السفير علاء يوسف إن فرنسا تعطي أهمية كبيرة للتطورات بتلك المنطقة، خاصة عقب مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي، مشددا على وجود تنسيق مشترك بين مصر وفرنسا لمتابعة تطورات الوضع بمنطقة الساحل في ضوء مشاركة قوة مصرية ضمن قوات حفظ السلام في مالي.
وحول جهود مصر في دعم التنمية والاستقرار بالقارة الافريقية، قال سفير مصر بباريس إنه يوجد اهتمام غير مسبوق من جانب مصر بتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية بالقارة الافريقية، خاصة مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي، والتي ركز فيها على عدد كبير من المبادرات سواء لإعادة إعمار مناطق النزاعات بإفريقيا، وكذلك مبادرة اسكات البنادق وهى محاولة لوقف النزاعات ونزع فتيل الأزمات المختلفة.
وفيما يتعلق بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمتي "دعم السودان" و"تمويل التنمية بإفريقيا"، والتي تستضيفهما باريس يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين، قال السفير علاء يوسف إن فرنسا تنظر إلى مصر على أنها شريك هام بإفريقيا وتحرص دائما على التنسيق معها في مختلف المجالات والقضايا الإفريقيا، مشيرا إلى أن فرنسا تعي جيدا ثقل مصر بالقارة الإفريقية وحرصها على دعم جهود الاستقرار والأمن بإفريقيا وتعزيز نموها الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية لشعوب القارة، وهي رسائل رئيسية توجها مصر للعالم كله.
وأضاف أن الرئيس السيسي حرص - خلال مشاركته في القمم الدولية المختلفة، من بينها قمة مجموعة السبع الصناعة وقمة مجموعة العشرين - على التركيز على كيفية مساعدة إفريقيا، وتوفير السبل اللازمة لتنفيذ مشروعات البنية التحتية وغيرها من مشروعات التنمية المختلفة بالقارة الإفريقية، لافتا إلى أن مصر وفرنسا طرحتا فكرة التعاون الثلاثي لتنمية إفريقيا وتنفيذ مشروعات بها، ويجرى حاليا بحث إمكانية تنفيذ مشروعات مشتركة مع الجانب الفرنسي بعدد من الدول الافريقية .
وقال السفير علاء يوسف إن فرنسا - لأول مرة - تنظر لقمة "إفريقيا فرنسا" بشكل مختلف؛ حيث جرت العادة بأن تلك الاجتماعات تكون بمثابة قمة حكومات، ولكن القمة المقرر عقدها يوم /الثلاثاء/ القادم شهدت نهجا مختلفا؛ حيث ركزت فرنسا على أن تكون تلك القمة بمثابة قناة للتعبير عن مواقف الشعوب والمجتمع المدني بإفريقيا مستلهمة تجربة مؤتمرات الشباب فى مصر .
وأشار إلى أن مصر حرصت على توصيل رسالة إلى المجتمع الدولي بضرورة مد يد العون إلى الدول الإفريقية ومساعداتها على التعافي من تداعيات جائحة كورونا .
وقال إن جميع الدول عانت من خسائر تداعيات جائحة كورونا، فعلى سبيل المثال تكبدت فرنسا خسائر تقدر بنحو 160 مليار دولار جراء تلك الجائحة، مشيرا إلى أن فرنسا وحدها ليست قادرة على الوفاء باحتياجات قارة إفريقيا، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حريص على مد يد العون لإفريقيا خلال الفاعليات الدولية، ومن بينها مجموعة السبع الصناعية ، ومجموعة دول العشرين .
ولفت إلى أن قمة "فرنسا إفريقيا" - التي ستعقد بباريس يوم /الثلاثاء/ القادم سوف تركز على كيفية دعم جهود الدول الافريقية على مواجهة تداعيات جائحة كورونا .
وقال السفير علاء يوسف إن فرنسا قررت تنظيم قمة عن السوادان ودعم المرحلة الانتقالية لتلك الدولة نظرا لدورها في القرن الإفريقي، مشيرا إلى أن الجانب الفرنسي حريص على أن تخرج تلك القمة برسالتين هامتين: الأولى تتعلق بدعم سياسي دولي للسلطة الانتقالية في السودان خلال تلك المرحلة الهامة وأهمية استمرار الإجراءات التي تستهدف تحقيق الاستقرار وتلبية طموحات الشعب السوداني، أمام الرسالة الثانية للقمة تتمثل في بحث سبل التخفيف عن مديونية السودان لدى مؤسسات التمويل الدولية .
وأضاف أن باريس تسعى - أيضا من خلال قمة فرنسا افريقيا التي تعقد تحت شعار (تمويل الاقتصاديات الإفريقية) - إلى توفير دعم للاقتصاديات الإفريقية للتعافي من تداعيات جائحة كورونا، مشيرا إلى أن البيان الختامي للقمة سيتضمن مقترحات قابلة للتنفيذ وجداول زمنية محددة لمساعدة الدول الإفريقية على التعافي الاقتصادي.
وأشار إلى أن التعاون مع القارة الافريقية تصدرت أولوية اهتمام القيادة المصرية؛ حيث شارك الرئيس السيسي في كل الفاعليات الإفريقية، من بينها القمة الإفريقية بملابو، حيث تغيرت نظرة إفريقيا إلى مصر التي ترأست مجلس السلم الإفريقي، والاتحاد الإفريقي، وكلها دلائل تؤكد مدى التقدير الإفريقي لمصر ومواقفها وسياساتها، والجهود المضنية التى بذلتها مصر لاستعادة مكانتها بالقارة الافريقية.
وتابع: إن إفريقيا تثق بدور مصر التي لا تمتلك أية أجندات خاصة، بل أنها تهدف إلى مد جسور الشراكة والتنمية وتعزيز الصداقة والاستقرار وتحقيق مصالح إفريقيا وإعادة الإعمار بإفريقيا، والشعوب الإفريقية تقدر جهود مصر.
وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات بين مصر وفرنسا، أوضح السفير علاء يوسف أن إجمالي حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر يبلغ 5 مليارات يورو، ويوجد أكثر من 165 شركة فرنسية عاملة في مصر؛ توفر حوالي 350 ألف فرصة عمل، ونسعى إلى زيادة الاستثمارات الفرنسية فى مصر .
وأضاف أنه حرص على عقد لقاءات مع الشركات الفرنسية المختلفة؛ حيث لمس خلالها اهتماما كبيرا من جانبها لبحث فرص الاستثمار في مصر، خاصة الفرص الواعدة في محور قناة السويس، والاستفادة من إمكانيات السوق المصرية الكبيرة التي تضم حوالى 100 مليون مستهلك، مشيرا إلى أن إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية عززت اهتمام فرنسا والمجتمع الدولي بالاستفادة من الفرص الاستثمارية والتجارية بالقارة الإفريقية.
وفيما يتعلق بحجم التجارة بين مصر وفرنسا، قال السفير علاء يوسف إن حجم التجارة بين البلدين يقدر بنحو 3 مليارات يورو، ونسعى إلى زيادتها وفتح مجالات كثيرة للمنتجات المصرية بالسوق الفرنسية، خاصة المنتجات الزراعية، وسنعمل على زيادة حجم الصادرات المصرية إلى فرنسا خلال الفترة القادمة .
وقال إن مسئولي شركة توتال الفرنسية - التي تعد إحدى أكبر شركات الطاقة في العالم - أبدوا اهتماما بالاستثمار في مجال الطاقة بمصر.