كشف المبعوث الأممى المستقيل لدى ليبيا يان كوبيش أنه تقدم باستقالته من منصبه لأسباب مهنية وشخصية، معربة عن أمله في نجاح المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، المعينة حديثًا، ستيفاني وليامز، مؤكدا أن العزوف عن الانتخابات والتعبئة ضدها سيؤدي إلى وضع مصير ليبيا ومستقبلها تحت رحمة من في داخل ليبيا وداعميهم في الخارج من المستفيدين من الوضع الراهن.
وأكد "كوبيش" في بيان وداع – نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا – أن الوضع الراهن منهك ولا يطاق ويعاني شلل وتشرذم وضعف وتمزق، بسبب الصراعات، وهو ما تسبب في زعزعة الاستقرار في المنطقة، وأن المستفيد هم من يفضلون سطوة السلاح على سلطة صناديق الاقتراع.
وأكد كوبيش أنه عمل على تقديم الدعم لليبيين لتحمل مسؤولية مصير بلادهم بأيديهم بدءاً من انعقاد جلسة موحدة لمجلس النواب بعد سنوات من الانقسام، والتي تم خلالها منح الثقة للسلطة التنفيذية المؤقتة – أي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، لافتا إلى أن الوطنية العليا للانتخابات عملت بخطى ثابتة استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية للبدء بعملية الاقتراع في 24 ديسمبر الجارى، حسبما نصت عليه خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي وكذلك قراري مجلس الأمن 2570 و2571 بالإضافة إلى خلاصات مؤتمر برلين الثاني ومؤتمر باريس.
وشدد "كوبيش" على أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية الشاملة والحرة والنزيهة في موعدها أمر بالغ الأهمية للخروج من دوامة الانتقال السياسي التي طال أمدها والعودة إلى الشرعية الديمقراطية والشروع في بناء دولة تعمها الوحدة والازدهار والسيادة الحقيقية وإنهاء التدخلات الأجنبية.
وأوضح أن الغالبية الساحقة من الشعب الليبي تريد الانتخابات، بينما العديد منهم تساوره شكوك طبيعية ومخاوف وخوف من المجهول، مع احتدام التنافس السياسي الشرس والمتعنت في بعض الأحيان وتحوله إلى نزاع. ومع كل المخاطر والتحديات وما يرافقها من أخطاء ومثالب فنية وإجرائية علاوة على الظروف غير المثالية.
شدد على ضرورة إجراء الانتخابات الليبية لتفتح الطريق أمام الخروج من حالة الانقسام والشقاق والشلل والاختلال الوظيفي الذي ألمّ بالمؤسسات التي تعوزها سلطة حقيقية- مما يجعلها أرضاً خصبة للتدخل الأجنبي، الأمر الذي زاد من تفاقم المشاكل وإدامة الوضع الراهن.
دعا "كوبيش" جميع الليبيين أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع وأن يدلوا بأصواتهم للمرشحين القادرين على ضمان الوحدة والاستقرار والسيادة القائمة على المصالحة الوطنية والعدالة والمساءلة والديمقراطية وسيادة القانون والحكم الرشيد، وأن يمنحوا فرصاً أكبر للنساء والشباب.
وأعرب كوبيش عن تقديره العميق للجهود التي بذلتها اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، والتي كانت مثالاً يحتذى به في العزيمة وعلى عملها المضني من أجل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار واستمراره، موضحا أن جهود أعضاء اللجنة الدؤوبة أفضت بدعم من البعثة إلى إعادة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت، مما ساعد على تسهيل تنقلات الليبيين في جميع أنحاء البلاد، وما ترتبت عليه من نتائج إيجابية على حياة الأهالي واستقرارهم على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والإنساني.
ونوه إلى أن البعثة يسرت اجتماعات اللجنة المشتركة (5+5) مع دول الجوار (تشاد والنيجر والسودان) التي احتضنتها مصر في القاهرة، وتم خلالها الاتفاق على مفهوم آلية التنسيق، فضلاً عن عقد اجتماعات مع الاتحاد الأفريقي في تونس العاصمة وعقد اجتماعات تنسيقية في أنقرة وموسكو.
وأوضح أنه عمل على تأييد استقلالية ونزاهة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية نظراً للدور الحيوي الذي يضطلع به قطاع النفط في اقتصاد ليبيا ورفاه شعبها، لافتا إلى أن البعثة من خلال المشاورات المستمرة مع السلطات الليبية، سعت ووكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها المعنية لأن تركز اهتمامها على حقوق الإنسان والاحتياجات الإنسانية لليبيين، بل والمهاجرين واللاجئين كذلك.