أثارت تصريحات مسئولى الحكومة اليمنية تساؤلات عديدة حول مصير جولة المشاورات الثانية فى الكويت لحل الأزمة اليمنية بعد الجولة الأولى والتى استمرت 70 يوما وانتهت بطرح إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن خارطة طريق تتضمن تصورا عمليا لانهاء النزاع وعودة اليمن إلى مسار سياسى سلمى.
يتضمن هذا التصور- وفقا لبيان ولد الشيخ فى أخر الشهر الماضى بعد انتهاء المشاورات- إجراء الترتيبات الأمنية التى ينص عليها قرار مجلس الأمن الدولى 2216، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على إعادة تأمين الخدمات الأساسية وانعاش الاقتصاد اليمنى، كما تتولى حكومة الوحدة الوطنية بموجب هذه الخارطة مسئولية الإعداد لحوار سياسى يحدد الخطوات الموالية الضرورية للتوصل إلى حل سياسى شامل ومنها الخارطة الانتخابية وتحديد مهام المؤسسات التى ستدير المرحلة الانتقالية وإنهاء مسودة الدستور.
ولكن الحكومة اليمنية رفضت هذه الخارطة، وأكد الوفد اليمنى المشارك فى المشاورات فى بيان بعد ساعات من بيان المبعوث الاممى أن الأفكار التى أعلنها ولد الشيخ تم رفضها فى حينه كما أن بعضها لم يطرح فى الأساس أو تكون محلا للنقاش.
وأكد الوفد أن المشاورات لم تحرز أى تقدم بسبب رفض الانقلابيين الالتزام بالمرجعيات أو المبادئ والإجراءات المطلوب اتباعها لإنهاء الانقلاب وجميع الآثار المترتبة عليه ونتيجة لتعنتهم ومرواغتهم لم يتم الاتفاق على أى شيء فى القضايا الرئيسية المحددة فى جدول الأعمال والإطار العام.
وأضاف أن الحكومة الشرعية لم توافق أو تلتزم بمناقشة أى أفكار أو مقترحات تتعارض أو تخالف المرجعيات ومنها تلك التى أعلنها المبعوث الاممى وظلت خلال المشاورات متمسكة بموقفها المستند على المرجعيات الممثلة بقرار مجلس الأمن رقم 2216 والقرارات ذات الصلة والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطنى وبما اتفق عليه فى مشاورات سويسرا والنقاط الخمس المقدمة من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة وكذا جدول الأعمال والاطار العام للمشاورات والتزام الانقلابين بقرارات الشرعية الدولية وتنفيذ الانسحاب من كافة المحافظات والمدن وفى مقدمتها صنعاء.
وهدأت التصريحات الإعلامية خلال إجازة العيد وبالأمس ازدادت حدة هذه التصريحات بشكل ينبىء بأن الجولة الثانية لن تعقد فى موعدها الذى حدده المبعوث الأممى الذى سيصل اليوم إلى المنطقة أو على أحسن تقدير ستؤجل لأن الفجوة مازالت كبيرة بين الطرفين.
فقد فاجأ عبد الملك المخلافى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجىة ورئيس الوفد الحكومى للمشاورات الجميع أمس وكرر موقف الحكومة الذى كانت قد أعلنته بعد انتهاء المشاورات وزاد على ذلك فأكد أن ثقة الحكومة اليمنية اهتزت قليلا فى ولد الشيخ بعد تقديمه مشروع خارطة الطريق والتى لم تلتزم بمرجعيات المشاورات.
وقال فى حديث لصحيفة / الشرق الأوسط / السعودية وأعادت نشره وكالة الأنباء اليمنية الحكومية فى نشرتها مساء امس لتضفى عليه صفة رسمية أن الخارطة التى اقترحها المبعوث استبقت نتائج المشاورات ولم يناقشها مع وفد الحكومة وقد طرحت هذه البنود فى وقت سابق ورفضتها الحكومة.
وأشار إلى أن المبعوث الأممى سيزور الرياض بعد انتهاء إجازة العيد ويلتقى بالرئيس عبد ربه منصور هادى وأعضاء الحكومة وسنضع امامه كل القضايا المتعلقة بالمشاورات وخارطة الطريق لأنه لا يوجد حتى الآن أى اتفاق عليها.
وأكد وزير الخارجية اليمنى قبل ساعات فى موقعه على "تويتر" أن أى خارطة طريق يجب أن تلتزم بالمرجعيات. . والسلام يبدأ ببناء الثقة.
ونقلت وسائل إعلام يمنية موالية للحكومة تصريحات لمسئولين حكوميين أكدوا فيها أن الحكومة تحفظت على العودة إلى مشاورات السلام فى الكويت ما لم يتم تدارك السلبيات التى شهدتها جولة المفاوضات السابقة. . وطالبت ولد الشيخ بالتوقف عن اتباع أسلوب اللين والتراخى مع الانقلابيين وإظهار قدر من الشدة والجدية فى التعامل معهم وإرغامهم على التعامل الإيجابى مع الجهود الرامية إلى إيجاد حلول سياسية للأزمة التى يعانيها الشعب اليمنى.
وعلى الجانب الآخر يبدو أن جماعة الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق يوافقون على خارطة المبعوث الاممى وان لم يعلنوها صراحة حتى الآن.. ورد أبو بكر القربى عضو وفد المشاورات لحزب المؤتمر ووزير خارجية صالح لاكثر من 10 سنوات على تصريحات المخلافى فقال فى صفحته على "تويتر" أن اتفاقية السلام لليمن وضعت أسسها فى الكويت ويسهل تحقيقها إذا قدمت التنازلات ووضعت مصلحة اليمن أولا.
وأكد أن الاتفاقية"يقصد خارطة الطريق" فيها ضمان حقوق الجميع لأنه ضمان للمستقبل.
وفى ضوء هذه المواقف التى لم تتغير منذ بدء المشاورات فإن المبعوث الأممى أمامه محادثات شاقة قبل أن يستطيع جمع الطرفين مرة ثانية إلى طاولة المشاورات التى لم تحقق أى تقدم حتى الآن فى الوقت الذى تتصاعد فيه الاشتباكات فى معظم جبهات القتال خاصة الشمالية فهل سيكون الحسم العسكرى هو سيد الموقف أم ستتغير المواقف خاصة فى صنعاء فى ظل الازمات الاقتصادية الخطيرة التى تعانى منها العاصمة والتى شهدت تطورا كبيرا قبل العيد باغلاق البنك المركزى أبوابه قبل يومين من موعد الاجازة الرسمية لعجزه عن توفير السيولة النقدية لصرف مرتبات الموظفين وعجزت قطاعات حكومية كثيرة عن صرف مرتبات موظفيها قبل العيد لعدم توريد البنك الأموال المخصصة لهذه القطاعات للبنوك ومكاتب البريد مما أدى إلى ازدياد السخط الشعبى فى صنعاء.