قال الرئيس الفلسطينى محمود عباس، إن الفلسطينيين لا يقبلون أن يبقوا الطرف الوحيد الذي يلتزم باتفاقية أوسلو الموقعة مع إسرائيل عام 1993، مشددا على أن هذه "الاتفاقيات" لم تعد قائمة على أرض الواقع بسبب خرق الاحتلال المستمر لها.
وأضاف عباس، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، "سلمنا طلبا رسميًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة لتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم (181) الذي شكل أساسًا لحل الدولتين في عام 1947، وكذلك القرار رقم (194) المُنادي بحق العودة" مطالبا بإنزال العقوبات على إسرائيل وتعليق عضويتها في المنظمة الدولية، حال رفضها الانصياع وعدم تنفيذ هذين القرارين.
وأكد أن الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة أصدرت مئات القرارات الخاصة بفلسطين ولم ينفذ قرار واحد منها، (754 قرارا من الجمعية العامة، و97 قرارا من مجلس الأمن، و96 قرارا من مجلس حقوق الإنسان).. مضيفا: "رغم مطالبتنا لها (إسرائيل) بإنهاء احتلالها ووقف إجراءاتها وسياساتها العدوانية، وكذلك وقف كل الأعمال الأحادية الجانب التي وردت نصًا في اتفاق أوسلو، وذكرها لي الرئيس بايدن شخصيًا، إلا أنها أمعنت في تكريس هذا الاحتلال وهذه الإجراءات والسياسات، فلم تترك لنا خيارا آخر سوى أن نعيد النظر في العلاقة القائمة معها برمتها".
وتابع الرئيس الفلسطيني "من حقنا، بل لزاما علينا، أن نبحث عن وسائل أخرى للحصول على حقوقنا، وتحقيق السلام القائم على العدل، بما في ذلك تنفيذ القرارات التي اتخذتها هيئاتنا القيادية الفلسطينية، وعلى رأسها المجلس المركزي الفلسطيني.. إذا استمرت محاولات عرقلة مساعينا لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه ودولته، وتبني خطوات عملية لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، يصبح لزاما علينا التوجه إلى الجمعية العامة مرةً أخرى لاستفتائها على ما يجب تبنيه من إجراءات قانونية وخطوات سياسية، للوصول إلى تلك الغاية".
وطالب عباس بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل، بالاعتراف بمسؤوليتها عن الجرم الكبير الذي ارتُكِبَ بحق الشعب الفلسطيني والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات للشعب الفلسطيني التي يُقرها القانون الدولي.
كما طالب الرئيس الفلسطيني، الأمين العام للأمم المتحدة بالعمل الحثيث على وضع خطة دولية لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين، من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وقال عباس:"إن دولة فلسطين ستشرع في إجراءات الانضمام إلى منظمات دولية أخرى، وعلى رأسها منظمة الملكية الفكرية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الطيران المدني الدولي.. مضيفا "مع التقدير لما قام به المجتمع الدولي، أو حاول أن يقوم به من دعم وإسناد سياسي ومادي لشعبنا وقضيته العادلة، فإنه وللأسف الشديد عجز عن إنهاء الاحتلال وردع العدوان الإسرائيلي البشع والمتواصل على شعبنا، وتوفير الحماية الدولية له، وإيصاله إلى حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال، أُسوةً ببقية شعوب العالم، بحيث أصبحت دولة الاحتلال تتصرف كدولة فوق القانون".
وأردف "مما يحزننا أن الولايات المتحدة الأمريكية وعددا من الدول الأوروبية التي تُنادي بالتمسك بحل الدولتين، وتعترف بدولة إسرائيل، لم تعترف بدولة فلسطين حتى الآن، وتهدد باستخدام الفيتو أمام سعينا المشروع لنيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية".
وأشار رئيس فلسطين إلى أنه استمع - بالأمس - إلى ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد وغيرهما من قادة العالم حول الموقف المؤيد لحل الدولتين، وهذا أمر إيجابي، إلا أن الاختبار الحقيقي لجدية ومصداقية هذا الموقف، هو جلوس الحكومة الإسرائيلية إلى طاولة المفاوضات فورا، لتنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ومبادرة السلام العربية، ووقف كل الإجراءات الأحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين.
وأكد عباس أن دولة فلسطين تواقة للسلام، فدعونا نصنع هذا السلام لنعيش في أمن واستقرار وازدهار، من أجل أجيالنا وجميع شعوب المنطقة.
وقال الرئيس الفلسطيني:"إن إسرائيل التي تتنكر لقرارات الشرعية الدولية، قررت ألاّ تكون شَريكاً في عملية السلام، فهي التي دمرت اتفاقات أوسلو التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية، وهي التي سَعت وتَسعى بسياستها الراهنة وعن سَبقِ إصرار وتصميم إلى تدمير حل الدولتين".. مضيفا "أن إسرائيل تقوم بحملة مسعورة لمصادرة الأراضي وزرعها بالمستوطنات الاستعمارية ونهب الموارد الفلسطينية، كما فعلت عام 1948، كما أنها تقوم بإطلاق يد الجيش والمستوطنين الإرهابيين الذين يقتلون أبناء الشعب الفلسطيني في وضح النهار، ويحرقون ويهدمون بيوتهم، ويجبرونهم على دفع ثمن الهدم، أو يجبرونهم على هدمها بأيديهم ويقتلعون أشجارهم، كل ذلك بحماية رسمية".
وتابع عباس يقول "إن إسرائيل لم تُبقِ شيئاً من الأرض يقيم عليه الفلسطينيون دولتهم المستقلة في ظل هجمتها الاستيطانية المسعورة" متسائلا "أين سيعيش شعبنا بحرية وكرامة؟ أين سيُقيم دولته المُستقلة ليعيش بسلام مع جيرانه؟ حيث أصبح المستوطنون يشكلون حوالي 751 ألفا،ً ما يشكل 25% من مجمل السكان في الضفة الغربية والقدس".
وأضاف "تقتل إسرائيل أبناء شعبنا بدون حساب، كما فعلت مع الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي قتلت برصاص قناص إسرائيلي، وهي تحمل الجنسية الأمريكية، والتي نطالب بتحقيق العدالة لها، ومع ذلك (أجزم أن أمريكا لن تُحاكِم قتلتها من الجيش الإسرائيلي)، كما تعتدي إسرائيل على الأماكن الدينية المُقدسة، المسيحية والإسلامية، خاصةً في القدس، عاصمتنا الأبدية ودُرة التاج وهنا نود التأكيد على تمسكنا بالوصاية الهاشمية على هذه المقدسات".