تدرك رؤية 2030 التى طرحها ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، جيداً أن البنية التحتية الرقمية هى أساس بناء أنشطة صناعية متطورة وجذب المستثمرين، من أجل تحسين تنافسية الاقتصاد السعودى فإنها ستطور البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات وبالتحديد تقنيات النطاق العريض عالى السرعة.
وتعتمد المملكة العربية السعودية فى "رؤية 2030" على تنوع مصادر دخلها وتقلل اعتمادها على النفط، وجاءت الرؤية فى ثلاثة محاور رئيسة، هى المجتمع الحيوى، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح.
ويتحدث الجانب الأكبر منها عن الجوانب الحياتية والاقتصادية التى ستعمل المملكة على تنفيذها فى المستقبل القريب. لكن اللافت فى تلك الرؤية، وأهدافها الطموحة، أنها ترسخ لمفهوم عصرى بامتياز، وهو أن الأهداف الطموحة تحتاج بالأساس إلى تكنولوجيا متفردة، لتكون بمثابة قاطرة التقدم والنمو، ومن الواضح أن المملكة تدرك أهمية القطاع التكنولوجى كحامل لاقتصاد المملكة بكل جوانبه، ومن هذا التوجه فإنها لن تكتفى لأن تأخذ الريادة فى الاستثمارات والاقتصاد فحسب، بل حتى فى مجال التكنولوجيا الفائقة.
تبدأ الرؤية بالحديث عن مشاريع توسيع الحرمين الشريفين وتضاعف أعداد المعتمرين ثلاث مرات خلال آخر عشر سنوات إلى 8 ملايين شخص مع الطموح برفعه إلى 20 مليون خلال 4 سنوات فقط.
ويحتاج هذا التوسع فى التخديم لملايين إضافية من المعتمرين تسهيل أكبر فى إجراءات طلب التأشيرات، وتطوير الخدمات الإلكترونية لمساعدتهم على الحصول عليها بسهولة ويسر أكبر.
وسيعمل القطاعين الخاص والعام على تحسين الخدمات للمعتمرين وتوسيع نطاقها لتكون رحلة متكاملة تستخدم فيها التطبيقات الذكية لتسهيل الحصول على المعلومات.
استكمالاً لهذا الجانب فإن السعودية تسعى لبناء أكبر متحف إسلامى يستخدم التقنيات المتقدمة والتفاعلية لأخذ الزوار فى رحلة عبر الحضارة الإسلامية.
بالانتقال إلى الجانب الاقتصادى فقد تأسست مؤخراً الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التى ستعمل على خلق مناخ أفضل وتشجيع إنشاء المزيد من حاضنات الأعمال وصناديق رأس المال التى تساعد رواد الأعمال على تطوير مهاراتهم ومشاريعهم، هذا يعنى فرص أكبر للرواد الذين يرغبون بإطلاق مشاريع تقنية داخل السعودية حيث يكون لديهم منصات تتولى دعمهم من كل النواحى.
كما ستساعد المملكة المنشآت الصغيرة على تسويق خدماتها بالإعتماد على التسويق الإلكترونى والتنسيق مع الأطراف الدولية التى لها دور هنا.
وترغب السعودية بالاستفادة من قدراتها الاستثمارية بفعالية كما ستستثمر فى الشركات العالمية الكبرى والشركات التقنية الناشئة فى كل دول العالم، هذا الاستثمار سيأتى من خلال صندوق الاستثمارات العامة الذى سيكون أكبر صندوق سيادى فى العالم. وبالنظر إلى قطاع تقنية المعلومات السعودى فإن المملكة ستضخ المزيد من الاستثمارات فى الاقتصاد الرقمى حتى تتصدر مكانة متقدمة فيه.
ولفتت الرؤية إلى أن قطاع التجزئة السعودى نمى بأكثر من 10% سنوياً خلال آخر 10 سنوات ويوظف حالياً 1.5 مليون عامل منهم 300 ألف سعودى، لكن لايزال نصف حجم القطاع يجرى بالطريقة التقليدية، وتهدف السعودية خلال 4 سنوات فقط أن تضيف مليون فرصة عمل فى قطاع التجزئة الحديث ولترتفع نسبة التجارة الحديثة فى سوق التجزئة إلى 80%.
تهدف السعودية لزيادة نسبة التغطية للإنترنت عالى السرعة فى المدن وخارجها وتحسين جودة الاتصال. وبالأرقام فإنها تسعى للوصول إلى تغطية تتجاوز 90% من المنازل فى المدن ذات الكثافة السكانية العالية و 66% فى المناطق الأخرى.
بالانتقال إلى المحور الثالث والأخير، بدأت الرؤية بهدف واضح وهو قيادة العالم فى مجال التعاملات الإلكترونية وذلك من خلال توسيع نطاقها لتشمل مجالات جديدة من أجل التخفيف من التأخير فى تنفيذ الأعمال. كما ستعتمد السعودية على الاتصال عن بعد من أجل تدريب 500 ألف موظف حكومى وتأهيله لتطبيق مبادئ إدارة الموارد البشرية فى المؤسسات الحكومية خلال السنوات الأربعة القادمة. كما سيؤسس برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية الذى سيعمل على بناء منصات رقمية للمهام المشتركة.
وحققت السعودية تقدماً جيداً فى مجال الحكومة الإلكترونية وخلال السنوات العشرة الماضية زاد عدد الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن عن طريق الإنترنت لتشمل التوظيف، البحث عن فرص عمل، التعلم الإلكترونى، المرور والجوازات، الأحوال المدنية، الدفع الإلكترونى، إصدار السجلات التجارية وغيرها. هذه الخدمات رفعت من ترتيب السعودية فى مؤشر الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية من 90 إلى 36 خلال عشر سنوات فقط.
وستوسع المملكة خدماتها الإلكترونية لتشمل نظم المعلومات الجغرافية، الخدمات الصحية والتعليمية بالإضافة إلى تحسين جودة الخدمات الحالية وتبسيط الإجراءات وتنويع قنوات التواصل مع دعم استعمال التطبيقات الإلكترونية والسحابة الإلكترونية الحكومية ومنصة مشاركة البيانات ونظام إدارة الموارد البشرية.