علقت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء كل شحنات المساعدات إلى سوريا بعد هجوم قاتل على قافلة إغاثة بينما أعربت واشنطن عن غضبها بشأن الهجوم وقالت أن وقف إطلاق النار الذى استمر أسبوعا لم يمت بعد.
وأدان الكثير من دول العالم الهجوم الذى وصفته الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ودول غربية وعمال إغاثة بأنه هجوم بعد أن كانت وصفته من قبل بأنه ضربة جوية.
ونفت روسيا وسوريا مسؤولية طائراتها الحربية عن تدمير القافلة التى كانت محملة بمساعدات. وقدمت موسكو تفسيرا مختلفا تماما وقالت إنها تعتقد أن القافلة لم تتعرض نهائيا لنيران من الجو لكنها دمرت نتيجة حريق ورأت أن عمال الإنقاذ الذين قاموا بتصوير مسرح الحادث يتحملون اللوم.
وقال الهلال الأحمر العربى السورى أن رئيس أحد مكاتبها المحلية و"نحو 20 مدنيا" قتلوا. وذكرت إحصاءات أخرى عن عدد القتلى أرقاما مختلفة.
ويبدو أن الحادث سيوجه ضربة قاضية لوقف إطلاق النار الذى كان آخر محاولة لوقف الحرب التى دخلت عامها السادس وقتل فيها مئات الآلاف ولم تنجح بشأنها كل جهود السلام السابقة.
وقال وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى الذى شارك بنفسه فى التفاوض على التوصل للهدنة خلال أشهر من الدبلوماسية المكثفة مع روسيا رغم الشكوك التى أبداها مسؤولون كبار فى الإدارة الأمريكية فى تصريح لصحفيين "إن وقف إطلاق النار لم يمت."
أدلى كيرى بالتصريحات وهو يقف بجوار نظيره الروسى سيرجى لافروف عقب اجتماع فى نيويورك شارك فيه وزراء خارجية 20 دولة لبحث الموقف فى سوريا.
وقال مبعوث الأمم المتحدة ستافان دى ميستورا أن وقف إطلاق النار باق حتى يعلن رعاته وهما موسكو وواشنطن انتهائه ولم يعلن أى من البلدين انتهاء الهدنة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزراء وافقوا فى اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا على مواصلة السعى إلى وقف إطلاق النار وفقا للخطة الأمريكية الروسية.
*جريمة حرب إذا كانت متعمدة
كان الهدف من الهدنة وقف كل الأعمال القتالية والسماح بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة بينما تشهد القوات الحكومية بدعم عسكرى روسى وإيرانى أفضل حالاتها منذ سنوات ويحرم المدنيون فى المناطق الخاضعة للمعارضة من الغذاء والإمدادات الطبية.
وقال ينس لاركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فى إفادة صحفية "كإجراء أمنى فورى تم تعليق تحركات القوافل الأخرى فى سوريا فى الوقت الحالى فى انتظار المزيد من التقييم للوضع الأمني".
ودمر الهجوم على القافلة التابعة للهلال الأحمر العربى السورى 18 من جملة 31 شاحنة.
وقال ستيفن أوبراين منسق شؤون الإغاثة فى الأمم المتحدة فى بيان "إذا اتضح أن هذا الهجوم القاسى استهدف موظفى الإغاثة الإنسانية بشكل متعمد فسيكون هذا بمثابة جريمة حرب."
وقال بيتر مورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى بيان "إن الهجوم الذى وقع أمس خرق صارخ للقانون الإنسانى الدولى. "
وقتل فى الهجوم مسؤول الهلال الأحمر السورى بالمنطقة عمر بركات. وقال روبرت ماردينى مدير عمليات الصليب الأحمر فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن الفريق على الأرض فى حالة "صدمة."
* واشنطن "تستشيط غضبا"
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربى أن واشنطن "تستشيط غضبا". وأضاف "إن مقصد هذه القافلة كان معلوما للنظام السورى والاتحاد الروسى وعلى الرغم من ذلك قتل عمال الإغاثة أثناء محاولتهم توفير المساعدات للشعب السورى. "
وأظهر التناقض مع رواية موسكو للأحداث مدى الصعوبة التى واجهها رعاة الأطراف المتصارعة فى الاتفاق على ما سيحدث على الأرض.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف فى بيان "درسنا مشاهد التسجيلات المصورة من الموقع التى التقطها من يسمون أنفسهم (نشطاء) بالتفصيل ولم نجد دليلا على أن القافلة تعرضت للقصف بذخيرة."
وأضاف قائلا "لا توجد حفر وهياكل السيارات لا يحمل آثار الضرر المتناسب مع الانفجارات التى تتسبب بها قنابل تسقط من الجو."
وأشار كوناشينكوف إلى أن الضرر البادى فى المشاهد المصورة فى القافلة هو نتيجة مباشرة لحريق شب فى حمولتها معتبرا أنه "وقع بشكل يدعو للاستغراب" تزامنا مع بدء المسلحين عملية عسكرية كبيرة فى حلب المجاورة.
وأضاف قائلا "فقط ممثلو منظمة (الخوذ البيضاء) المقربون من جبهة النصرة الذين يجدون أنفسهم دائما فى المكان الصحيح وفى الوقت الصحيح وبالصدفة مع كاميرات الفيديو الخاصة بهم يمكنهم أن يجيبوا عمن فعل هذا ولماذا."
وتحدثت الأمم المتحدة والهلال الأحمر عن غارات مستمرة عجزوا عن إيقافها.
وقال ماسيمو ديانا وكيفن كنيدى منسقا الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فى سوريا والمنطقة فى بيان مشترك اليوم الثلاثاء "تم إبلاغ الأمم المتحدة فى سوريا بالضربات أثناء حدوثها. على الرغم من جهودنا واتصالاتنا مع أطراف الصراع.. تواصلت الضربات طوال الليل مما عرقل الجهود للوصول إلى الجرحى وإسعافهم."
وقال حسين بدوى رئيس منظمة الخوذ البيضاء فى البلدة أنه كان على بعد مئة متر من مخزن المساعدات عندما وقع الهجوم مشيرا إلى أنه أصيب بشظية فى يده.
وأضاف أنه شاهد النيران والقتلى والجرحى ولم يتمكنوا بادئ الأمر من سحب أربعة ناجين وخمسة قتلى. وأضاف أن القصف كان مستمرا ولم تتمكن فرق الإنقاذ من العمل ومن وصل فى سيارات إسعاف لم يتمكن من دخول المنطقة.
مقامرة دبلوماسية
وشكلت اتفاقية وقف إطلاق النار مقامرة على التعاون غير المسبوق بين الولايات المتحدة وروسيا على الرغم من وصول مستوى الثقة بين الخصمين السابقين فى الحرب الباردة إلى أدنى درجاتها منذ عقود.
وعلى اثر الهجوم قال مسؤول بارز فى إدارة أوباما عن وقف إطلاق النار "لا نعرف إذا كان يمكننا إنقاذها."
وأضاف المسؤول للصحفيين شرط عدم ذكر اسمه "فى هذه النقطة يتعين على الروس أن يثبتوا بسرعة جدية مقصدهم وإلا لن يكون هناك ما نمدده ولا شيء لننقذه."