أكد السفير أيمن مختار الجمال، سفير مصر فى دولة جنوب السودان، حرص مصر على تحقيق الاستقرار الشامل لدولة جنوب السودان الشقيقة، معربا عن أمله فى عودة الأوضاع قريبا إلى طبيعتها لاستكمال مشروعات التعاون الثنائى بين البلدين، حيث أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة خارج العاصمة جوبا تحول دون استكمال العديد من المشروعات.
وأضاف السفير أيمن مختار الجمال ـ فى حوار أن التعاون المشترك بين القاهرة وجوبا له طبيعة خاصة وما يميزه خبرة مصر وإدراكها لطبيعة الأوضاع فى جنوب السودان من واقع التاريخ والصداقة الممتدة إلى ما قبل توقيع اتفاق السلام الشامل فى 2005، موضحا أن التعاون بين البلدين شهد طفرة كبيرة عقب زيارة الرئيس سلفا كير ميارديت إلى مصر ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسى فى نوفمبر 2014، حيث أثمرت تلك الزيارة توقيع 8 مذكرات تفاهم فى مجالات التعليم والصحة والرى وغيرها من المجالات الحيوية، وقد أعطى الرئيس السيسى توجيهاته لكافة الوزارات المعنية، بالاهتمام بتفعيل مشروعات التعاون المشترك مع جنوب السودان.
وأوضح السفير الجمال أن مصر تهتم بالتعاون فى الأمور التنموية سواء فى مشروعات البنى التحتية أو تنمية الفرد والمجتمع ورفع كفاءة الأداء فى مجالات الصحة والتعليم الأساسى والجامعى والطاقة والزراعة والرى وغيرها من الجوانب التى تسهم فى تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما سيعود بالنفع على كلا البلدين.
وأضاف أن العلاقات القوية بين البلدين على المستويين الحكومى والشعبى تعود إلى المصالح السياسية والإقليمية المشتركة، بالإضافة إلى قواسم التاريخ والجغرافيا، وحرص مصر على دعم الاستقرار فى جنوب السودان، حيث أنها دولة جوار، بالإضافة إلى كونها من ضمن دول حوض النيل.
وفيما يتعلق بالتعاون فى مجال التعليم الأساسى قال السفير المصرى أن مصر لديها ثلاث مدارس للتعليم الفنى، فى مدن "جوبا"، و"واو" و"بور"، وقد تم توقيع مذكرة تفاهم فى يوليو 2016 للتعاون بين البلدين فى مجال التعليم الأساسى والتى تشمل كذلك إعادة تأهيل تلك المدارس وإرسال بعثة تعليمية لإدارتها وتشغيلها، أما عن التعليم العالى فذكر أن هناك برنامج تنفيذى للتعاون بين البلدين فى مجال التعليم العالى تٌقدم مصر بموجبه سنويا 250 منحة للدراسة فى الجامعات المصرية، بالإضافة إلى 50 منحة لدراسة الماجيستير والدكتوراه، مشيرا إلى أن دراسة مواطنى جنوب السودان فى مصر لا تقتصر على منح الحكومة المصرية فحسب، حيث بلغ عدد المقبولين للدراسة فى الجامعات المصرية على نفقتهم الخاصة للعام الدراسى 2016/2017 من جنوب السودان نحو 1900 طالب وطالبة.
كما يتم إنشاء فرع لجامعة الإسكندرية فى مدينة "تونج" التى ستعود بالنفع على أهالى جنوب السودان، مشيرا إلى أنه قد تم تجهيز الأبنية التعليمية والمعامل وسكن الطلاب فى مقر الجامعة التى تشمل أربع كليات هى "الصيدلة والطب البيطرى والزراعة والتربية"، وأن المباحثات تجرى الآن حول كيفية تشغيل وإدارة الجامعة التى تسع 450 طالبا.
وفى مجال الصحة أكد السفير المصرى فى جوبا- لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى جنوب السودان- أن مصر تقدم خدماتها العلاجية لمواطنى الجنوب بشكل مباشر من خلال العيادات والقوافل الطبية، وبشكل غير مباشر عبر تدريب وتأهيل الكوادر البشرية التى تتلقى دورات تدريبية فى مصر بهدف بناء القدرات بمختلف التخصصات الطبية، مشيرا إلى تميز الدور المصرى فى هذا الشأن وخاصة مع الثقة المتزايدة من مواطنى جنوب السودان فى العيادات والقوافل الطبية المصرية وإقبالهم عليها.
وأوضح أن لدى مصر ثلاث عيادات فى مدن "جوبا" و"أكون" و"بور"، وتوقفت العيادتين فى "أكون" و"بور" عن العمل بسبب الأحداث الأخيرة، ولكن العيادة المصرية فى العاصمة "جوبا" لا تزال تعمل وتستقبل يوميا العديد من الحالات فى مجالات الأطفال والباطنة وأمراض النساء وغيرها من الأمراض وتقدم الكشف والعلاج اللازم، إلى جانب القوافل الطبية التى تطلقها وزارة الصحة المصرية، وبها العديد من الأطباء فى تخصصات مختلفة، وقامت بإجراء العديد من العمليات الجراحية خلال فترة عملها مما كان لها من آثار طيبة فى تقوية العلاقات بين الشعبين الشقيقين.
وأشار السفير المصرى إلى جهود الكنيسة المصرية فى نفس المجال وإرسالها لمجموعة من الأطباء للعمل فى مستشفى "جوبا" التعليمى.
واستكمل حديثه حول التعاون فى مجال الصحة، حيث أشار إلى قيام وزارة الدفاع المصرية بإنشاء وحدة غسيل كلوى ووحدة مناظير جهاز هضمى وتجهيز غرفة عمليات بالمستشفى العسكرى بجوبا، إلى جانب الجهود المبذولة حاليا من قبل الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية لإنشاء أول وحدة غسيل كلوى فى مستشفى جوبا التعليمى.
وفى مجال الطاقة أفاد بأن مصر أنشأت أربع محطات لتوليد الطاقة الكهربائية فى جنوب السودان فى مدن "واو" و"رومبيك" و"يامبيو" و"بور"، وتم تسليم جميع المحطات التى بنيت بمنحة مصرية تقدر بـ158 مليون جنيه مصرى، ولكن مع نشوب الأزمة فى 2015 عجزت الدولة عن توفير وقود الديزل لتشغيل تلك المحطات، مشيرا إلى أن هناك محاولات حاليا للتواصل مع الحكومة لبحث إمكانية تشغيل هذه المحطات.
وفى مجال الزراعة قال السفير أيمن مختار الجمال، "إن الحكومة المصرية اقترحت تنفيذ مشروع مزرعة نموذجية، ونحن الآن فى انتظار رد حكومة جنوب السودان بشأن هذا المقترح لتطوير هذه الفكرة وتحديد أراضى لإقامة المشروع"، مشيرا إلى توقيع مذكرة تفاهم العام الماضى خاصة بالاستزراع السمكى فى مدينة "واو" وقد تم تعيين مديريين للمشروع الذى توقف بسبب الأحداث، كما توقف أيضا مشروع إنشاء مزرعة إنتاج حيوانى فى "واو" كان قد تم توقيع مذكرة تفاهم بشأنه، وأن مباحثات تجرى حاليا لإنجاز مشروع استزراع سمكى فى العاصمة "جوبا".
وفى مجال الرى، قال أن التعاون بين البلدين فى هذا المجال ممتد إلى أمد بعيد، ومن أبرز تلك المشروعات حفر آبار مياه جوفية فى أماكن متفرقة من جنوب السودان تشمل 30 بئر مياه جوفية على مراحل، تم خلال الأولى منها حفر 6 آبار فى محيط "جوبا"، وكذلك مشروع تطهير الممر الملاحى لبحر الجبل وبحر الغزال بهدف تسهيل حركة النقل النهرى بهدف تشجيع الاستثمار الذى يعانى من صعوبة النقل وخاصة أنها دولة حبيسة.
واختتم السفير أيمن مختار الجمال حديثة قائلا : أن هناك إعفاء مشترك من رسوم تأشيرة دخول البلاد بين مصر وجنوب السودان، الأمر الذى يعكس التواصل والترابط بين الشعبين الشقيقين، إلى جانب تسيير 4 رحلات أسبوعية بين القاهرة وجوبا على خطوط شركة مصر للطيران"، مشددا على أهمية دور الشركات المصرية العاملة فى مجالات المواد الغذائية وزيوت الطعام والأثاث والمقاولات بجنوب السودان".