اقترح مبعوث الأمم المتحدة رئيس بعثتها للدعم فى ليبيا، مارتن كوبلر، على مجلس الأمن الدولى «سبع خطوات للوصول إلى السلام» فى ليبيا، مؤكدًا أن الأمم المتحدة «تتمتع بمكانة فريدة فى ليبيا»، مبديًا تفاؤله بالمستقبل.
وتضمنت الخطوات السبع التى تضمنها بيان كوبلر إلى مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، التأكيد أولاً على بقاء الاتفاق السياسى إطارًا يتعين العمل ضمنه للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، وثانيًا: أن تكف جميع الجهات الأمنية الفاعلة عن أى عمل قد يكون سببًا فى اندلاع العنف والتصعيد. وثالثًا: العمل بشكل عاجل على تنشيط المسار الأمنى الرامى إلى تحقيق الاستقرار فى الأوضاع وإيجاد الظروف اللازمة لتشكيل جهاز أمنى موحد. ورابعًا: ضرورة تحقيق الاستقرار فى الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد. وخامسًا: إدماج المصالحة الوطنية بشكل حاسم على جميع المستويات. وسادسًا: بدء تحسين الخدمات العامة والأمن والحكم الرشيد على المستويات المحلية. وسابعًا: أن يتحرك المجتمع الدولى خارج إطار الاحتواء.
وأعرب كوبلر فى كلمته عن تفاؤله بمستقبل الاتفاق السيسي، حيث قال «إننى مستبشر بأن جميع الأطراف المعنية الهامة والغالبية العظمى من السكان الليبيين تتشاطر الرأى ذاته»، داعيًا المجتمع الدولى إلى الاستفادة «من هذا التوافق» حول الاتفاق الراهن. مشيرًا إلى أن كلاً من رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب وكذلك قائد الجيش الوطنى الليبي، المشير حفتر، خلال اجتماعه معه الخميس الماضى فى بنغازي، ورئيس مجلس الدولة «أكدوا التزامهم بالاتفاق السياسي». مضيفًا أن «هذا ما فعله تقريبًا جميع ممثلى المؤسسات والدوائر الانتخابية الهامة».
لكن كوبلر اعتبر فى كلمته أن «الاتفاق ليس مثاليًا»، إلا أنه نبه إلى أن «هناك توافقًا حول الحاجة إلى إدخال تعديلات» على الاتفاق، غير أنه قال إنه «لا يمكن أن يقوم بهذه التعديلات سوى الليبيين أنفسهم». وتابع «نحن نعمل على إيجاد توافق فى الآراء بشأن الآلية اللازمة لتمكين إجراء هذه التعديلات». وشدد على ضرورة «أن تكون هذه العملية شاملة للجميع» و«أن يكون لدى أولئك الذين يتخذون القرارات القدرة والالتزام اللازمين لتنفيذ قراراتهم».
كما شدد المبعوث الأممى فى كلمته أمام أعضاء مجلس الأمن على ضرورة «تخفيف الجو المشحون فى ليبيا إذا ما أريد استئناف المناقشات السياسية»، معبرًا أن «السعى إلى توسيع نطاق السيطرة عن طريق العنف يتسم بقصر النظر ويؤتى بنتائج عكسية»، معربًا عن قلقه الـ«خاص إزاء التطورات فى جنوب ليبيا على الصعيدين العسكرى والإنسانى على حد سواء». منبهًا إلى أنه «ليس بمستطاع الجنوب الذى يعانى قدرًا كبيرًا من الإهمال تحمّل المزيد». منبهًا إلى أنه «لن تكون هناك وحدة من خلال العنف». مشددًا على حاجة الأطراف الليبية «إلى اتخاذ خطوة إلى الوراء والتحدث مع بعضها البعض».
ودعا كوبلر إلى اتخاذ خطوات فورية لبناء الثقة بين الأطراف الليبية لتعزيز التقدم على المستوى السياسي، حيث قال «وفى حين أن التقدم المحرز فى مجال الأمن يكون أكثر فاعلية عندما يقترن بالتقدم المحرز على صعيد المسار السياسي، فإنه يغدو من الواجب اتخاذ خطوات لبناء الثقة الآن وفورًا». لافتًا إلى أن «تشكيل لجنة فى طرابلس للإشراف على وقف إطلاق النار يعدّ أساسًا جيدًا للمضى قدمًا فى ترتيبات أمنية أكثر تنظيمًا للمدينة، كما يمثل أيضًا وسيلة لتعزيز سلطة المجلس الرئاسي».
وأكد كوبلر أن الاتفاق على إطار الميزانية العامة للدولة الليبية للعام 2017 «شكل خطوة هامة إلى الأمام». لكنه شدد على ضرورة «تحسين آليات الميزانية والمالية العامة بغية ضمان التمويل الموحد والعادل للخدمات والاقتصاد، مع توزيع الأموال بصورة عادلة وشفافة على جميع مناطق ليبيا». كما حث «على إقامة مزيد التعاون البنّاء بين المؤسسات المالية والاقتصادية الليبية والمجلس الرئاسي».
ونوه المبعوث الأممى إلى «قدرة القادة الليبيين على التوسط فى اتفاقات وقف إطلاق النار على الصعيد المحلي»، معتبرًا أنه «تمثل ميزة كبيرة»، و«حالت دون أن يتسبب كثير الشرر فى إشعال الحرائق». منوهًا إلى أن «الليبيين سيبدؤون قريبًا مبادرة شاملة للمصالحة الوطنية من القاعدة إلى القمة بدعم من بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا».
وبشأن تحسين الخدمات العامة والأمن والحكم رأى كوبلر ضرورة دعم المؤسسات الليبية حيث قال «فى بلد ذى إرث من المؤسسات الوطنية الضعيفة، تبقى السلطات المحلية من بين الجهات الفاعلة الأكثر احترامًا وفعالية. ويجب علينا دعمها». كما دعا إلى «إعطاء عمداء البلديات المنتخبين بصورة ديمقراطية السلطة والأموال والمسؤولية»، وشدد على ضرورة «أن يكون الشركاء الدوليون على استعداد لدعم المجلس الرئاسي، إذا طُلب منهم ذلك. وأيضًا أن يقوموا بإرسال الخبرات لتعمل على أرض الواقع».
وفيما يتعلق بدور المجتمع الدولى تمنى كوبلر أن يتحرك المجتمع الدولى خارج إطار الاحتواء، معتبرًا أن «التركيز على مكافحة الإرهاب والهجرة وحدهما غير كافٍ». لأن «الهجرة والإرهاب ما هما إلا أعراضًا وليسا الأسباب الجذرية». معربًا عن امتنانه «للمبادرات والجهود العديدة التى بذلتها على وجه الخصوص دول الجوار والمنظمات الإقليمية طوال الأسابيع والأشهر الماضية، من أجل التقريب بين الأطراف السياسية والعسكرية».
وقال: «أعتقد أن الوقت قد حان الآن لكى تأخذ الأمم المتحدة زمام المبادرة مرة أخرى». وأكد أن «الأمم المتحدة تتمتع بمكانة فريدة فى ليبيا»، لكنه نبه إلى حاجة البعثة الأممية فى ليبيا «إلى الدعم الموحد من مجلس الأمن والمجتمع الدولى الأوسع نطاقًا». كما قال «إن نساء ورجال ليبيا، شيبًا وشبابًا، وشيوخها الحكماء وشبابها النابض بالحياة يستحقون حياة أفضل ويستحقونها الآن».