قالت دراسة دولية أصدرها منتدى "فكرة"، التابع لمعهد واشنطن لدراسة سياسات الشرق الأدنى، إنه منذ إعلان قرار إجراء استفتاء عام لتحديد مستقبل إقليم كُردستان العراق، كان هناك سجالاً ساخناً بين المعارضين والمؤيدين للقرار من جميع الخلفيات والطوائف، موضحة أن السجالات الجارية لا تخلو من التهديد والتخويف السياسى ضد كل من يقف موقفاً معارضاً للاستفتاء.
وأضافت الدراسة التى أعدها أربعة باحثين أكراد، آراس فتاح، ومريوان قانع، وآسوس هردي، وخالد سليمان، إن شعارات الأحزاب القومية لم تعد قادرة على تخدير تلك الأسئلة بخطاباتها الرومانسية، ولا يستطيع تعبير "الموت من أجل الاستقلال"، تحريك وحشد الناس كلما اقتضت "المظلومية السياسية".
وأوضحت الدراسة المنشورة باللغتين العربية والإنجليزية، إن لغة السياسة الشعبوية التى تتحدث عن استحالة العيش المشترك فى العراق، تأتى فى الوقت الذى يبدو فيه العيش المشترك، حتى فى أدنى مستوياته السياسية، غير موجود فى إقليم كُردستان، وذلك بسبب الاستفراد وسوء الاستخدام المخيف للسلطة والثروة.
وأشارت الدراسة، إلى أن هناك أسبابا كثيرة تدفع إلى التوقف بعناية أمام دعوة مسعود البرزانى للاستفتاء، منوهة إلى أن البرزانى نفسه هو السبب الأول، ذاك أنه رغم انتهاء ولايته الرئاسية رسمياً منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٥ لم يترك منصبه، هذا، وقد شكل تجديد ولاية أخرى له عام ٢٠١٣ بناءً على اتفاق بين حزبه والاتحاد الوطنى الكُردستانى، العقبة الأولى أمام التحول الديمقراطى فى الإقليم، كما أنه اتخذ قرار إغلاق أبواب البرلمان وتعطيل أعماله بتاريخ شهر أكتوبر ٢٠١٥.
ورأت الدراسة، إن إجراء الاستفتاء فى موعده المقرر وتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع إجراؤها بداية شهر نوفمبر، هو لعبة أخرى لإطالة وتكريس سلطة البرزانى الشخصية والعائلية.
ولفتت الدراسة فى هذا الصدد إلى الموقف الذى أعلنته بعثة الاتحاد الأوروبى فى العراق بتاريخ 24 يوليو الماضى، حيث دعت إلى "التفعيل الكامل للمؤسسات المنتخبة فى إقليم كردستان، لا سيما إعادة تفعيل البرلمان وإجراء الانتخابات، كشرط أساسى مسبق للاستقرار والتنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك وفقاً لرؤية برنامج الإصلاح فى العراق".
وقالت الدراسة، إن الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تواجه الإقليم حيث تصل الديون المترتبة على حكومته المحلية إلى 30 مليار دولار بسبب سياسة الحكومة النفطية الخاطئة وغير الشفافة، هى عامل آخر من عوامل عدم الثقة بجدوى الاستفتاء والوعود القومية الهشة".
ووفقا للدراسة فإنه يمكن القول بأن الطريق الذى يقود برزانى إقليم كردستان نحوه والمفعم بالديون والأزمات الاقتصادية المستفحلة والصراعات السياسية الداخلية، لن يختلف عن مصير دولة جنوب سودان إذ تعصف بها المجاعة والحرب الأهلية.
وتساءلت الدراسة: هل يمكن لإقليم قد ترهل اقتصادياً مبكراً، المقاومة أمام تهديدات أصدقاء مفترضين أو "جيران أشرار" يتحكمون ببنيته التحية؟، إنه سؤال تجيب عنه عقلانية اقتصادية وبراجماتية سياسية وليست حماسات بهلوانية ورومانسية وطنية، من شأنها ترك كل ما بنى منذ عام ١٩٩١ عرضة للأخطار.
وأجرى إقليم كردستان العراق اقتراعا على الانفصال عن الدولية العراقية يوم الإثنين الماضى كانت نتائجه فى صالح الانفصال عن بغداد، وبلغ عدد المصوتين بـ"نعم" 92%، وحوالى 7% صوتوا بـ"لا"، بنسبة مشاركة 72%، وبلغ عدد الناخبين المشاركين فى الاستفتاء 4.5 مليون ناخب من الإقليم وخارجه.