نشر معهد كارنيجى للسلام دراسة حديثة للباحثين كريستين مكافراى فان دين تورن عن مسألة استفتاء إقليم كردستان العراق توصلا من خلالها إلى أن التصويت بـ"نعم" فى الاستفتاء على الاستقلال فى إقليم كردستان لا يُترجَم دعماً غير مشروط للاستقلال فى المدى القصير.
وقال الباحثان إنه فى 25 سبتمبر الماضي، صوّت الأكراد العراقيون فى استفتاء على الاستقلال.
ووفقاً للمفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء فى إقليم كردستان، دعم 93 فى المئة من المشاركين الاستقلال، ما يؤكّد فى الظاهر رغبة الأكراد فى تقرير مصيرهم.
وأوضحا أن النتائج أطلقت جوقة من الدعم للدولة الكردية فى أوساط القادة فى حكومة إقليم كردستان وأصدقائهم فى الخارج، وبينهم أعضاء فى الكونغرس الأميركي، ودبلوماسيون أميركيون سابقون، وصحافيون ومعلّقون يعتبرون أن غالبية الأكراد ترغب فى الاستقلال و"تستحقه"؛ وأن تقرير المصير حق طبيعي؛ وأنه على المجتمع الدولى احترام "صوت الشعب الكردي" بيد أن النتائج تؤكّد أن الأصوات الكردية متنوّعة إلى درجة كبيرة، وأن الآراء عن الاستقلال ليست واضحة ومحسومة بالقدر الذى توحى به نسبة الـ93 فى المئة.
ورأيا أن الاستفتاء لم يخضع للمصادقة عليه أو المراقبة من جهات دولية أو مجموعات متخصصة بمراقبة الانتخابات، وتحديداً الأمم المتحدة، حاملة لواء الانتخابات فى مختلف أنحاء العالم لقد ألقى ذلك بشكوك حول شرعية العملية، وتحدّث بعض السكان والمسؤولين الأكراد، والمنظمات الكردية غير الحكومية، مثل المعهد الكردى للانتخابات ومركز بدليسى الثقافي، عن تزوير الانتخابات عن طريق ما يُسمّى تسويد البطاقات الانتخابية وعن حدوث ترهيب، وهى مشكلة عانت منها الانتخابات الكردية فى السابق، علاوةً على ذلك، تتألف المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء التى تولّت إدارة الاستفتاء، من أعضاء موالين للحكم بدلاً من خبراء مستقلين، وتفتقر إلى القدرة على التحقيق فى مزاعم الفساد.
وتابعا بالقول: "لقد أرجأت المفوضية نشر نتائج الاستفتاء على مستوى كل واحدة من الدوائر الانتخابية، ويشتبه كثرٌ فى أن السبب هو أنه من شأن تلك النتائج أن تتناقض مع السرديات الرسمية عن الدعم الساحق والواسع النطاق للاستقلال. يبدو أن النتائج غير الرسمية والتسريبات عن الأرقام الرسمية فى كل واحدة من المحافظات والدوائر الانتخابية تؤكّد هذه الشكوك بأن أشكال الدعم للاستقلال كانت أشدّ تنوعاً إلى حد كبير. على سبيل المثال، على الرغم من أن الأرقام الرسمية أشارت إلى أن نسبة الاقتراع بلغت 72 فى المئة فى الإجمال، إلا أن التقارير غير الرسمية تتحدث عن اختلاف شديد فى هذه النسبة من محافظة إلى أخرى. فوفقاً لتقديرات مصادر محلية غير رسمية، تراوحت نسبة الاقتراع من 80 إلى 95 فى المئة فى معظم المناطق فى محافظتَى دهوك وإربيل، لكنها سجّلت رقماً متدنّياً مع 50 فى المئة فى معظم مناطق محافظتَى السليمانية وحلبجة.2 فى حين أن هذه النسبة أعلى بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، إلا أنه كان يُتوقَّع تسجيل نسبة اقتراع أعلى، نظراً إلى مدى أهمية مسألة الاستقلال الكردى وتقاطعها مع مسائل أخرى. تشير نسبة الاقتراع المتدنّية فى هذه المناطق إلى أن عدداً كبيراً من الأكراد الذين يعارضون الاستقلال، ربما امتنعوا ببساطة عن التصويت".
وعن الأراضى المتنازع عليها، قالا إن المقابلات مع المصادر المحلية والتقارير الإخبارية غير الرسمية أشارت إلى أن نسبة عالية من الأشخاص صوّتت بـ"نعم" فى الاستفتاء"، ما يؤشّر إلى دعمٍ واسع فى أوساط السكان للانضمام إلى كردستان مستقل. لقد أعربت أقليات كثيرة – وبعض العرب السنّة – عن تفضيلها لحكومة إقليم كردستان على الحكومة الاتحادية فى العراق التى يعتبرونها غير قادرة على حمايتهم من تهديد التطرف وغير مستعدة لذلك، بيد أن نسبة التأييد المرتفعة للاستقلال تتعارض مع الانقسامات العميقة فى الأراضى المتنازع عليها.
وللتدليل على ذلك استطردا، قائلين: "فى طوز خورماتو، وهى بلدة متنازع عليها ومختلطة بين الأكراد والتركمان جنوبى كركوك، بلغت نسبة التصويت بـ"نعم"، بحسب الأرقام غير الرسمية، تسعين فى المئة – غير أن نسبة الاقتراع كانت 60 فى المئة فقط، ولم تكن هناك مراكز اقتراع فى المناطق التركمانية".
ونوها إلى أن المقابلات تكشف أن شرائح واسعة فى أوساط الأقليات غير الكردية – تركمان وأيزيديين ومسيحيين وعرب سنّة وشبك – تريد العيش تحت سلطة الحكومة الاتحادية العراقية، مبديةً معارضتها للمحسوبيات والفساد لدى الحزب الديمقراطى الكردستاني، الذى "كدّس الثروات فى جيوبه إنما لم يبنِ شيئاً"، وعمد إلى تهميش السكان الذين اختاروا دعم أحزاب أخرى أو تهديدهم.
ويضمر هؤلاء السكان ضغينة شديدة تجاه الحزب الديمقراطى الكردستانى الذى يحمّلونه مسؤولية الانسحاب عندما شنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" هجومه فى العام 2014، ومنعهم من الدفاع عن أنفسهم.