خلصت دراسة حديثة إلى أن تمسك إسرائيل بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف الرسمى بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل يعود إلى 5 أسباب جوهرية وهى اندثار خيارات التسوية، ولجوء تل أبيب إلى سياسات الحسم السريع، فضلا عن استغلال فرصة الأزمات الإقليمية، إلى جانب ضعف توقعات التصعيد، وأخيرا فرض الأمر الواقع.
وأجابت الدراسة التى نشرها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بالإمارات العربية المتحدة، للباحث المصرى محمد عبد الله يونس، عن السؤال الصعب: لماذا تمسكت إسرائيل بنقل السفارة الأمريكية للقدس؟
وترى الدراسة أنه على الرغم من أن الحسابات الأولية للمصالح الإسرائيلية الراهنة لا تدعم تأجيج التوترات مع الدول العربية والإسلامية؛ إلا أن الضغوط الإسرائيلية لم تنقطع خلال الآونة الأخيرة لدفع القوى الدولية للاعتراف بمدينة القدس المُحتلة عاصمة لها.
ويرجع هذا التعجل الإسرائيلى إلى عدة عوامل، من بينها: هيمنة التيارات اليمينية على السياسة الإسرائيلية، واتباع حكومة نتنياهو سياسة "الحسم السريع" للقضايا، وانشغال الدول العربية بمواجهة التهديدات الإقليمية المتصاعدة، ووجود "فرصة تاريخية" ينبغى استغلالها على حد تعبير بعض المحللين الإسرائيليين، بالإضافة إلى اقتصار أهمية القرار الأمريكى -وفقًا للنخب الإسرائيلية- على الدلالات الرمزية والقانونية فى ظل الهيمنة الواقعية لتل أبيب على المدينة.
وأوضحت الدراسة أن مراجعة المشهد الإقليمى الراهن تكشف عن أن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المُحتلة لن يكون فى صالح إسرائيل، حيث سيؤدى القرار لتعزيز مواقف القوى الإقليمية المعادية لها وفى صدارتها إيران والميليشيات الشيعية التابعة لها و"حزب الله"، بالإضافة إلى دعم ادعاءات بعض الفصائل المُسلحة والتنظيمات الإرهابية بحماية المقدسات الدينية، والتصدى للاحتلال والقوى الدولية الداعمة له.
ولفتت إلى أن القرار يؤدى أيضًا لتقويض المساعى الإسرائيلية للتقارب مع الدول العربية بهدف دمجها فى نظام الأمن الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط فى ظل ما تعتبره تل أبيب تطابقًا فى الرؤى والمصالح فيما يتعلق بتهديدات إيران للأمن الإقليمى وضرورة التصدى للميليشيات الشيعية المُسلحة التابعة لها فى سوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى التنسيق فى مواجهة تهديدات التنظيمات الإرهابية فى الشرق الأوسط.
وتابعت أن الرد الفلسطينى على قرار ترامب قد يكون هو إعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد وعاصمتها مدينة القدس استغلالًا لحالة التوافق الداخلى الفلسطيني، ورأب الصدع بين حركتى فتح وحماس. وفى حالة اعتراف الدول العربية والإسلامية والدول النامية بالدولة الناشئة؛ فإن إسرائيل ستواجه أوضاعًا إقليمية ودولية شديدة التعقيد مع تجدد المقاطعة الإقليمية والدولية والتعامل معها كقوة احتلال.
واختتمت الدراسة بأن الأوضاع فى الشرق الأوسط لا تبدو مهيأة لاستيعاب المزيد من التوترات فى ظل تتابع الأزمات الإقليمية التى لم تعد قابلة للاحتواء السريع، كما أن تداعياتها باتت تنتقل بسرعة شديدة عبر الحدود لتؤثر على كافة دول الإقليم التى باتت تواجه تهديدات أمنية وعسكرية غير مسبوقة، ولا تعد إسرائيل استثناء من هذا الوضع الإقليمى المعقد، وهو ما يعنى أن توقيت قرار نقل السفارة قد لا يكون مناسبًا.