قال الكاتب الأمريكى ستيفن كينزر، إن قوات بلاده قضت زمنًا طويلاً فى الفشل فى تحقيق أهدافها بكل من أفغانستان والعراق وسوريا، وأرجع سبب "الفشل الأمريكى" إلى أن كثيرًا من مواطن تلك البلدان لا يحبون أمريكا ولا يشاركونها أهدافها، وهم إمّا رافضين مساعدة الأمريكيين أو يحملون السلاح لإخراجهم.
ونبه الكاتب، فى مقاله بصحيفة (بوسطن جلوب)، إلى أن المكان المثالى للغزو العسكرى هو محض خيال؛ وأين يمكن السيطرة على أرض مع ضمان عدم وجود مقاومة لعدم وجود مواطن أصلى يحيا على تلك الأرض؟.
لكن أخيرًا، بحسب الكاتب، تم العثور على مكان مثالى للغزو؛ حينما أعلن نائب الرئيس مايك بنس، الشهر الماضي، عن عزم الإدارة الأمريكية على تدشين "وجود دائم" على سطح القمر؛ وأتبع الرئيس دونالد ترامب ذلك الإعلان من جانب نائبه بوصف الفضاء الخارجى بأنه "ساحة للاقتتال الحربى تمامًا كما الأرض والجو والبحر" فى خطاب للعسكريين بقاعدة ميرامار مارين كوربس الجوية فى مدينة سان دييجو.
ولفت كينزر إلى أن قليلين فى واشنطن متحمسون لفكرة غزو القمر؛ ذلك أن أمريكا بالفعل تمتلك إدارة وطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، ومن ثم فإن الطريقة المنطقية لتمويل الاستكشافات الفضائية أو حتى "استعمار القمر" ينبغى أن تكون عبر زيادة ميزانية تلك الإدارة (الوطنية للملاحة الجوية والفضاء).
فضلاً عن ذلك، بحسب الكاتب، فإن عملية الاستكشاف والبحث العلمى لن تكون الوظيفة الأساسية لـ "قوة الفضاء"؛ إن ترامب يبغى مشروعًا عسكريًا يتولى الإشراف عليه "مساعدٌ لوزير الدفاع لشؤون الفضاء"؛ ذلك أن ترامب يرى أن أمريكا لا يجب أن تكتفى بمجرد الوجود فى الفضاء وإنما يجب أن تكون مهيمنة فى ذلك الفضاء؛ وهو ما أوضحه بنس بقوله إن "قوة الفضاء" هذه ستتولى مهمة تقويض القوى المعادية.."إن هدفنا لا يقتصر على عسْكرة الفضاء وإنما السيطرة عليه تماما واستخدامه كمنصة لتهديد ومهاجمة أى دولة نرى أنها عدو."
ورأى كينزر أن الدول التى تمثل أهدافًا محتملة لا يُنتظَر منها أنْ تظل دونما حراك وأنْ تتقبل نظامًا جديدًا تستخدم فيه الولايات المتحدة أقمارًا اصطناعية لمراقبة أنشطتها ونشر منصات فضائية يمكن استخدامها لمهاجمتها.
وأكد الكاتب أن التحرك الأمريكى للهيمنة على الفضاء كفيل بإشعال منافسة باهظة الثمن فيما بين الأمم؛ وربما تقود إلى حرب، حيث ستستنتج القوى المنافسة أنها يجب أن تبادر بالضرب قبل أن تطور الولايات المتحدة قدراتها على تدمير تلك الدول من الفضاء الخارجى.
وشدد كينزر على أن محاولة السيطرة على الفضاء الخارجى هى فكرة سيئة لسببين : أولهما، أنها باهظة التكلفة على نحو كفيل بتشتيت الموارد التى ثمة حاجة ماسة إليها فى قطاعات الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الاحتياجات الإنسانية الحيوية؛ ثانيهما، أنها تفتح الباب على ساحة جديدة من الصراع وتجعل الحرب أكثر قربًا.
واختتم الكاتب قائلاً: "ينبغى أن نبحث عن طرق لكبح جماح التنازع فى الفضاء الخارجي، وأن نتشارك فى الموارد الموجودة هنالك، فمن شأن ذلك أن يعزز قدرتنا على توفير حياة كريمة لكل أمريكى – وأن يحُدّ من قدرتنا على نسْف كوكبنا."