لا تزال تداعيات الهجوم المسلح الذى شهدته طهران يوم السبت الماضى وأودى بحياة 29 شخصا معظمهم من الحرس الثورى، تلقى بظلالها على الداخل الإيرانى الذى بات مرتبكا، فيما يسعى المتشددون لاستغلال الحادث والدفع نحو مزيدا من التعنت ومجابهة التيار المنافس له، وفى هذا الإطار انتقدت صحيفة "افتاب يزد" الإصلاحية متاجرة واستغلال التيار المتشدد للحادث.
واتهمت الصحيفة فى تقريرها الذى حمل عنوان "استغلال دماء الشهداء لرفض اتفاقية FATF"، التيار الأصولى باستغلال الحادث لمنع تصويت البرلمان على انضمام إيران إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب المعروفة بـ"FATF"، ونشرت على غلافها مانشيت صحيفة كيهان المتشددة والمقربة من المرشد أمس والذى قالت فيه إن التصويت على هذه المعاهدة سيكون خيانة لدماء شهداء الأحواز على حد تعبيرها.
وفى السياق نفسه تلقى النواب داخل البرلمان على هواتفهم رسائل تهديد قصيرة، وكشف النائب الإصلاحى محمود صادقى، "مجددا تلقى عددا من النواب سيل من الرسائل القصيرة تحمل تهديدا ضد مكافحة غسيل الأموال، مضمونها الخفى هو أنهم قلقين (المتشددين) من انقطاع تجارتهم بعد إعادة العقوبات (تجار العقوبات).
ويعد لقب "تجار العقوبات" فى الأدبيات السياسية الإيرانية يعنى المنتفعين من العقوبات المفروضة على إيران فى الداخل، وأول من أطلقه عليه كان روحانى فى عام 2014، أى بعد انتخابه بعام واحد، بسبب استغلال مؤسسات نافذة فى إيران الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد نتيجة للعقوبات الدولية المفروضة وحقق هذا المعسكر انتفاعات كبرى فى استمرارية العقوبات، من خلال تأسيس شركات بأسماء وهمية أو تجنيد شبكات تنشط فى الالتفاف على العقوبات، وتمكن طهران من مخالفة العقوبات وتصدير بضائعها واستيراد احتياجاتها فى الداخل.
ويعارض المتشددين التصويت على الاتفاقية، ويرى الموافقون على الاتفاقية أنه لو تم التصويت عليه لكان خطوة هامة فى طريق التنظيم والشفافية البنكية فى البلاد والانضمام للسوق العالمى والنظام المصرفى الدولى.
ونجح المتشددين سونسو الماضى تعطيل مشروع انضمام طهران إلى اتفاقية منع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر التصويت على تأجيل مناقشته لفترة شهرين وحصل تأجيل التصويت على مشروع انضمام إيران للاتفاقية الدولية على موافقة 138 نائباً ضد 103 معارضين وامتنع 6 عن التصويت، ليُنهي، مؤقتاً، أسابيع من الجدل تحت قبة البرلمان.