أثبتت وكالة "سبوتنيك" الروسية براءة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين من وثائق "بنما" التى تابعها العالم بأسره، يوم أمس، والتى وصل عددها لأكثر من 11 مليون وثيقة، كشفت عن العديد من الصفقات السرية، بما فيها تورط 72 من رؤساء الدول الحاليين والسابقين، فى عمليات مالية مشبوهة، بينهم الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك، ونجله علاء مبارك، والرئيس الليبى الراحل معمر القذافى.
وقالت الوكالة الروسية إنه من الملاحظ أن الإعلام الغربى قام بهجوم حاد على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، الذى لم يُذكر اسمه فى الوثائق التى سربتها شركة "موساك فونسيكا"، ولكن الصحف الغربية والوثائق تعمدت ذكر بوتين فى الوثائق لإحداث ضجة كبيرة فى العالم وأقل ما يقال عنها إنها وثائق "فشنك".
وأشارت وكالة سبوتنيك أنه قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميترى بيسكوف إنه على ما يبدو، بوتين غير موجود فى هذه الوثائق السرية ولكن فى الحقيقة هدفها هو التأثير على الاستقرار السياسى الداخلى فى روسيا.
وأطلق المتحدث باسم الكرملين مصطلحا جديدا على الحملة الإعلامية الرامية إلى تشويه سمعة الرئيس الروسي، وربط هذه الظاهرة — "بوتينوفوبيا" — بنجاحات الجيش الروسى فى سوريا.
واعتبر دميترى بيسكوف السكرتير الصحفى للرئيس الروسى أن مثل هذه المزاعم تستهدف، بالدرجة الأولى التأثير على الرأى العام العالمى.
وجاءت تصريحات بيسكوف ردا على ما أطلقت وسائل الإعلام عليه اسم "وثائق بنما"، وهى مجموعة من الوثائق قيل إنها تعود لشركة "موساك فونسيكا" البنمية التى تقدم الخدمات القانونية لتسجيل شركات فى الملاذات الضريبية "الآمنة".
واستخدم الصحفيون الذين أعدوا التقارير حول الوثائق، اسم بوتين فى العناوين الرئيسية حول الوثائق التى تظهر فيها أسماء عدد من الزعماء العالميين الحاليين والسابقين، على الرغم من أن اسم الرئيس بوتين غير وارد فيها على الإطلاق.
وعلى الرغم من عدم إبراز أى أدلة على تورط بوتين فى التعاملات المذكورة فى الوثائق، تركز معظم التقارير الإعلامية حول هذا الموضوع على دور "أشخاص مرتبطين بـ بوتين" فى تعاملات مالية مختلفة جرت فى مناطق "أوفشور".
وفى هذا السياق، قال بيسكوف إنه من الواضح بالنسبة للكرملين أن بوتين هو الهدف الأول لمثل هذه التقارير المختلفة، نظرا لاقتراب مواعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى روسيا.
وأردف قائلا: "من الواضح أن درجات بوتينوفوبيا ارتفعت لدرجة أصبحت أى إشارات إلى نجاحات أو الحديث عنها بكلمات لطيفة، أمرا محظورة على الإطلاق".
يذكر أن العديد من وسائل الإعلام العالمية نشرت، الأحد 4 أبريل، تحقيقا استنادا إلى 11.5 مليون وثيقة مسربة تحتوى على معلومات حول تورط زعماء حاليين وسابقين فى العالم فى تهريب وغسيل الأموال.
وقام الاتحاد الدولى للمحققين الصحفيين الذى يتخذ واشنطن مقرا له بإعداد هذا التحقيق على أساس ما أطلق عليها "أوراق بنما"، وهى الوثائق المهربة من شركة "موساك فونسيكا" البنمية التى تقدم الخدمات القانونية لتسجيل شركات فى الملاذات الضريبية "الآمنة".
ووفقا لهذه التقارير، فإن المستندات المسربة تظهر كيف يخفى ساسة بارزون ونجوم رياضة ومجرمون كبار من مختلف أنحاء العالم ثرواتهم الباهضة.
وتشمل البيانات شركات سرية فى الخارج مرتبطة بعائلات ومقربين من الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك والزعيم الليبى السابق معمر القذافى والرئيس السورى بشار الأسد.
وتوضح وثائق "موساك فونسيكا" أن رئيس الوزراء الإيسلندى سيغموندور غونلاوغسون لديه مصالح غير معلنة فى بنوك البلاد التى قامت الدولة بإنقاذها.
وكشفت الوثائق أيضا شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصينى شى جين بينغ.
وقال جيرارد رايلى، مدير الاتحاد الدولى للمحققين الصحفيين، إن الوثائق تغطى الأعمال اليومية فى شركة موساك فونسيكا خلال الأربعين عاما الماضية.
وأكد: "هذه التسريبات ستكون على الأرجح أكبر ضربة على الإطلاق تسدد إلى الملاذات الضريبية، وذلك بسبب النطاق الواسع للوثائق" المسربة.
وعلق الموظف السابق فى الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن على نشر التحقيق المذكور، قائلا "لقد نُشرت بذلك أكبر كمية من الوثائق المهربة فى تاريخ الصحافة، ويتعلق ذلك بالفساد".
من جهتها أعلنت شركة "موساك فونسيكا" أن نشر وثائقها يعتبر "جريمة جنائية" و"هجوما" على دولة بنما.
وقال أحد مؤسسى الشركة رامون فونسيكا إن بعض الدول منزعجة من نجاح الشركة فى جذب الأموال.
وأشار التحقيق أيضا إلى أن شركات روسية ومواطنين روس تورطوا فى غسيل حوالى مليارى دولار. ويقول المحققون أن هؤلاء الأشخاص مقربون من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، إلا أن المحققين يؤكدون فى ذات الوقت أن اسم الرئيس الروسى لم يظهر فى أى من الوثائق المهربة.
وكان الكرملين قد حذّر قبل أيام من نشر التحقيق من أنه يجرى حاليا إعداد "هجمات إعلامية" ضد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، مشيرا إلى أن هذه الهجمات تأتى فى إطار حملة ممنهجة لتشويه سمعة قيادة البلاد قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة فى سبتمبرالمقبل.
وقال دميترى بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية يوم 31 مارس: "إننا واثقون من أن هذه الحملات الإعلامية ستتواصل، لأن الحديث هنا يدور ليس فقط عن عمل صحفى بحت، بل عن حملة ترتبط بمحاولات زعزعة الوضع فى البلاد وتشويه سمعة قيادتها، وبالدرجة الأولى الرئيس، بغية التأثير على الوضع وسير العمليات الانتخابية".