الحكومة الأفغانية تدفع بالسيدات لقيادة مفاوضات السلام مع طالبان، حيث تشارك خمس سيدات إلى جانب 37 رجلاً، فى محاولة انتزاع اتفاق سلام مستدام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، بعد أربعة عقود من الحرب في البلاد.
ولأول مرة تشارك السيدات رسميا فى مفاوضات مع حكومة طالبات فى ظل عدم إيمان أو قبول حركة طالبان لوجود السيدات من الأساس، و تؤكد فوزية كوفى (44 عاماً) المدافعة البارزة عن حقوق النساء وإحدى الأعضاء الـ21 في وفد كابول الذي سيواجه 21 من عناصر طالبان جميعهم رجال، "سينبغى علينا تدبر الأمر مع ناس لا يؤمنون بوجود النساء".
ونقلت قناة فرانس 24 ، الإخبارية ضمن تقرير لها عن ثلاث من السيدات المشاركات فى المفاوضات ، ونقلت آرائهن وموقفهن من المفاوضات وحركة طالبان ، ومن هذه السيدات فوزية كوفى، التى لديها كل الأسباب لتشكك فيها: فقد سجن متمردو طالبان زوجها أثناء حكمهم الذي دام خمسة أعوام، تؤكد المفاوضة أيضاً أنها مهددة بالرجم لأنها وضعت طلاء أظافر.
في منتصف أغسطس، نجت كوفي مرة جديدة من محاولة اغتيال هي الثانية ضدها، عندما فتح مسلحون النار عليها قرب كابول. ونفت حركة طالبان مسؤوليتها عن الاعتداء.
وسيكون "من الصعب جداً" تناول قضية حقوق النساء مع متمردين لا يزالون غامضين تجاه المسألة. وخلال فترة حكمهم الذي أسقطه عام 2001 تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، لم يكن للأفغانيات أية حقوق.
وبحسب كوفي، سيُنظر إلى النساء المفاوِضات بنظرة أكثر تشدداً من زملائهن الرجال. وتوضح أن "الناس ينظرون إلى ما نرتدي، سواء كان حجم حجابنا صحيحًا أم لا" مشيرةً إلى أنهم "لا يحكمون علينا بناء على حججنا".
وتتجاوز هذه الحجج بشكل كبير إطار حقوق النساء التي تتحسّن في المدن الكبرى في ظلّ الوجود الغربي، حتى لو أن في القرى لا يزال يتمّ التعامل مع النساء على أنهنّ مواطنين من الدرجة الثانية.
منذ سقوط حكمهم، استعاد متمردو طالبان الذين لا يمكن الانتصار عليهم عسكرياً، السيطرة على أجزاء شاسعة من البلاد، وفي فبراير، وقعت طالبان اتفاقاً مع واشنطن ينصّ على انسحاب القوات الأجنبية من البلاد بحلول منتصف العام 2021 مقابل تنازلات عدة من بينها مفاوضات سلام مع كابول تأخرت منذ بضعة أشهر بسبب خلافات حول تبادل سجناء.
سينبغي إذاً حماية الحقوق المستعادة أو المكتسبة منذ العام 2001. وتقول كوفي إن متمردي "طالبان يجب أن يقبلوا بمواجهة أفغانستان جديدة، عليهم أن يكونوا قادرين على التعايش فيها".
وتستذكر حبيبة سرابي (62 عاماً) وهي مفاوِضة أخرى من فريق كابول، "أوقات عصيبة" في عهد المتمردين، قبل أن تفرّ إلى باكستان المجاورة، تركت الطبيبة والأيقونة السياسية انطباعاً في الأذهان عندما أصبحت أول امرأة حاكمة وزيرة لشؤون المرأة أو حتى وزيرة الثقافة والتعليم.
ترى حبيبة سرابي أن الأولوية أثناء المحادثات ستكون الحفاظ على الجمهورية أي على هذا "النظام الذي أنتمي إليه كمواطنة"، وهو وضع قالت إنها كانت ستُحرم منه في ظل الإمارة التي كانت تريد طالبان إقامتها، ويبدو التوصل إلى مثل هذه النتيجة محفوف بالمخاطر، وتقرّ بأن "البعض يقولون إن عملية السلام هي أصعب من الحرب حتى".
ترى المفاوضة في الفريق الأفغاني فاطمة جيلاني (66 عاماً) أنه يجب البدء بوقف إطلاق نار، وواجهت رئيسة الهلال الأحمر الأفغاني لأكثر من 12 عاماً متمردي طالبان، الذين كانوا هم أيضاً يتلقون الإسعافات من المنظمة غير الحكومية، وتقول فاطمة جيلاني "تعلّمت أن أكون حيادية وأن أضع آرائي السياسية جانباً".
وتشدد على أن هذه التجربة ستكون مفيدة لها لأنه يجب بدء المفاوضات من دون أفكار مسبقة مضيفةً أن "الأهمّ هو إيجاد قيم مشتركة". وبالنسبة لجيلاني "هذا هو الإسلام بالطبع".
شغلت جيلاني منصب المتحدثة باسم المجاهدين خلال حقبة مقاومة السوفياتيين في الثمانينات وعادت ودرست القانون الإسلامي من أجل الدفاع بطريقة أفضل عن نساء بلادها.
تريد العضو في الفريق القانوني للوفد المحافظة على المبادئ الحالية في أفغانستان في "هيكلية إسلامية"، وتضيف "أريد أن يتشارك الرجال (في فريقي) شروطي كامرأة". وترى أن هذه هي الحال "حتى بالنسبة للأكثر تديّناً" من الممكن صياغة دستور جديد في البلاد عندما يعمّ السلام في أفغانستان على أن يحمي النساء والأقليات.
وتأمل جيلاني أن "ترى أفغانستان دولة يشعر فيها كل مواطن أنه في بلده (...) دولة حيث نشعر بالأمان". وتضيف "إذا لم ننجح الآن فذلك لن يحصل أبداً".