تستهدف جماعة "بوكو حرام" المتطرفة فى نيجيريا تجنيد الأطفال بين صفوفها، فضلا عن النساء أيضا، فيما أطلقت إحدى المنظمات غير الحكومية برنامجا للرعاية لإثناء هؤلاء الأطفال عن الانضمام لمقاتلى تلك الجماعة الإرهابية.
ونشرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية تحقيقا صحفيا عن تجنيد الأطفال فى النيجر بدأته بشهادة شاب يبلغ من العمر 17 عاما يدعى مصطفى زارامى بشأن شقيقه الأصغر كورومى (14 عاما) الذى هجر الدراسة لينضم إلى صفوف "بوكو حرام"، ويقول مصطفى متحدثا عن شقيقه: "كان يذهب إلى المدرسة فى ديفا (جنوب شرقى النيجر). أتى لزيارة العائلة فى بلدة أساجا (فى نيجيريا قرب الحدود مع النيجر) وتقابل هناك مع عناصر بوكو حرام الذين قالوا له أن الحرب التى يخوضونها هى حرب مقدسة، غنائمها كثيرة. أبلغوه أيضا أن حياته ستكون سعيدة ما إذا تبعهم، وأنه سيفوز بكل ما يتمنى وسوف يصير زعيما بدلا من أن يظل يقاسى فى هذه الحياة". وقرر الصبى كورومى، بعد هذه المقابلة، أن يترك الدراسة.
وأضاف مصطفى زارامى، والعرق يتصبب من جبينه، فى نبرة حزينة: "إن البؤس هو الذى يدفع الناس للانضمام إلى بوكو حرام"، وما على "الجن سوى أن يلمسوك فقط لتسير فى طريقهم. لا أشعر بغياب أخى ولم أعد أود الحديث عنه. لقد أصابونا بالذعر. أشعر بالخوف من أخى لأن من يمشى فى طريقهم لن يعود أبدا".
يدرك جميع من فروا من نيجيريا إلى النيجر أن "بوكو حرام" تتلقف الأطفال لتضمهم إلى صفوفها. لقد لاحظوا بين المقاتلين الذين أغاروا عليهم وسلبوا ديارهم وقتلوا وأشاعوا الرعب فى القرى، عددا من الصغار الذين ولدوا على أيديهم وتربوا بينهم. ويقول بيرى قاسوم مصطفى مدير مدرسة "تام"، إحدى القرى الواقعة على الحدود بين النيجر ونيجيريا: "يرحل أطفالنا تباعا، أسبوعا بعد الآخر. بدأنا ندرك أننا ربما نفقدهم جميعا. من الأفضل أن نرحل عن البلدة لننقذ من بقى منهم"، مضيفا: "تتلاعب بوكو حرام بالناس. فهى أن أعطت المال إلى شخص ما لا يعمل، سيمضى فى طريقهم دون أن يدرى أنه طريق بلا عودة، لأنه طريق الإرهاب".
ويرى أن الفئة الأكثر تعرضا للخطر، هى "الأطفال المتسربون من التعليم الذين ينضمون إلى بوكو حرام نظرا لجهلهم. وهناك أيضا عامل الترهيب إذ تخطف الجماعة المتشددة بعضهم بالقوة".
ترى "بوكو حرام" (تعنى التعاليم الغربية حرام) أن التعليم هو العدو، حيث يواصل مدير المدرسة حديثه: "كنت أول من تعرض لتهديداتهم. إنهم أشقاؤنا الصغار، إنهم يعرفوننا. كانوا يهددوننى مباشرة فى مكالماتهم معى عبر الهاتف المحمول وهم يقولون لى: إنك تريد التعليم على طريقة البيض، سوف نذبحك ونأخذ منك تلاميذك. لقد حاولت أن أوضح لهم الأمر ولكن ليس من السهل أن تفسر لشخص التحق بجماعة إرهابية شيئا أخر بخلاف ما لقنوه إياه. استمر ذلك طوال ثلاث أو أربع سنوات ولكننى لم أبرح مكانى رغم كل ذلك. لقد كسرت شريحة هاتفى المحمول كى لا يستطيعوا الاتصال بى مرة أخرى".
بفضل دعم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وجهود منظمة "كوبي" الإيطالية غير الحكومية، أعادت مدرسة "تام" فتح أبوابها بعد أن أغلقت تماما فى يوليو الماضى عقب اجتياح مسلحى "بوكو حرام" القرية. ويقول مدير المدرسة الذى يعتقد أنه استطاع صرف الأطفال عن الإنصات لأحاديث عناصر تلك الجماعة الإسلامية المتشددة: "يسير العمل فى المدرسة بشكل جيد جدا. يأتى الكثيرون إلى المدرسة الآن"، مضيفا: "أوضحنا لهم جيدا ما هى بوكو حرام ومن هم الجنود الأطفال، أدركوا أن الانضمام إليها مضيعة للوقت ولا طائل من وراء ذلك".