أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، فى عددها الصادر اليوم السبت، أن البرازيل تتعرض حاليا لأسوء موجة جفاف منذ قرن من الزمان، فى الوقت الذى تكافح فيه لإحتواء جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" التى أودت بحياة ما يقرب من نصف مليون مواطن برازيلي.
وقالت الصحيفة (فى مستهل تقرير لها نشرته على موقعها الالكترونى فى هذا الشأن) إن نقص المياه وتزايد خطر انقطاع التيار الكهربائى هددا صناعة الزراعة فى البلاد، التى تمثل حوالى 30% من الناتج المحلى الإجمالي، فضلا عن تعقيد جهود الحكومة للتعافى من تأثير وباء فيروس كورونا.
وأضافت: أن المراكز الزراعية فى ولايتى "ساو باولو" و "ماتو جروسو دو سول" تأثرت بشكل سيئ للغاية، بعد أن أنتج موسم الأمطار الأخير، والذى تنتظره البلاد خلال الفترة بين شهرى نوفمبر ومارس من كل عام، أدنى مستوى لهطول الأمطار منذ 20 عامًا.
وانخفضت مستويات المياه فى نظام كانتاريرا لتخزين المياه فى ولاية ساو باولو، الذى يخدم حوالى 7.5 مليون شخص يعيشون هناك، إلى أقل من عُشر طاقتها هذا العام، حتى أن وزارة الطاقة والمناجم البرازيلية ذلك وصفت الأمر بأنه أسوأ جفاف تشهده البلاد منذ 91 عامًا.
وقالت نيلزا ماريا سيلفا دوارتى من المنطقة الشرقية فى ساو باولو: مؤخرا، أصبحنا نعانى من نقص المياه على مدار اليوم، خاصة أثناء الليل، حتى انه لم يكن لدينا أى مياه طوال يوم أمس الأول.
فيما أكد خوسيه فرانسيسكو جونكالفيس، أستاذ علم البيئة فى جامعة برازيليا سيتى أن الجفاف الذى تشهده البلاد حاليا ترك تأثيرا مدمرا على قطاع الزراعة، الذى يمثل حوالى 30 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالي.
وأشار إلى أن "نقص المياه فى الأنهار والخزانات يعنى عدم قدرة المزارعين على رى أراضيهم، الأمر الذى سيؤدى حتماً إلى تراجع الإنتاج الزراعي"، وتوقع جونكالفيس أيضا أن يؤجج الجفاف معدلات التضخم بما يؤدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار على النطاقين المحلى والعالمى وتقليل الناتج المحلى الإجمالى للبرازيل.
وقال خوسيه أوديلون، وهو مزارع من مدينة ريبيراو بريتو التابعة لساو باولو: إن محصول قصب السكر الخاص به قد تضرر بشدة.
فى الوقت نفسه، اعتبر مارسيلو لاتيرمان، ناشط المناخ من منظمة السلام الأخضر البرازيلية أن الجفاف الراهن مرتبط بشكل مباشر بإزالة الغابات فى منطقة الأمازون، التى أزاد معدلها فى العام الماضى إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد، حيث أن نظام إعادة تدوير المياه فى الغابة يلعب دورًا حيويًا فى توزيع هطول الأمطار عبر أمريكا الجنوبية.
ونقلت "فاينانشيال تايمز" أيضا تقديرات عالمية أكدت أنه نظرًا لأن الطاقة الكهرومائية تمثل حوالى 65 فى المائة من معدلات إنتاج الكهرباء فى البرازيل، فإن الجفاف أدى أيضا إلى تقليص إنتاج الكهرباء. وقد أجبر ذلك على التحول إلى الطاقة الحرارية الأكثر تكلفة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء للشركات والمستهلكين بنسبة تصل إلى 40 فى المائة هذا العام.
وأضاف لاتيرمان، فى هذا الشأن أن " النموذج الحالى القائم على الطاقة الكهرومائية والحرارية غير مستدام. لذلك، أدت موجة الجفاف الأخيرة إلى زيادة الضغط على خزانات محطات الطاقة الكهرومائية ولم يكن لدينا بد من نشيط المحطات الكهروحرارية- والتي، بالإضافة إلى كونها باهظة الثمن، فإنها تزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وتزيد من تفاقم المشكلات الاقتصادية والبيئية".
واستجابة للأزمة، أصدرت حكومة البرازيل تحذيرات من انقطاع التيار الكهربائى المحتمل، مما أثار مخاوف من تقنين استخدام الطاقة. فيما أفادت وسائل إعلام محلية أن الحكومة تدرس مرسوماً بشأن التقنين للتحكم فى استخدام الكهرباء فى أوقات النقص. وقالت وزارة المناجم والطاقة إنها تناقش تقنين الطاقة مع "كبار المستهلكين والصناعة فى أوقات الطلب المتزايد على الطاقة".