تقدم وثائق رفعت عنها السرية مؤخرا المزيد من التفاصيل حول معتقل توفى داخل شبكة السجون السرية التى كانت تديرها المخابرات المركزية الأمريكية فى الخارج عقب هجمات الحادى عشر من سبتمبر، وتكشف عن قلق الرئيس جورج دبليو بوش حيال صورة لمعتقلين مقيدين يضعون حفاضات للكبار.
ومن بين 50 وثيقة كانت ثمة مذكرة يروى فيها مدير المخابرات المركزية حينها بورتر غوس لقاء له مع الرئيس بوش فى السابع من يونيو حزيران. والجملة الوحيدة التى تركت لتقرأ تقول "الرئيس كان قلقا بشأن صورة محتجز، مقيد إلى السقف يرتدى حفاضة ويجبر على الذهاب إلى الحمام على نفسه."
وقال مدافعون عن حقوق الإنسان يوم أمس الأربعاء ان الكشف عن هذه الوثائق هذا الأسبوع - العديد منها مهمش فى تقرير مجلس الشيوخ لعام 2014 حول تعذيب المعتقلين - يصور معاناة الإنسان المتعلقة ببرنامج الاستجواب التابع لوكالة المخابرات المركزية والتى قال الرئيس باراك اوباما انه ألحق ضررا كبيرا فى مكانة الولايات المتحدة فى العالم.
قال جميل جعفر، نائب المدير القانونى فى اتحاد الحريات المدنية الامريكي، "ان الكثير من هذه التفاصيل لم يكشف عنه من قبل وأعتقد انها نوع من التأكيد على الفساد فى البرنامج. تقرأ هذه الوثائق ومن ثم لا يمكنك ان تفهم بشاعة ووحشية الأساليب التى كانوا يتبعونها."
وأضاف "ان (برنامج الاستجواب) لم يكن محسوبا بدقة هكذا. لقد كان مجرد تراكم لانتهاك فوق انتهاك."
وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان قال ان الوكالة ارتكبت أخطاء وتعلمت منها، لكنه أصر على ان التقنيات القاسية المستخدمة على المعتقلين أنتجت معلومات استخباراتية "ساهمت فى احباط هجمات مخطط لها، واعتقال ارهابيين وانقاذ أرواح." كما أقرت الوكالة، ردا على تقرير مجلس الشيوخ، بأن "نقص الاستعدادات والكفاءات أسفر عن ثغرات كبيرة فى قدرة الوكالة على تطوير ومراقبة نشاطاتها الأولية فى الاعتقال والاستجواب."
صدرت الوثائق اليوم الخميس بموجب طلب وفق قانون حرية المعلومات قدمه اتحاد الحريات المدنية الأمريكى وفايس نيوز.
واستشهد جعفر بقضية المتطرف المشتبه به غول رحمن، الذى استجوب فى أواخر 2002 فى منشأة اعتقال تابعة لوكالة المخابرات المركزية (سى.آى.إيه) أقيمت فى مصنع سابق للقرميد فى أفغانستان. وجرى تقييده فى جدار فى زنزانته فى "حبس يقترب من التجمد".
وفى عصر أحد الأيام، ألقى رحمن، الذى عد غير متعاون من المحققين، بطعامه وزجاجة المياه ودلو التغوط باتجاه الحراس وهددهم بالموت إذا لم يطلق سراحه.
وقيد رحمن باستخدام أسلوب "السلاسل القصيرة". وقيدت يداه معا. وقيدت رجلاه معا أيضا. ثم استخدمت سلسلة قصيرة لتقييد يديه برجليه.
وجاء فى تقرير رفعت عنه السرية للمفتش العام بسى.آى.إيه بشأن موته "هذا الوضع أجبر رحمن، الذى جرت تعريته من أسفل الخصر، على الجلوس على أرضية إسمنتية باردة ومنعه من الوقوف."
وعثر عليه ميتا فى اليوم التإلى فى زنزانته فى المجمع، الواقع شمال غربى مطار كابول. وقال التقرير "كانت هناك بركة من الدماء الجافة فى حجم راحة اليد فى فم وأنف الشخص المذكور والمنطقة المحيطة بهما."
وجاء فى تشريح للجثة أن سبب الوفاة التى حدثت فى نوفمبر 2002 بأنه "غير محدد"، لكن النتيجة الطبية كانت أن رحمن، الذى كان عمره 34 عاما فى ذلك الوقت، توفى جراء انخفاض حرارة الجسم. ولم يتمخض تحقيق لوزارة العدل فى موته عن توجيه اتهامات.
كان رحمن قد أسر فى أكتوبر 2002 فى إسلام آباد بباكستان. وكان يعتقد أن له صلة بالحزب الإسلامى قلب الدين، وهى جماعة مسلحة يرأسها أحد قادة الحرب الأفغانية قلب الدين حكمتيار ومتحالفة مع القاعدة.
وصف تقرير المفتش العام، الذى يعود إلى 27 أبريل 2005، رحمن بأنه "متحجر وعنيد للغاية". وشكا من الأوضاع والمعاملة السيئة و "زعم عدم القدرة على التفكير بسبب الأوضاع (الباردة).
وبعد أشهر قليلة من وفاة رحمن، وصفت مذكرة أرسلت إلى نائب مدير سى.آى.إيه للعمليات فى 28 يناير2003، الإجراءات المعيارية التى اتبعت مع المعتقلين فى منشأة الاعتقال.
وجاء فى المذكرة "السجناء ارتدوا سترات للعراق وحفاضات للكبار. الحفاضات استخدمت لأسباب صحية خلال النقل وكسبيل لإذلال السجين.. وكانت الحفاضات تنفد أحيانا لدى الحراس ويعاد السجناء إلى زنازينهم ليرتدوا حفاضات مصنوعة يدويا مؤمنة بشريط لاصق."