أسهمت الإطاحة برئيس الوزراء التركى داوود أوغلو، فى عودة تركيا إلى سياسة التعقل تجاه جيرانها فى المنطقة، بعد أن كانت تتوهم أن سياسة السيطرة الجديدة ستنجح، فى عودة مشروع الخلافة الذى كان أوغلو أحد مناصريه.
ومنذ أن تولى رئيس الوزراء التركى الجديد بن على يلدريم، منصبه فى مايو الماضى، وهو يسعى إلى إمساك العصا من المنتصف، خاصة تجاه علاقة بلاده بمصر، تارة يتحدث عن علاقات اقتصادية، وأخرى سياسية، وأخيرا أعلن نية بلاده لتطبيع العلاقات مع مصر، فى ظل مسعى تركى بانتهاج سياسة جديدة للهروب من عزلة دولية، والاقتراب من روسيا وإسرائيل ثم مصر.
تحول الموقف التركى تجاه مصر، نتيجة استعادة الأخيرة مكانتها الدولية، وهو ما أجبر أنقرة على التراجع عن سياساتها، وتغيير سياستها تجاه مصر إن لم يكن بشكل كلى، وقال رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم "إن العلاقات مع القاهرة ستبدأ على المستوى الوزارى، دون أن يحدد موعدا لذلك.. هذا قد يحدث..
لا توجد عقبات.. وفى الواقع، نحن مستعدون.. ليس لدينا أى تحفظات".
وبسؤاله عما إذا كان وزير تركى سيزور مصر أو أى لقاء سيعقد بين الجانبين، قال يلدريم :"بصورة متبادلة.. (وزراء) مصر سوف يأتون.. ووزراؤنا سيذهبون.. رجال الأعمال قد يأتون.. التبادل الثقافى ممكن، وربما يتم التوصل إلى إجراء اتصالات عسكرية متبادلة.. كل شىء ممكن، لا مشكلة".
تصريحات بن على يلدريم حول علاقات بلاده بمصر، تتزامن مع اعتذار رجب طيب أردوغان الرئيس التركى رسميا إلى روسيا، بعد الأزمة السياسية بين البلدين بسبب إسقاط مقاتلة روسية طراز «سو- 24» داخل الحدود السورية بذريعة اختراق الطائرة الروسية للمجال الجوى التركى، والحديث عن قبول أنقرة بدفع تعويضات لموسكو جراء الحادث.
تغيير اللهجة التركية تجاه مصر، تزامن أيضا مع التطبيع التركى الإسرائيلى، و استئناف أنقرة للعلاقات مع تل أبيب بعد اتفاق تم التوصل إليه اليوم لوضع نهاية لـ6 سنوات من القطعية الدبلوماسية، إثر الهجوم على سفنية مرمرة التى كانت تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، وانتهت باتفاق يقضى بعودة السفراء من جديد ودفع تعويضات 20 مليون دولار لأقارب الضحايا الأتراك الذين سقطوا فى حادث السفينة مرمرة.
المنحى الصعب الذى اتخذته العلاقات بين مصر وتركيا، كان سببه الوقاحة التركية واستمرار تصريحات أردوغان غير المسئولة، والتدخل المتكرر فى الشأن المصرى، ومحاولة العبث بالأمن القومى المصرى من خلال استضافة مؤتمرات وندوات تحرض ضد مصر وأمنها، وفتح قنوات وجعلها بوقا لعناصر مطلوبة أمنية لدى القاهرة، كل هذه عناصر قد تبطئ من وتيرة إعادة العلاقات المقطوعة بين البلدين.
اعتذار أردوغان لروسيا عن أزمة تسبب فيها، يثير تساؤلات فى أذهان المصريين، ما إذا كان سيقدم اعتذارا رسميا لمصر، عما بدر عنه من الإساءة لمصر وقضاءها وتاريخها؟، وفى حال اعتزام تركيا استئناف العلاقات، هل ستقوم بطرد العناصر الإرهابية المتواجدة فى أنقرة؟، وهل ستعترف تركيا بثورة 30 يوليو ثورة شعبية ضد الإرهاب وتقبل إرادة الشعب المصرى؟ هل ستتخلى عن دعم المخلوع "محمد مرسى"؟، هل ستكف تركيا عن سياسة دعمها الإرهاب فى المنطقة؟، وأخيرا هل ستتبرأ من التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية الذى تدعمه فى الخارج؟