فى زمن الهواتف الذكية لم تكن هناك فرصة لنجاح محاولة حركة الجيش التركى للاستيلاء على السلطة، وتقول صحيفة واشنطن بوست، إنه مع تصاعد التكهنات على مواقع السوشيال ميديا، مساء الجمعة، سيطرت مجموعة من القوات المتمردة على محطة "تى آر تى" الحكومية، وهى لا تحظى بشعبية كبيرة، وأجبر المذيع على قراءة بيان على الهواء، تم صياغته من جانبهم، بشأن الاستيلاء الواضح على السلطة، بينما قامت وحدات عسكرية بالانتشار فى الجسور الرئيسية والمبانى العامة فى إسطنبول وأنقرة العاصمة.
وكانت الحركة أشبه بعملية من القرن العشرين، حيث قام رجال بالزى العسكرى يحملون أسلحتهم ويمكن أن يسيطروا بشكل سريعى على الدولة، بدءاً من الإعلام، ولكن لا يزال للرئيس رجب طيب أردوغان اليد العليا، فأصدر رسالة عبر شبكة تليفزيون خاصة، حث فيها الأتراك على تأييده، وتم إرسال رسائل نصية لا تحصى إلى الناس فى كافة أنحاء تركيا، ونتيجة لذلك خرجت الدعوة إلى الصلاة من مساجد إسطنبول فى جوف الليل فى غير وقت الصلاة، وتم تنشيط البلاد ونزل الناس إلى الشوارع، فأصبح قادة الجيش سريعاً معزولين ومحاصرين.
وتذهب صحيفة واشنطن بوست إلى القول بأن الكثير لا يزال غير مؤكد بشأن الأحداث الفوضوية التى شهدتها تركيا فى هذه الليلة، بما فى ذلك أصل المخطط ضد الحكومة، لكن يبدو أن حركة الجيش تم تنفيذها بشكل سيئ منذ البداية، فكل أحزاب المعارضة فى البرلمان التركى، رغم كراهيتها لأردوغان، حشدت لدعم الحكومة المنتخبة والحكم المدنى، كما أن أغلب فروع الجيش والأجهزة الأمنية ظلت فى معسكر أردوغان.
ونقلت واشنطن بوست عن خبراء قلقهم من مسار الأحداث فى تركيا، فقال سونر كاجابتاى، الخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه لا توجد نتائج جيدة لما حدث فى تركيا، فلو كان الانقلاب قد نجح كان هذا سيعنى أن الدولة ستصبح قمعية، وبفوز أردوغان ستظل قمعية أيضاً.
وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان ورفاقه فى حزب العدالة والتنمية عززوا قبضتهم على السلطة فى السنوات الأخيرة، فى الوقت الذى زادت فيه الاعتقالات بين الصحفيين، وتم إغلاق القنوات المعارضة أو الاستيلاء عليها، ومراقبة السوشيال ميديا وتجريد السياسيين المعارضين من الحصانة القانونية من أجل ملاحقتهم.
من جانبه، قال بورك قادركان، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحرب الأمريكية، إن أردوغان سيستخدم محاولة الجيش التركى سلاحاً لإخضاع المزيد من خصومه والتحرك نحو بناء الرئاسة المطلقة التى يسعى إليها منذ فترة طويلة، وتوقع قادركان مزيداً من التدهور للديمقراطية التركية أو ما تبقى منها.