بعدما لاقت تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حول إبرام بلاده اتفاقاً مع جارتها بيلاروسيا لنشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضيها تنديداً دولياً، عادت موسكو وأبدت عدم اكتراثها.
وصرح أمين مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، بأن موسكو تمتلك أسلحة حديثة وفريدة من نوعها وقادرة على تدمير أي خصم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، إذا كان وجودها مهددا.
ووصف باتروشيف رأي السياسيين الأمريكيين بأن روسيا لن تكون قادرة بعد الآن على الرد على ضربة نووية وقائية بأنه "غباء خطير وقصر نظر".
كما رأى أنه ولسبب ما، يظل السياسيون الأمريكيون الذين أسرتهم دعايتهم الخاصة واثقين من أنه في حال نشوب صراع مباشر مع روسيا، فإن أمريكا قادرة على توجيه ضربة صاروخية وقائية، وبعد ذلك لن تتمكن روسيا من الرد... فما هي حدود القوة النووية للطرفين؟.
تملك الولايات المتحدة نحو 1644 رأساً نووياً إستراتيجياً منشورة بالفعل،
ويقول اتحاد العلماء الأميركيين إن الصين تمتلك 350 رأساً حربياً وفرنسا 290 وبريطانيا 225، وهذه الأرقام تعني أن كلاً من موسكو وواشنطن يمكنهما أن تدمرا العالم مرات عدة.
وتمتلك موسكو التي ورثت أسلحة الاتحاد السوفياتي النووية، أكبر مخزون في العالم من الرؤوس الحربية النووية، ويقول اتحاد العلماء الأمريكيين إن بوتين يسيطر على نحو 5977 من هذه الرؤوس الحربية اعتباراً من عام 2022، مقارنة مع 5428 يسيطر عليها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتم إخراج نحو 1500 من هذه الرؤوس الحربية من الخدمة لكن ربما لا تزال سليمة، وهناك 2889 في الاحتياط ويتم نشر 1588 كرؤوس حربية إستراتيجية.
وقالت مؤسسة "بولتين أوف أتومك ساينتس" إنه يجري نشر نحو 812 من هذه الرؤوس على صواريخ باليستية أرضية، ونحو 576 على صواريخ باليستية تطلق من غواصات، و200 في قواعد قاذفات ثقيلة.
وتدير روسيا 10 غواصات نووية مسلحة نووياً يمكنها حمل 800 رأس حربي كحد أقصى كما أن لديها ما بين 60 و70 قاذفة نووية، وذلك وفق (أ ف ب).
وخلال الحرب الباردة بلغت ذروة ما يملكه الاتحاد السوفياتي نحو 40 ألف رأس نووي، في حين كان لدى الولايات المتحدة نحو 30 ألف رأس حربي.
وعلى رغم ذلك فإن المفتاح هو كيفية إطلاق هذه الأسلحة من خلال صواريخ وغواصات وقاذفات تحمل هذه الرؤوس الحربية، ويبدو أن لدى روسيا نحو 400 صاروخ باليستي عابر للقارات ومسلحة نووياً، وتقدر مؤسسة "بولتين أوف أتومك ساينتس" أنها يمكن أن تحمل ما يصل إلى 1185 رأساً حربياً.
وقالت الولايات المتحدة في تقريرها المتعلق بمراجعة الوضع النووي عام 2022 إن روسيا والصين تعملان على توسيع وتحديث قواتهما النووية، وستتبع واشنطن نهجاً قائماً على الحد من التسلح لتجنب سباقات التسلح المكلفة، بينما قال بوتين إن لديه معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة تطور أنواعاً جديدة من الأسلحة النووية.
وتعمل روسيا على تحديث أسلحتها النووية، فمنذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 اختبرت دول قليلة فقط الأسلحة النووية، وفقاً لرابطة الحد من التسلح، واختبرت الولايات المتحدة تلك الأسلحة آخر مرة عام 1992، والصين وفرنسا آخر مرة عام 1996، والهند وباكستان عام 1998، وكوريا الشمالية عام 2017، كما أجرى الاتحاد السوفياتي آخر اختبار لتلك الأسلحة عام 1990.
ويعتبر الرئيس الروسي صانع القرار النهائي عندما يتعلق الأمر باستخدام الأسلحة النووية الروسية، الإستراتيجية وغير الإستراتيجية، وفقاً للعقيدة النووية الروسية.
ويحمل الرئيس ما يسمى الحقيبة النووية معه في كل الأوقات، ويعتقد أيضاً أن وزير الدفاع الروسي الحالي سيرجي شويجو، ورئيس الأركان العامة الحالي فاليري جيراسيموف يحملان حقيبتين أخريين.
وتعد هذه الحقيبة أداة اتصال تربط الرئيس بكبار ضباطه العسكريين ومن ثم بالقوات الصاروخية عبر شبكة القيادة والتحكم الإلكترونية شديدة السرية (كازبيك)، ويدعم "كازبيك" نظاماً آخر يعرف باسم "كافكاز".
وأظهرت لقطات بثتها قناة "زفيزدا" التلفزيونية الروسية عام 2019 ما قالت إنه إحدى الحقائب النووية التي كانت مزودة بمجموعة من الأزرار، وظهر في قسم يسمى "الأمر" زران أحدهما أبيض اللون والآخر زر إلغاء أحمر.
ويتم تنشيط الحقيبة بواسطة بطاقة خاصة، بحسب القناة، وإذا اعتقدت روسيا أنها تواجه هجوماً نووياً إستراتيجياً فإن الرئيس يرسل عبر الحقائب أمر إطلاق مباشر إلى قيادة الأركان العامة ووحدات القيادة الاحتياطية التي تحمل رموزاً نووية، وتتسلسل مثل هذه الأوامر بسرعة لأنظمة الاتصالات المختلفة وإلى وحدات القوة الصاروخية الإستراتيجية التي تطلق بعد ذلك على الولايات المتحدة وأوروبا.
وإذا تم تأكيد هجوم نووي فيمكن لبوتين أن ينشط ما يسمى نظام "اليد الميتة" كملاذ أخير، وهي أجهزة الكمبيوتر تقرر ما يسمى "يوم القيامة" ليوجه صاروخ تحكم بإطلاق ضربات نووية من مختلف مستودعات الأسلحة الروسية واسعة النطاق.