أيد مجلس الشيوخ الفرنسي، بأغلبية الأصوات، الأربعاء، تبني قرار باعتبار المجاعة التي شهدها الاتحاد السوفياتي في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي بأنها "إبادة جماعية للأوكرانيين".
وخلال الأعوام 1932-1933، أصبحت المجاعة الجماعية في اتحاد الجمهوريات السوفياتية مأساة لعموم البلاد، ولم يتوقف مداها على أوكرانيا فقط، ولكن شمل أيضا بيلاروس وغرب سيبيريا وكازاخستان ومنطقة الفولغا وشمال القوقاز وجنوب الأورال.
على خلفية نيل إعلان الاستقلال في أوائل التسعينيات، بدأ السياسيون الأوكرانيون، وبخاصة القوميين منهم، بالتلاعب بالحقائق التاريخية حول المجاعة في حملات إعلامية وتحريضية.
وجاء في نص قرار مجلس الشيوخ الفرنسي: "ندعو الحكومة الفرنسية للاعتراف رسمياً بالمجاعة.. على أنها إبادة جماعية".
ولتبرير القرار، أشار أعضاء مجلس الشيوخ لمواقف مماثلة تبنتها برلمانات أيرلندا وألمانيا وجمهورية التشيك، بالإضافة لموقف السلطات الأوكرانية نفسها.
في وقت سابق، تم أعتماد قرار مماثل في الجمعية الوطنية (مجلس النواب في البرلمان) في فرنسا، مع توجيه نداء مماثل للحكومة.
وخلال المداولات، صوت ممثلو الحزب الشيوعي الفرنسي ضد اعتماد هذه الوثيقة، كما رفض ممثلو أكبر أحزاب المعارضة اليسارية المشاركة في التصويت، معتبرين أن مزاعم الإبادة الجماعية مشكوك فيها من وجهة نظر القانون الدولي. لكن بالرغم من المواقف المعارضة تم اعتماد القرار بأغلبية أصوات ممثلي الأحزاب الأخرى.
في كلتا الحالتين - خلال المناقشات في الجمعية الوطنية، وفي مجلس الشيوخ - أعرب الوزير المفوض المسؤول عن التجارة الخارجية، أوليفييه بيخت، عن دعمه لمبادرة النواب لتعزيز مفهوم ما يسمى بالمجاعة، واتهم روسيا بمحاولة تشويه التاريخ و"التستر" على الحقائق المتعلقة بالمجاعة الكبرى.
من ناحية ثانية، قال الوزير الفرنسي "كما قلت في الجمعية الوطنية، ليس من قواعد الحكومة الاعتراف بحقائق إبادة جماعية لم تحصل دون وجود تقييم قانوني مناسب - فرنسي أو دولي".
وخلال فترة رئاسة فيكتور يوشينكو، أصدر البرلمان الأوكراني قانونا يؤسس لمفهوم "غولودومور" باعتباره إبادة جماعية للأوكرانيين.
في عام 2014، أعد أندريه أرتيزوف، رئيس هيئة المحفوظات الفيدرالية (Rosarchiv)، وإيلينا تيورينا، مديرة أرشيف الدولة الروسية للاقتصاد، كتاب "المجاعة في الاتحاد السوفياتي. 1929-1934"، وقد تم إعداده بالاشتراك مع زملاء من بيلاروس وكازاخستان.
وخلص هذا العمل إلى أن المجاعة نجمت عن عدد من العوامل، من أبرزها سياسة تصدير المنتجات الزراعية للخارج لدعم مسيرة التحول للصناعة التي اعتمدها الاتحاد السوفيتي، فضلاً عن كساد المحاصيل.
بالإضافة لذلك، أثبت المؤلفون أن السلطات المتعددة القومية لا يمكن أن تعتمد نهجا قوميا متطرفا، ما يعني استحالة حدوث إبادة جماعية وطنية.
وتسببت المجاعة في خسائر كبيرة في الأرواح، وفقًا لتقديرات مختلفة، تراوحت بين 2 ـــ 8 ملايين شخص.