بلغ الدعم العسكرى الذى قدمته بولندا إلى أوكرانيا 3 مليار يورو، وذلك وسط تصاعد التوتر بينها وبين بيلاروسيا المجاورة، حسبما ذكرت شبكة سكاى نيوز.
ووفق موقع "ديفنيس 24" الأوروبى العسكرى، فإن تلك التطورات تأتى بعد يوم من إعلان واشنطن استعدادها لحماية أراضى بولندا، العضو فى الناتو، حال الهجوم عليها من قبل مقاتلى شركة "فاجنر"، وبعد التهديدات التى أطلقتها بيلاروسيا، لدول البلطيق وعلى رأسها بولندا، ما ينذر بتفاقم الأمور وتوسيع حرب أوكرانيا، وفق مراقبين.
وكانت بولندا نقلت تشكيلات عسكرية من قواتها من غربى البلاد إلى شرقها، كإجراء احترازى لتأمين حدودها، بينما حذّرت روسيا من مساعى وارسو لحشد تحالف تحت مظلة الناتو والتدخل المباشر فى أوكرانيا للاستيلاء على مناطقها الغربية.
بدوره قال خبير عسكرى روسى لموقع "سكاى نيوز"، إن بولندا تسعى إلى تقسيم أوكرانيا إلى ما حدود ما قبل الحرب العالمية الثانية، بينما رد آخر أوكرانى بأن "موسكو تسوّق" دعاية عسكرية لإيجاد مبرّر للتدخل فى بولندا وتوسيع الحرب.
وطلب الرئيس البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو، يوم الأحد، من نظيره الروسي، بحث إمكانية دعم سكان غرب أوكرانيا، كما أطلعه على ما وصفته وسائل إعلام روسية بـ"خريطة الجحيم".
قال لوكاشينكو إن "خطط تقطيع أوصال أوكرانيا وفصل الجزء الغربى عنها من قبل وارسو، سيناريو غير مقبول"، مهددا بالتدخل العسكرى المباشر.
أضاف: "نرفض سلخ أراضى غرب أوكرانيا وتسليمها لبولندا، لأن حينها سنتعرض لتهديد عسكرى من دول البلطيق وبولندا والغرب، وسندافع عن أنفسنا"، وفق وكالة "تاس" الروسية.
أما بوتين، فحذّر مما وصفه بـ"مساعى بولندا لحشد تحالف تحت مظلة الناتو" والتدخل المباشر فى أوكرانيا للاستيلاء على مناطقها الغربية.
أضاف أن "بولندا حصلت بعد الحرب العالمية الثانية على أراضٍ كبيرة فى الغرب بفضل ستالين، لكن إذا نسيت ذلك، فإن روسيا تذكّرها".
وفق وكالة" نوفوستي" الروسية، كلّف بوتين جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، بمراقبة خطط بولندا حول أوكرانيا.
على الصعيد ذاته، كشف الرئيس البيلاروسي، عما وصفته موسكو بـ"خريطة الجحيم" بشأن نقل قوات بولندية إلى حدود روسيا وبيلاروسيا، تلخصت فى الآتى:
إحدى الألوية البولندية تتمركز على بعد 40 كيلومترا من مدينة بريست غربى بيلاروسيا.
لواء آخر ينتشر على مسافة نحو 100 كيلومتر من مدينة غرودنو.
الكثير من المرتزقة وعناصر من القوات الاحتياطية الاستراتيجية البولندية يشاركون فى حرب أوكرانيا ضد القوات الروسية.
قال لوكاشينكو إن "هذه السياسة الطائشة المتمثلة بإلقاء الأغرار والمرتزقة فى الجحيم ستوصلهم إلى طريق مسدود".
فى أوائل يوليو الجاري، قرّر الجيش البولندى نقل 1000 عسكرى وما يقارب 200 قطعة من المعدات من اللواءين الميكانيكيين الثانى عشر والسابع عشر إلى الجزء الشرقى من البلاد.
يقول الخبير العسكرى الروسى فلاديمير إيجور، لموقع "سكاى نيوز"، إن الغرب لن يجازف بأمنه بالتدخل فى بيلاروسيا فى هذا التوقيت فى ظل الحرب الأوكرانية، لكن هناك مخاوف من تدخل بولندا ودول البطليق فى أوكرانيا، ويضيف:
مساعدات بولندا لأوكرانيا ليس هدفها حفظ سلامة وأمن كييف، بل استمرار تحريضها على روسيا لاستمرار الحرب وإدامة إراقة الدماء.
بولندا تزج بأوكرانيا فى مسار الدولة الفاشلة التى تكون غير قادرة على فرض سيادتها على أراضيها بهدف تحقيق أطماعها بقضم الأراضى الأوكرانية.
بولندا لم تنسَ المجازر التى ارتكبها حيالها القوميون الأوكرانيون فى عام 1942 حتى عام 1945 كجماعة "بانديرا" المتشددة وتريد الثأر لشعبها.
بعد فشل الهجوم الأوكرانى المضاد، تبحث الولايات المتحدة عن دولة أخرى للتضحية بها ككبش فداء إن انهارات أوكرانيا.
أما الخبير العسكرى الأوكرانى أوليكسى ستيبانوف، فيقول لموقع "سكاى نيوز"، إن "تذكير بوتن بعهد ستالين هو استرجاع للماضى السوفيتى الذى لا يفيد فى الوقت الحاضر".
الحديث الروسى عن أطماع بولندا فى أوكرانيا وتقسيمها هو دعاية حربية، لأن حدود البلدين أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية ومعترف بها دوليا، ولا يمكن تغييرها إلا باتفاق البلدان المعنية على غرار سيناريو السودان ودارفور.
التهويل الروسى عن محاولة بولندا قضم الأراضى الأوكرانية بدأ منذ بداية اندلاع الحرب بأوكرانيا وليس له أساس من الصحة.
بيلاروسيا هى جزء من روسيا، وموسكو تعتبرها حديقة خلفية لها ووضعت بها صواريخ تكتيكية نووية، كما أن بوتين يستخدم وارسو لبعث رسالة للغرب بأنه يستطيع محاربته من بيلاروسيا وتوسيع النزاع الأوكراني.
أما الخبير البريطانى مايكل كلارك، فيقول عن "خارطة الجحيم" التى عرضها الرئيس البيلاورسى لصد أى تحرك عسكرى بولندى محتمل، إن "البنتاغون ليس جاهزا لفتح جبهة أخرى فى اتجاه بولندا"، ويقول:
ما يحدث ما هو إلا مناورات عسكرية سياسية فى محاولة تصوير أن بولندا قادرة على السيطرة على بيلاروسيا.
وارسو قادرة على الدفاع عن نفسها، وليس من مصلحة الغرب حاليا فتح جبهة حرب جديدة.
خسائر الجيش الأوكرانى حتى الآن تقلق حلف الناتو بشأن احتمال اقتراب الجيش الروسى من حدود بولندا.