في البدء كان العراق، والآن ليبيا، وكأنه سيناريو تتكرر مشاهده وفصوله، ليفضح المخطط الغربي، لتقسيم دول المنطقة، وإفشاء الفوضى فيها، تمهيدًا لما يمكن أن يطلق عليه "سايكس بيكو" جديد، لتعيد رسم الخريطة العربية مرة أخرى.
المخطط الغربي، كشف عن بعض حلقاته انتقاد تقرير بريطاني صادر عن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني بل واتهم رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون بالوقوف وراء تدمير ليبيا، وانتشار تنظيم داعش الإرهابي فيها، عبر التدخل العسكري للإطاحة بنظام الرئيس الراحل العقيد معمر القذافي، عام 2011 استنادًا إلى معلومات مخابراتية خاطئة ما عجل بانهيار ليبيا على جميع الصعد والميادين وخاصة السياسية والاقتصادية.
التقرير البريطاني الذي صدر، اليوم الأربعاء، أكد أن كاميرون الذي تولى رئاسة وزراء البلاد خلال الفترة الممتدة من 2010 إلى يوليو الماضي 2016، لعب دورًا وصفه بالحاسم في قرار التدخل العسكري بليبيا، عبر اعتماده على تحليل جزئي للأدلة، داعياً إلى وجوب تحميله المسؤولية الكاملة عن دور بريطانيا فيما تعانيه الآن ليبيا من أزمات.
كريسبين بلانت رئيس اللجنة التي أعدت التقرير البريطاني، قال إن تصرفات بريطانيا في ليبيا جزء من تدخل لم يكن نتيجة تفكير سليم ولا تزال نتائجه تظهر اليوم، وأن السياسة البريطانية في ليبيا قبل وأثناء التدخل في مارس 2011، تأسست على افتراضات خاطئة وفهم ناقص للبلاد هناك، كريسبين بلانت أدلى بشهادته الخطيرة هذه والتي تدين إلى حد بعيد رئيس الوزراء السابق على الرغم من كونه عضوًا في حزب المحافظين الذي ينتمي إليه كاميرون.
تقرير لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، حمل رئيس الوزاء السابق ديفيد كاميرون مسؤولية الفوضى التي حدثت في ليبيا نتيجة التدخل العسكري الغربي هناك، والإطاحة بالنظام القائم وقتها برئاسة معمر القذافي، مستشهدًا بتأكيدات كاميرون السابقة أمام البرلمان وقتها عند طلب تفويض التدخل عسكرياً في ليبيا، بعدم سعيه إلى إجراء تغيير في النظام الحاكم هناك، قبل أن يعود بعد ذلك ويوقع على بيان مشترك مع الرئيسين الأمريكي والفرنسي يدعو إلى الإطاحة بالقذافي من سدة الحكم.
التقرير البريطاني أشار إلى أن حكومة كاميرون أخذت بشكل انتقائي وسطحي بعضًا من عناصر خطاب القذافي، فيما فشلت في تحديد حجم الفصائل المسلحة في البلاد، مشددًا على أن الحكومة البريطانية كان عليها السعي إلى البحث عن حل سياسي يحمي المدنيين، مثل إصلاح النظام أو تغييره بكلفة أقل مما تكبدته، عوضًا عن التدخل العسكري.
التقرير لفت إلى أن عواقب تصرفات كاميرون أدت إلى حدوث فوضى وفشل سياسي واقتصادي في ليبيا واندلاع حروب بين القبائل والجماعات المسلحة هناك، ناهيك عن انتشار التعديات على حقوق الإنسان وإزدياد دور تنظيم داعش الإرهابي ليس في ليبيا فقط بل تعدى حدودها الجغرافية إلى جميع دول شمال أفريقيا.
تقرير لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، اعتمد في نتائجه على استجوابات جميع أصحاب القرار الذين كانوا على صلة بالعمليات العسكرية حينذاك، مثل وزير الدفاع الأسبق ليام فوكس ووزير الخارجية السابق وليام هيج ورئيس الوزراء الأسبق توني بلير، فيما رفض ديفيد كاميرون المشاركة في الاستجوابات، بحجة ازدحام جدول أعماله.
ما حدث في الحالة الليبية شبيه إلى حد كبير، بنظيرتها العراقية، حيث أكد رئيس لجنة التحقيق البريطانية في حرب العراق السير "جون تشيلكوت" في تقريره الصادر في السادس من يوليو السابق أن قرار غزو العراق لم يكن صائبًا، ولم يحقق الأهداف التي أعلنتها الحكومة وقتها، مشيرًا إلى أنه بني على أخطاء عديدة في التقدير.
هذا وقد قادت كل من بريطانيا وفرنسا جهودًا دولية للإطاحة بمعمر القذافي في مطلع 2011، مستخدمتا الطائرات المقاتلة ضد قواته والسماح لمقاتلي المعارضة بالإطاحة به.