ورد فى حيثيات جائزة الملك فيصل العالمية، التى نالها الشيخ جاد الحق على جاد الحق، فى عام 1995، قبل رحيله بعام، أن العالم الكبير خدم الدين والعلم، فى كل منصب تقلده قاضيا ومفتيا ووزيرا ثم شيخا للأزهر، ولم تتوقف الحيثيات، عند هذا الحد وإنما تناولت جهوده وحرصه المستمر على تأكيد الروابط بين المجتمعات الإسلامية فى مختلف الأقطار، قادة وشعوبا، والدعوة الدائمة لتحسين أوضاع الأقليات المسلمة فى البلدان غير الإسلامية، روحيا وفكريا وماديا، إلى جانب اهتمامه بالبحوث فى مختلف أصول الدين وفروعه والمعارف الإسلامية.
وعلى الرغم من حصول الشيخ جاد الحق على وشاح النيل، بمناسبة العيد الألفى للأزهر الشريف، ووسام الكفاءة الفكرية والعلوم من الدرجة الممتازة من جلالة الملك الحسن الثانى، ملك المغرب، فإن جائزة الملك فيصل، بقواعدها وحيثياتها، جاءت بمثابة تتويج لرحلة كبيرة علمية وعملية، بدأت بالتحاق الشيخ جاد الحق بالقضاء الشرعى سنة ١٩٤٧، مرورا بأمانة الفتوى، ومستشارا بمحاكم الاستئناف، ومفتيا للديار المصرية، التى شهدت فى عهده نشاطا ملحوظا، وفى عام 1982 عين وزيرا للأوقاف، وبعد فترة وجيزة لم تتجاوز 3 أشهر صدر قرار بتوليه شيخا للأزهر لحمل رقم 42 فى قائمة حراس قلعة الإسلام الوسطى، وفى ١٩٨٨م اختير ليكون رئيسا للمجلس الإسلامى العالمى للدعوة والإغاثة.
إلى جانب الإنتاج الفكرى، الذى تركه الشيخ جاد الحق على جاد الحق، ممثلا فى مجموعة من المؤلفات منها «الفقه الإسلامى مرونته وتطوره، وبحوث وفتاوى إسلامية فى قضايا معاصرة، وهى مجموعة من البحوث مكونة من 4 أجزاء، ورسالة فى الاجتهاد وشروطه، ورسالة القضاء فى الإسلام»، عمل على التوسع فى استقبال الطلبة الوافدين من مختلف الدول الإسلامية وغيرها من الدول للدراسة فى الأزهر، وكانت وجهة نظر الشيخ، أنه إذا تعلم هؤلاء الطلاب كما ينبغى سيكونون سفراء للإسلام بالدراسة، وسفراء لمصر بالإقامة.
ونظرا لعدم تمكن عدد كبير من الطلبة من القدوم إلى مصر والدراسة فى الأزهر، بسبب بعض الظروف الخاصة بهم قرر الشيخ جاد الحق إنشاء معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر فى تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب إفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالديف وجزر القمر.
شهدت الفترة التى تولى فيها الشيخ جاد الحق، الأزهر الشريف، ظاهرة ما يعرف بشركات توظيف الأموال، ودخول جماعات الإسلام السياسى على هذا الخط قبل أن يكتشف المجتمع المصرى، مؤخرا، أن هؤلاء ما هم إلا مجموعة من المرتزقة وتجار الدين، حيث أطلقت تلك الجماعات العديد من الشائعات حول فوائد شهادات الاستثمار التى أصدرتها البنوك الحكومية، وزعموا أنها ربا، يومها تصدى الشيخ جاد الحق لهذه المزاعم وقال: التعبير بلفظ فائدة يخالف الحقيقة، والصحيح أنه عائد ممنوح من الحكومة فى معاملة مشروعة معها، وبالفعل تغير اللفظ من فائدة إلى عائد.