"شاركت المرأة الرجل منذ أقدم العصور فى العمل، وأخذت بضلع فى كل ما يتعلق بالحياة القبلية وحياة الأسرة، وكانت من العوامل الأولية فى انتشار جماعات الإنسان فى بقاع من الأرض، لولا فضلها فى العمل، وتدبريها شئون الأسرة، لتعذر على الرجل وحده أن يدب فيها أو يكشف عنها" هكذا يصف إسماعيل مظهر دور المرأة فى كتابه "المرأة فى عصر الديمقراطية.. بحث حر فى تأييد حقوق المرأة"، الصادر عن قصور الثقافة والذى كتبه فى منتصف القرن العشرين.
ويتابع "مظهر" كانت المرأة للرجل ولا شك سلاحا من أمضى أسلحته، ودرعا من أقوى دروعه، وحافزا من أولى حوافزه، وكفاها أن تكون أول من أنشأ فلاحة الأرض، وأول من اكتشف كيف تنبت الحبة فتثمر فى أزمان دورية، فكان هذا بداية الحضارة الزراعية فى العالم القديم، وأساسها الأول فى العالم الحديث، ولا ريبة فى أن اكتشاف النار، ووضع أصول الزراعة، سببان لولاهما ما نشأت المدنيات التى استقرت، أول ما استقرت، على شواطئ الأنهار العظمى.
ويضيف إسماعيل مظهر أنه لم يصلنا من تاريخ المرأة الاجتماعى فى العصر المصرى القديم شيئًا يتيح لنا البحث فى شئونها بحيث نحدد مكانتها فى ذلك المجتمع تحديدا يرضى التاريخ الصحيح، ولكن يكفى أن نعرف أنها بلغت من المكانة فى ذلك المجتمع ما لم نر له مثيلا فى الحضارتين اليونانية والرومانية؛ فقد بلغت فى مصر القديمة مرتبة الملك، وكفى بذلك دليلا على أنها بلغت فى مصر وفى فجر التاريخ البشرى منزلة السلطة العليا فى دولة استبدادية لا أثر للديمقراطية فيها.
ويقرأ "مظهر" التاريخ الغربى وموقفه من المرأة ويتوقف عند الفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو ورأيه عن المرأة حيث يقول "خلقت المرأة لتكون ملهاة للرجل" بل إن "روسو" ذهب فى تقييد المرأة إلى أبعد من ذلك، ذهب إلى وجوب تقييدها دينيٍّا، فلم يجعل لها حق اختيار العقيدة التى تتصل من طريقها ببارئها، وقضى بوجوب أن لا يكون لها دين غير دين زوجها.
ويرى إسماعيل مظهر أن المرأة ظلت مظلومة فى التاريخ الغربى فترات طويلة حتى أن "بايلى" عندما نشر كتابه "التمثيل السياسى" ١٨٣٥، أحدث ضجة فى عصره حيث أيد فيه نظرية حق المرأة فى التصويت العام.
وذهب الكتاب إلى أن الإنجليز لم يبلغوا إلى ما وصل إليه الإسلام من حيث حق المرأة فى حضانة أولادها إلا سنة ١٨٨٦، إذ صدر قانون جعل لها الحق الطبيعى فى حضانة أولادها بعد موت زوجها، أما سلطة الرجل حال حياته فلم يمسسها هذا القانون، ولا تعرض لها بشىء.
ويوضح الكتاب فضل الإسلام على المرأة قائلا "جاء الإسلام بشرائع أقرت كثيرا من الحقوق التى أنكرتها الشرائع التى سبقته على المرأة؛ أقر لها حق الملك وحق الحياة، وعاملها على أنها كائن عاقل رشيد، بقدر ما سمحت بذلك مقتضيات الرقى الاجتماعي، بل إن الإسلام فات فى بعض ما شرع للمرأة من الحقوق تلك المقتضيات بمراحل كبيرة فى بعض الاعتبارات".
ويضيف الكتاب "لم تكن المرأة عند أكثر الشعوب قبل الإسلام شيئًا يذكر، كانت الملك الذى يتصرف فيه المالك كيف يشاء، تباع وتشترى وتورث مع ما يورث الحطام، لم يعترف بها بحياة خاصة، بل إن حياتها كانت بالتبعية لحياة الرجل، فلما جاء الإسلام رفعها وأيدها وأخذ بيدها، فاعتبرها نصف إنسان، فشهادة امرأتىن بشهادة رجل، ونصيب الرجل فى الميراث بنصيب امرأتين، وكان ذلك طفرة فى العصر الذى جاء فيه الإسلام.