سوريا ومشكلاتها والحرب فى أرضها قضية مطروحة بشكل دائم على رأس القضايا السياسية العالمية، والكاتبة السورية سمر يزبك قدمت كتابا جديدا عن بلدها يحمل عنوان "الممر.. رحلتى لسوريا تحطم القلب"، ويعد الكتاب بمثابة شاهد عيان على الفوضى التى تكشف مدى البؤس الذى تعيشه سوريا بالوقت الحالى، ومحاولة لإعادة النظر بشجاعة لوطنها وظروفه المتردية.
وكتاب "الممر" مرشح لنيل جائزة أورويل البريطانية لعام 2016، ومعه 12 كتبا تتناول مختلف القضايا السياسية الدولية ومنها ما يتعلق بالعراق وسوريا وغيرها من الدول التى تعانى من أزمات فى الفترة الأخيرة.
ويقدم كتاب "الممر" وجهة نظر مختلفة فالكتاب يمثل تجديدا فى الكتب التى تتناول هذه الأزمة حيث تسعى "يزبك" إلى محاولة إيصال فكرة الأمل فرغم التدمير والخراب الذى تشهده سوريا، ما زال يمكن الحلم بالخروج من هذه الأزمة.
وتؤكد "يزبك" فى كتابها أن ظهور نظام تنظيم داعش الإرهابى جاء نتيجة طبيعية لوحشية نظام بشار الأسد، ودافعت عن الجيش السورى الحر ووصفته بأنه كان قويا فى مرحلة تأسيسه، لكنه لم يلق الدعم الكامل من المجتمع الدولى، وبعد ظهور داعش صارت سوريا نقطة جذب للمتطرفين من كافة أنحاء العالم.
كما ألقى الكتاب الضوء على المتظاهرين الأبرياء الذين طمحوا فى التغيير إلى الأفضل عن طريق الديمقراطية، كما أنها كشفت حياة سكان سوريا بين الحدود التركية السورية والشريط الساحلى السورى، وأيضا رصد العديد من رحلات السوريين السرية الخطرة شمال البلاد من أجل الفرار من الحرب.
ويلاحظ أن الكتاب ليس مجرد ريبورتاج أو تحليل سياسى، بل يطرح العديد من التساؤلات التى منها من مد المتطرفين بالمال والسلاح، وأيضا تكشف عن المسئول عن سيطرة داعش على نصف الأراضى السورية بشكل كبير، كما أنها وجهت اتهاما للمجتمع الدولى الذى يتحمل مسئولية سرقة الثورة بسبب صمته على الأوضاع التى تحدث فى سوريا.
وتحاول سمر يزبك أن ترصد لقطات رائعة عن الجنود السوريين الباسلين خلال الأربع سنوات الماضية، وأيضا عن الأطفال والرجال والنساء العاديين ومحاولتهم للبقاء على قيد الحياة، فهناك بعض من القصص الوحشية التى يصعب تحملها لكنها تعطى بعض اللمسات الإنسانية، عن طريق كيف يعيش الناس تحت أنظار القناصين، وكيف يتعامل الأطفال اللاجئين فى البلدان المجاورة.
ومن بين القصص التى تناولتها "يزبك" فى كتابها "الممر" قصة شاب رفض اغتصاب فتاة بناء على أوامر من كبار الضباط، فمن بعدها إطلاق النار على أعضائه التناسلية وبعد ذلك دخل فى عقوبة عسكرية.
وتمكنت الكاتبة الصحفية السورية سمر يزبك، من إعادة اكتشاف نفسها ككاتبة، حيث إنها وثقت ثورة سوريا، وتحاول الاستفادة من دورها كأديبة، فصاغت الكتاب فى شكل أدبى لذا يعد الكتاب بمثابة وثيقة تاريخية سياسية مهمة وعمل أدبى مهم.